كشف تفجير انتحاري في
السعودية التي تواصل حربها ضد المقاتلين
الشيعة في اليمن عن فشل المملكة في كبح النزعة الطائفية على الصعيد الداخلي، وأثار المخاوف من أن تزداد مثل هذه التوترات سوء.
ويحاول تنظيم الدولة الذي أعلن مسؤوليته عن هجوم الجمعة الماضي على مسجد شيعي إثارة مواجهة طائفية كوسيلة للتعجيل بالإطاحة بعائلة آل سعود الحاكمة ويدرك احتمالات الحرب نتيجة إثارة مواجهة شيعية سنية.
ويهدد الأمر استقرار السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم وحليفة الولايات المتحدة التي نجت من اضطرابات الربيع العربي التي تمزق العراق وسوريا وليبيا.
وتجنبت السلطات السعودية استخدام مصطلحات طائفية صريحة لوصف الحوثيين حلفاء إيران المنتمين للطائفة الزيدية، لكن كثيرا من الصحفيين ورجال الدين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يظهروا مثل هذا القدر من ضبط النفس.
وأدان العاهل السعودي الملك سلمان الهجوم على المسجد وقال "لقد فجعنا جميعا بالجريمة النكراء" وتوجه ولي العهد الأمير محمد بن نايف إلى المنطقة الشرقية بصحبة مفتي المملكة لتقديم التعازي.
وتعهد الملك سلمان أيضا بتقديم المسؤولين عن التفجير والمتعاطفين معه إلى العدالة.
لكن محللين يقولون إن السعودية وبعض دول الخليج العربية الأخرى لم تفعل شيئا يذكر لقمع بث الكراهية عبر الانترنت، وهو ما يقول الشيعة الذين يمثلون أقلية إنه يوفر أرضا خصبة للعنف ضدهم.
وترتبط الهوية الوطنية في السعودية بشدة بالمذهب الوهابي الذي يعتبر المذهب الشيعي بدعة ويثير بعض كبار رجال الدين الوهابيين الشكوك علنا في بعض الأحيان في كون الشيعة مسلمين فعلا.
وزادت حدة لغة الكراهية أثناء حملة اليمن التي بدأت بعدما استولى الحوثيون على كثير من أجزاء البلاد في أيلول سبتمبر الماضي فيما تراه الرياض توسيعا لنفوذ إيران الشيعية على أراض عربية سنية.
مخاوف من إيران
وبعد الهجوم على المسجد يمكن أن يزيد توتر العلاقات الطائفية. وتود السلطات السعودية تثبيط العنف على أرضها لكن توجد حدود لمدى قدرتهم على كبح الخطاب المناهض للشيعة بالنظر للمخاوف التي أثارها تزايد نفوذ إيران.
وقال المفكر السعودي توفيق السيف "هناك من يريد شق المجتمع السعودي على أساس طائفي."
وأضاف أن التفجير وهو ثاني هجوم كبير ضد الشيعة في ستة أشهر "يعيد الشعور بالخوف بأننا لسنا أمام حوادث معزولة."
وقال المحلل الكويتي غانم النجار إن "الحادث يأتي في إطار سياق غض الطرف عن خطاب الكراهية الذي يحدث في كل دول المنطقة." وأضاف "خطاب الكراهية يشكل حاضنة لهذه الأمور (العنف)." واتفق مع هذا الرأي توبي ماتيسن وهو زميل بمركز الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في جامعة كمبردج.
وقال ماتيسن في إشارة إلى إطلاق النار الذي قتل سبعة شيعة في نوفمبر تشرين الثاني "بعد هجوم العام الماضي في الأحساء كان يوجد كثير من المشاعر الإيجابية من كثير من السعوديين من أنحاء المملكة الذين نبذوا الهجوم."
وأضاف "شهدنا أيضا كثيرا من الاستنكار هذه المرة لكن في نفس الوقت شهدنا بعض الاستحسان للهجوم. لذلك أعتقد أن الهجوم هذه المرة سيعمق الانقسامات وخاصة أنه يأتي في أعقاب حرب اليمن."
وقال الكاتب الصحفي السعودي خالد المعينا إن من نفذوا هجوم القديح كانوا مدفوعين "بفكر مجنون بثه رجال دين نصبوا أنفسهم بأنفسهم."
وأضاف في عمود الأحد "ظللنا صامتين أطول مما ينبغي وهم يستخدمون المساجد ووسائل الإعلام وكل أشكال الاتصال الأخرى لنشر فلسفتهم الشريرة."
وتابع "لم نفعل أي شيء وتابعنا (الوضع) صامتين بينما بعض الأئمة يبثون الكراهية وينشرون الأكاذيب عن مسلمين من الطوائف الأخرى."
الشريعة الإسلامية
يشكو الشيعة من أن بعض رجال الدين السنة الذين يتابعهم مئات الألوف عبر الأنترنت يهاجمون بانتظام أبناء الطائفة التي تمثل أقلية على أنهم مرتدون وروافض وصفويون في إشارة إلى سلالة فارسية حاكمة من القرن السادس عشر أدخلت المذهب الشيعي إلى ما أصبح الآن إيران.
ويقول محللون إن الخطاب الطائفي تصاعد منذ بدأت في 26 آذار/ مارس الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين.
وقال وليد سوليس الباحث في مركز العدالة لحقوق الإنسان بالسعودية وهو شيعي "مرادفات اليوم لكلمة شيعية تأتي من مثل صفوية ورافضة .. مصطلحات أعداء وخونة تعطي مبررا طبيعيا لاستهداف الشيعة."
ودعا البعض إلى القبض على شخصيات شيعية بارزة في السعودية، في حين أطلق آخرون ما وصفوه بأنه "عاصفة الحذف" لوقف بث محطات التلفزيون الشيعية.
وقال محسن العواجي وهو نشط سني بارز إن الحملة التي تقودها السعودية في اليمن قلصت التوترات الطائفية إذا ما كان لها أثر في هذا الشأن، وإن الشيعة في الخليج لا يتعرضون للاستهداف. ورغم ذلك فهناك حدود للتسامح.
وقال "طبعا عندما تلاحظ أن بعض العينات ترفع صور مرشد إيران أو حزب الله في (المنطقة) الشرقية لا يمكن السكوت على ذلك."
وخطاب الكراهية ليس حكرا على رجال الدين السنة المؤيدين للرياض.
وفي كلمة قبل أسبوع من هجوم القديح وصف زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي آل سعود بأنهم "كلاب حراسة" للغرب واسرائيل. واعتبر أن أعداء الدولة الإسلامية ومنهم الشيعة "حلفاء للشيطان".
وقال مهنا السيف إنه نادرا ما تصدر عن مسؤولين سعوديين كبار بادرات علنية تجاه الشيعة تبعث برسالة واضحة إلى الأغلبية السنية المهيمنة بأن استهداف طائفة الأقلية غير مقبول.
وأضاف أن أحد الطرق الأكيدة لإرسال مثل هذه الرسالة إلى المتشددين يتمثل في إصدار قوانين تحمي "الوحدة الوطنية" وتجرم خطاب الكراهية.
وقال السيف "أظن أن مكافحة وتفكيك البيئة الحاضنة للإرهاب هو المفيد على المدى الطويل. ينبغي على الحكومة أن تتجه للمعالجات السياسية والقانونية.. (بما في ذلك) قانون حماية الوحدة الوطنية وتجريم الكراهية."
وتابع "لم نفعل أي شيء وتابعنا (الوضع) صامتين بينما بعض الأئمة يبثون الكراهية وينشرون الأكاذيب عن مسلمين من الطوائف الأخرى."
ا