نشرت صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول عدم جدية الجيش السوري في مقاومة
تنظيم الدولة، ومنعه من دخول
تدمر "لؤلؤة الصحراء"، رغم الأهمية العسكرية والرمزية التي تحملها هذه المدينة.
وذكرت الصحيفة في تقريرها الذي اطلعت عليه "
عربي21" عدة أسباب "قد تبرر هذا
الانسحاب المفاجئ"، من بينها أن الرئيس "بشار" قرر ترك المواقع الأثرية القيمة تواجه خطر التدمير على يد عناصر تنظيم الدولة، ليظهر للعالم أن سقوطه يعني صعود من هم أسوأ منه.
وقالت إن سقوط مدينة "الألف عمود" بأيدي مقاتلي تنظيم الدولة؛ جاء ليُضاف إلى النجاحات العسكرية التي حققها التنظيم مؤخرا في العراق بعد سيطرته على
الرمادي، ويؤكد الانتعاش الذي يتمتع به هذا التنظيم، "فرغم الانتكاسات الجزئية التي عرفتها في الفترة الأخيرة؛ فإن جماعة أبي بكر البغدادي لا تزال في أوج قوتها، سواء في شرق أو وسط
سوريا، وأيضا في غرب وشمال العراق".
وبحسب الصحيفة؛ فإن تدمر تعتبر "لؤلؤة الصحراء" ومن بين أهم مراكز التراث الإنساني، وهي أيضا موقع استراتيجي هام على الطريق إلى دمشق من الجانب الشرقي، "والسيطرة على هذه المدينة تزيد من محاصرة مداخل العاصمة دمشق؛ معقل
بشار الأسد، في الوقت الذي يسعى فيه الجيش جاهدا، بمساعدة حزب الله، إلى تأمين المداخل الشمالية لدمشق؛ لأن هذه المداخل الحيوية تعد الأكثر أهمية بالنسبة للنظام السوري؛ لأنها طريقه للوصول إلى الملاذ المتمثل في جبال العلويين والساحل".
واعتبرت الصحيفة أنه إذا كان بشار الأسد ينوي الاكتفاء بالتمترس في دمشق، وهو الاحتمال الذي على ما يبدو بدأت طهران تنظر إليه بكل جدية؛ فعليه الحفاظ على التواصل الجغرافي بين العاصمة والشمال الغربي. ولتحقيق ذلك يجب عليه السيطرة الكاملة على الطريق الشمالي، وبالتالي انحصرت الأهمية الشديدة بالنسبة للنظام السوري في السيطرة على منطقة حمص، ومن ناحية أخرى السيطرة على مرتفعات القلمون.
وتابعت: "لهذا السبب بالذات، ونظرا لندرة الموارد التي بقيت متاحة لدى النظام السوري، ما يفرض عليه إعادة تحديد أولوياته الاستراتيجية؛ فإنه لم يُظهر النظام مقاومة جدية لمنع تنظيم الدولة من دخول تدمر".
وأضافت: "بالنسبة للنظام السوري، ولإيران وحزب الله؛ تندرج المناطق الشرقية والشمالية في سوريا، منذ مدة، ضمن المناطق التي ضاعت إلى الأبد. فما الفائدة من استنفاد النظام قوته في محاولة لإبقاء المدينة تحت سيطرته، خاصة وأن أهميتها العسكرية الحقيقية ستكون في سياق استراتيجية استعادة الأراضي السورية بأكملها، ما يُعد حاليا أمرا بعيد المنال".
وأشارت الصحيفة إلى فرضية وجود سبب آخر أكثر مكرا، وبطبيعة الحال، ذي أهمية سياسية بالغة، دفع النظام السوري إلى عدم مقاومة تنظيم الدولة لمنعه من دخول تدمر. وبالرغم من غياب الأدلة الواضحة على مثل هذه الفرضية، فإنها أكدت أن طبيعة وأساليب النظام السوري تجعل كل شيء ممكنا وغير مستغرب.
وقالت إن ما جرى في تدمر؛ جعل جيش النظام السوري يظهر أمام الملايين، وربما المليارات من المتفرجين، وكأنه جيش وديع، وأنه الحصن المتحضر الأخير في مواجهة بربرية تنظيم الدولة.. "علما بأن هذا النظام، ولمدة سنوات عديدة، بذل كل ما في وسعه لقمع مواطنيه بكل بربرية، وعندما تسنى له ذلك؛ قام بقمع الشعوب المجاورة أيضا، ولكن رغم كل ذلك فإنه سيكون من السهل تخيل المكانة التي سيحظى بها بشار الأسد أمام الرأي العام الدولي في صورة ما قام به تنظيم الدولة من نهب للكنوز الأثرية في المدينة. وبالتأكيد فإن هذا التخمين لم يكن غائبا عن النظام السوري".
وفي الختام؛ أكدت الصحيفة أن الانصياع نحو هذه الدعاية التي يسعى بشار الأسد لنشرها يعد خطأ جسيما، "وكما أشار دبلوماسي فرنسي في بيروت، منذ أكثر من عام، فإن المعادلة في سوريا ليست (بشارًا أو الجهاديين) ولكنها في الواقع (بشار والجهاديون)".