تلقى نظام الانقلاب بمصر صفعة دبلوماسية جديدة أوقعته في حرج بالغ بعدما أعلن رئيس
البرلمان الألماني رفضه مقابلة قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي عندما يزور برلين الشهر المقبل.
وأوضح نوربرت لامرت - في بيان أصدره البرلمان الألماني الأربعاء - إلغاء لقاء كان مقررا له مع السيسي، معللا ذلك بالانتهاكات الخطيرة التي تشهدها
مصر لحقوق الإنسان بحق المعارضين السياسيين وأحكام الإعدام الجماعية.
ويقول مراقبون إن السيسي يخشى من أن يشجع هذا القرار مؤسسات دولية أخرى على تكرار ذات الموقف بما يؤدي في النهاية إلى مزيد من العزلة الدولية للحكومة المصرية، كما أن هذا الموقف سلط مزيدا من الضوء على الوضع الإنساني المتهور في مصر وأظهر السيسي في صورته الحقيقية كديكتاتور قمعي رغم محاولاته المتعددة لتقديم نفسه للغرب كمدافع عن المدنية والحرية في وجه الإرهابيين والمتطرفين.
لا مجال للحوار مع السيسي
وقال لامرت، في حوار مع قناة "دويتشه فيله" الألمانية، إن مصر تشهد منذ أشهر طويلة تصعيدا في قمع المعارضة، مشيرا إلى أنه منذ التغيير الذي حدث في السلطة قبل عامين، تم حل البرلمان المنتخب وطرد رئيسه من منصبه واعتقاله بجانب 40 ألف شخص لأسباب سياسية، كما أنه تم قتل أكثر من ألف شخص أثناء المظاهرات السلمية.
وأعرب رئيس البرلمان الألماني عن استيائه من إصدار المئات من أحكام الإعدام بعد محاكمات صورية بحق المعارضين، بينهم منافسون سياسيون تم انتخابهم من أغلبية الشعب، مؤكدا أنه "لا يوجد مجال للحوار بين رئيس برلمان منتخب ورئيس لم يتم انتخابه بشكل ديمقراطي، ولا يوجد لديه أي رغبة لإحداث تطور ديمقراطي في بلاده".
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد أحالت السبت الماضي أوراق الرئيس محمد مرسي وأكثر من مائة شخص من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، إلى المفتي تمهيدا لإعدامهم وهو ما أثار انتقادات دولية هائلة.
"يتحرقوا بجاز"
وفي محاولة يائسة لحفظ ماء وجه النظام المصري، قال محمد حجازي السفير المصري ببرلين، إن حكومته لم تطلب لقاء رئيس البرلمان الألماني من الأساس، مؤكدا أن حكومة برلين هي من أضافت الاجتماع معه لبرنامج الزيارة.
ونشرت صفحة وزارة الخارجية على "فيسبوك" أن الوزير سامح شكري أجرى الأربعاء اتصالا هاتفيا مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، تناول ترتيبات زيارة السيسي المرتقبة إلي ألمانيا، فيما قال مراقبون إن الاتصال كان الهدف منه استكشاف إمكانية قيام السيسي بالزيارة بعد صفعة لامرت.
لكن ذلك لم يفلح في تخفيف حدة الغضب الإعلامي جراء الصورة السيئة التي ظهر عليها السيسي أمام العالم، فطالب الإعلامي أحمد موسى المؤيد للانقلاب، السيسي - بانفعال بالغ - بعدم السفر إلى ألمانيا وإلغاء زيارته بعد موقف البرلمان الألماني الأخير الذي سبب إحراجا بالغا لمصر، على حد قوله.
وأضاف موسى: "إحنا اللي مش عايزين نروح عندهم لأنهم يتدخلون في شؤونا الداخلية وخليهم يتحرقوا بجاز، ومكنش فيه موعد أصلا مع رئيس البرلمان".
وللتقليل من الأثر السيئ لهذا القرار على العلاقات بين ألمانيا والنظام المصري، قال ستيفن سيبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إن دعوة السيسي لزيارة ألمانيا ما زالت قائمة، على الرغم من موقف لامرت الذي ينتمي لحزب ميركل.
خلية نائمة
وتهكم الكاتب علاء الأسواني على التعليق المتوقع من الإعلام المصري على موقف رئيس البرلمان الألماني، فكتب عبر "تويتر": "نوربرت لامرت ألغى لقاءه مع السيسي احتجاجا على انتهاك حقوق الإنسان في مصر، سنسمع قريبا تسريبات تثبت أنه خلية نائمة".
من جانبه، أعرب الدكتور جمال حشمت رئيس البرلمان المصري المنعقد في إسطنبول عن تقديره لموقف لامرت، واصفا موقفه بـ"الأخلاقي".
ونقل حشمت في بيان له الأربعاء، تلقت "
عربي21" نسخة منه، تقدير البرلمان المصري لموقف البرلمان الألماني، معربا عن استعداده للتعاون معه لتنسيق المواقف لما فيه صالح الشعبين.
وأرسلت مها عزام، رئيسة "المجلس الثوري المصري"، خطابا مفتوحا إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حثتها فيه على إلغاء الدعوة الموجهة إلى السيسي لزيارة ألمانيا يوم 3 حزيران/ يونيو المقبل.
وأعلن الائتلاف المصري الألماني لدعم الديمقراطية - وهو عضو بالائتلاف العالمي للمصريين بالخارج – أن جهوده نجحت في دفع نروبرت لامرت رئيس البرلمان الألماني إلى إلغاء لقائه مع قائد الانقلاب.
وأوضح الائتلاف في بيان له - وصل "
عربي21" نسخة منه - أنه قام بحملة تواصل مع مسؤولين في البرلمان والحكومة الألمانية للتنديد بتلك الزيارة، وأرسل وثائق توضح حجم المأساة في مصر، كما أنه نفذ وقفات ومسيرات احتجاجا على زيارة السيسي لألمانيا ومطالبا بإلغائها.