حول العالم

فلسطيني يحتفظ بسيارة من زمن "النكبة" على أمل العودة

على أمل العودة بهذه السيارة يوما ما إلى تلك الديار - الأناضول
على أمل العودة بهذه السيارة يوما ما إلى تلك الديار - الأناضول
رائحة الديار التي رحل عنها الآباء والأجداد قسرا عام 1948 تفوح من أمام منزل الفلسطيني، خالد الهودلي، في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، حيث يحتفظ بسيارة كلاسيكية تعود لعائلة والدته التي هُجّرت من بلدة العباسية في فلسطين التاريخية، وذلك على أمل العودة بهذه السيارة يوما ما إلى تلك الديار.

الهودلي (56 عاما)، الذي يسكن رام الله التحتا (القديمة)، يهوى اقتناء السيارات القديمة، فهو لديه ثلاثة، إحداها يقول إن عائلة والدته كانت تمتلكها قبل أن يتم تهجيرها من العباسية قرب اللد (وسط إسرائيل) عام 1948، وهي سيارة بريطانية من نوع "فوكسهول" (VAUXHALL)، صُنعت عام 1942. أما الأخريين فمن نوع مرسيدس، إحداهما صُنعت عام 1953، والثانية عام 1963.

وإلى جانب هوايته في اقتناء السيارات القديمة، يمتلك الهودلي محلين لبيع الزهور في منطقة سكناه، يضع أمامهما سيارته الـ"فوكسهول"، والمرسيدس المُصنعة عام 1963، فيما يُبقي الثالثة أمام منزله.

عن "فوكسهول"، يقول الهودلي في حديث مع وكالة الأناضول: "منذ سنوات طويلة وأنا أبحث عنها، فهي بذات المواصفات التي كان أخوالي يحدثونني عنها، حيث إنهم تركوها عام 1948 في فلسطين التاريخية وهربوا تحت نيران العصابات الصهيونية آنذاك".

ويضيف: "قبل سنوات وبعد بحث عميق وصلني خبر بأنها بحوزة يهودي مسن، فتفاوضت معه عبر تاجر مختص لشرائها بأي ثمن، لكنه رفض، وبقيت مصرا على ذلك، وبعد وفاة اليهودي فاوضت نجله واشتريتها عام 2005 بمبلغ 25 ألف دولار أمريكي".

الهودلي يعتبر أن الاحتفاظ بهذه السيارة "كنز لن أفرط به بأي ثمن كان.. هذا الكنز يحمل تاريخ شعبنا الذي شُرّد من بلده وترك كل ما يملك بفعل إجرام العصابات الصهيونية آنذاك. فضلاً عن ذلك فهو إرث تاريخي يحكي قصة شعب عاش قبل النكبة".

و"النكبة" هي مصطلح يطلقه الفلسطينيون على استيلاء ما يسمونها "عصابات صهيونية مسلحة" على أراض فلسطينية، أقامت عليها يوم 14 أيار/ مايو 1948 كيانها الإسرائيلي، وهجروا 957 ألفا منهم من أراضيهم إلى بقاع مختلفة من أنحاء العالم، بحسب تقدير للأمم المتحدة صدر عام 1950.

وقبل سنوات، اشترى الهودلي سيارته المرسيدس المُصنعة عام 1963 من فلسطيني بمبلغ 25 ألف شيقل إسرائيلي (حوالي 6500 دولار أمريكي)، أما المرسيدس الثانية فاشتراها هي الأخرى قبل سنوات من فلسطيني آخر بمبلغ 100 ألف شيقل (نحو 26 ألف دولار أمريكي)، كما يقول. 

في شوارع رام الله، يقود الهودلي سياراته الثلاث بين الفينة والأخرى، وعن ذلك يقول: "يراك الناس بهذه السيارات شخصا غريباًد، فيسارعون لالتقاط الصور إلى جانبها".

ولا يُعتبر الهودلي وحده في منطقة سكناه العاشق للسيارات الكلاسيكية، فكثير من شباب المنطقة، الذين يرغبون في العودة للماضي، يستأجرون السيارة "فوكسهول"، في ليلة الزفاف، للخروج مع العروس في فسحة يلفها عبق التاريخ ولمسة من الحاضر.

عن هذا يقول الهودلي: "أستخدم هذه السيارة لزفة الأزواج، فأنا أقوم بتأجيرها في اليوم بمبلغ 300 دولار أمريكي.. أصحاب الذوق الرفيع يرون فيها أمرا مختلفا، فهم يفضلونها، ويلتقطون صورا تذكارية معها، يشعرون وكأنهم تزوجوا قبل 50 عاما".

ومنذ عام 2008 أسس الهودلي هو ومجموعة من الفلسطينيين أصحاب هواة السيارات الكلاسيكية ناديا للسيارات القديمة في الضفة الغربية، وأقاموا مهجرانا في العام نفسه جمع نحو 30 سيارة من مختلف أنحاء الضفة.

ويأمل المواطن الفلسطيني يوما ما أن يعود هو وأبناؤه الأربعة بهذه السيارة إلى بلدة والدته (العباسية)، كما أنه يأمل من الجهات المختصة في فلسطين أن تنشئ متحفا للسيارات القديمة.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم