نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لجيمي ديتمر، حول إصابة البغدادي البليغة وسعي مجلس شورى التنظيم لتعيين نائب له، بناء على معلومات تم الحصول عليها من منشقين عن التنظيم.
ويقول ديتمر في التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إنه تم نقل البغدادي من الموصل في
العراق إلى الرقة في
سوريا، التي تعد عاصمة التنظيم، في عملية أمنية معقدة قبل شهرين، وذلك بعد إصابته إصابة بليغة بشظايا، تسببت بعطب في عموده الفقري، ما أفقده الحركة في ساقه اليسرى، بحسب المنشقين.
ويشير الموقع إلى إن البغدادي بكامل وعيه، ويقوم بإصدار الأوامر، إلا إن إصابته البدنية جعلت مجلس شورى التنظيم يقرر بشكل نهائي ضرورة تعيين نائب له، يستطيع الحركة بين الجبهات في سوريا والعراق، ويقوم بمهام القيادة اليومية.
ويذكر التقرير أن النائب المنتخب سيكون تحت قيادة البغدادي، ولكن له صلاحيات واسعة. وبحسب المنشقين، الذين تم استجوابهم من ناشطي المعارضة السورية في تركيا، فإن الانتخابات ستكون بين ثلاثة مرشحين، عراقيين وسوري.
ويبين الكاتب أن المصادر ذاتها تقول إنه تم نقل تسعة أطباء إلى الرقة لمعالجة البغدادي، أحدهم طبيب مشهور من مستشفى الموصل العام، ولكن موكب البغدادي من حرس وأطباء تم تقسيمه إلى عدة مواكب صغيرة؛ لعدم جذب الانتباه من خلال أقمار التجسس الأمريكية. وكان هناك على الأقل طبيب واحد لا يعرف هوية المريض عندما وصل إلى الرقة، حيث طُلب منه بفظاظة أن يتوقف عن طرح الأسئلة حول هوية المريض.
ويلفت الموقع إلى ان الأطباء قد تم إسكانهم ابتداء في معسكر في منطقة المشلب في المدينة، ولكنهم نقلوا فيما بعد للسكن في بيوت مدنية في ثلاثة أنحاء مختلفة. وبنقل البغدادي إلى الرقة يستطيع التنظيم توفير العلاج والأجهزة والخبرة الطبية له من تركيا القريبة.
وكانت صحيفة "الغارديان" هي أول صحيفة تنشر خبرا حول إصابة البغدادي في آذار/ مارس في غارة جوية للتحالف، بحسب تصريحات دبلوماسي غربي ومستشار للحكومة العراقية. كما أن الـ "بي بي سي" نقلت عن المتحدث باسم الداخلية العراقية أن خليفة التنظيم تمت إصابته في غارة جوية يوم 18 آذار/ مارس، ولم يبين المتحدث العراقي هوية الطيران الذي قام بالقصف، مكتفيا بذكر التحالف.
وينقل التقرير عن مسؤولي الدفاع الأمريكيين قولهم لـ"الغارديان" في حينها إنه لا علم لديهم بإصابة البغدادي، كما أنه لا علم لديهم بأي غارات جوية حدثت في تاريخ 18 آذار/ مارس.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل ستيف وارن لـ"ديلي بيست": "ليس لدينا ما يجعلنا نعتقد أنه البغدادي". ولكن مستشار الحكومة العراقية هشام الهاشمي قال للصحيفة البريطانية إن البغدادي "إصيب في الباج بالقرب من قرية أم الروس في 18 آذار/ مارس مع مجموعة كانت معه"، في موكب مؤلف من ثلاث سيارات، وإن الطائرة المستخدمة كانت في الغالب طائرة دون طيار.
ويجد ديتمر أنه دون تأكيد للحدث وغياب للتفاصيل، بالإضافة إلى عدم ظهور البغدادي بشكل عام، وحذر أمريكا، فإن الإشاعات تضاعفت وكذلك التشكيك. وقد كانت هناك تقارير مشابهة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في الإعلام العربي والغربي تشير إلى أن البغدادي كان قد أصيب، ولكن ظهر بعد ذلك أنها غير صحيحة.
ويورد التقرير أن راديو إيران أعلن الأسبوع الماضي أن البغدادي قد مات بسبب الغارة في شهر آذار/ مارس، وقال إن أعضاء
تنظيم الدولة بايعوا أستاذ فيزياء سابقا هو أبو علي
العفري ليحل مكان البغدادي، ولكن ليس هناك أي دليل على ذلك في مواقع التواصل الجهادية.
ويرى الموقع أن ما يلفت الانتباه هو أن أمريكا أضافت عبد الرحمن مصطفى القادولي على قائمة شخصيات تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة المطلوبين، ووضعت ثمنا لرأسه سبعة ملايين دولار، بينما تضع على رأس البغدادي عشرة ملايين دولار.
وبحسب المنشقين عن التنظيم، وبينهم مسؤولون أمنيون كبار من الرقة، وحارس أحد كبار القيادات، فإن البغدادي على قيد الحياة، وإن لم يكن قادرا على الحركة. ويقولون إنه أصيب في آذار/ مارس، بإصابات كان ممكن أن تودي بحياته لو لم يتم علاجه. ويضيف المنشقون إنه تم نقله؛ لأن القيادات العليا رأت أنه سيكون آمنا في الرقة أكثر من الموصل، حيث يتوقع هجوم عراقي بدعم كردي لاستعادة المدينة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه قد تم استجواب المنشقين من قبل أحمد عبد القادر، الذي أطلق حديثا شبكة ناشطين سماها "عين على الوطن". وأكد لـ"ديلي بيست" أن هناك تأكيدات من مصادر أخرى لم تنشق بعد تؤيد ما ذكره المنشقون الأمنيون.
ولم يتحدث الموقع مباشرة للمنشقين، الذين يتجنبون الحديث للصحافيين الغربيين، بينما تقوم شبكة "عين على الوطن" بالتفاوض مع السلطات التركية حول مستقبلهم، وقام عبد القادر بعرض جوازات سفر المنشقين ومحاضر الاستجواب وهويات تنظيم الدولة.
ويبرز ديتمر تأكيد المسؤولين الأتراك أن الشبكة هي قناة مهمة للمنشقين عن التنظيم، وقال عبد القادر إن ناشطيه في الرقة ساعدوا حوالي مئة من مقاتلي التنظيم على الانشقاق عنه. مضيفا أن معظم المنشقين هم من السوريين، ولكن هناك بعض الأجانب أيضا. وأشار إلى انخفاض عدد المتطوعين الأجانب الذين يلتحقون بالتنظيم، وقال: "كان هناك حوالي مئة إلى مئتين متطوع أجنبي يصلون إلى الرقة أسبوعيا، والآن لا يصل سوى خمسة إلى ستة متطوعين أسبوعيا"، ويعزو سبب ذلك إلى أن المقاتلين الأجانب أصبحوا يحذرون أصدقاءهم من القدوم، ويخبرونهم بواقع الأوضاع هناك.
ويوضح الموقع أن المنشقين يقولون إن التقارير الإخبارية بتعيين أبي علاء العفري نائبا للبغدادي غير دقيقة؛ لأن مجلس الشورى سيصوت هذا الأسبوع على نائب للبغدادي، فبالإضافة إلى العفري هناك مرشح عراقي آخر هو أبو علي الأنباري، وهو جنرال سابق في الجيش العراقي من سكان الموصل، والمرشح الثالث هو "والي الرقة" الحالي أبو لقمان (علي موسى الشواخ)، وهو جهادي سوري أطلق نظام الأسد سراحه صيف عام 2011، في بدايات الثورة ضد النظام.
ويرجح التقرير أن يكون العفري، الذي يقال أن لديه كاريزما أكثر من المرشحين الآخرين، هو الأوفر حظا، وهو من سيحظى بدعم مجلس الشورى، بالرغم من أن الأنباري أعلى منه رتبة. مشيرا إلى أن تسليم الموقع لشخص سوري غير متوقع، حيث يسيطر العراقيون على المراكز العليا في التنظيم.
وينوه الكاتب إلى أنه في بيان للبغدادي في 27 نيسان/ أبريل، طلب من المقاتلين والأمراء في سوريا التطوع للحرب في العراق، ولكنه كما يبدو كان يطلب انتحاريين، حيث طلب "ملتزمين دينيا ممن يتحلون بالصبر، وممن خبروا القتال، وممن لا ينظرون إلى الوراء، بل يقاتلون ولا يلقون سلاحهم حتى الشهادة أو النصر".
ويذكر الموقع أن المحللين في مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية دانيال ملتون ومحمد عبيدي لاحظا أن البيان صيغ بطريقة غريبة، حيث أن من يسمى بالخليفة البغدادي طلب ولم يأمر، وقالا إنه ربما خشي إن أمر ألا يجاب أمره، فيكون في ذلك تقويض لقيادته للتنظيم.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أنه قد حصل ازدياد ملحوظ في دعاية التجنيد حديثا للدفاع عن الأراضي، التي سيطر عليها التنظيم في العراق الصيف الماضي. ويقول الناشطون السياسيون المعارضون لتنظيم الدولة في الرقة إن التنظيم يضغط على المجتمع المحلي لتقديم المتطوعين، خاصة بعد أن عانى من هبوط في المعنويات، بعد فشله في السيطرة على كوباني في سوريا، وفقدانه لتكريت في العراق.