رأى الخبير في الشؤون
الإيرانية محمد رضا
جليلي، أن إيران غير قادرة على إعادة بناء الامبراطورية الفارسية، وذلك بسبب موقفها الضعيف.
وللتعرف أكثر على آراء الأستاذ الفخري في معهد الدراسات العليا للعلاقات الدولية ودراسات التنمية في جنيف، محمد رضا جليلي، سنلقي الضوء هنا على أهم ما طرحه في مقابلة صحفية أجريت معه من "سويس إنفو"، التي تعتبر إحدى الوحدات التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية.
وبالإشارة إلى تأكيد بعض المراقبين بأن إيران بصدد إعادة إحياء الامبراطورية الفارسية، قال جليلي : "إن إيران في موقف ضعيف، فسياستها التوسعية إلى حد ما، بالإمكان أن تلحق بها الضرر في نهاية المطاف، خاصة في ظل التوجه الثوري الذي يُنْظَر إليه كتوجه شيعي لا إسلامي".
إضافة إلى ذلك، اعتبر أن الخطر الحقيقي الذي يهدد إيران، ليس الولايات المتحدة، أو إسرائيل أو المملكة العربية
السعودية، بل الأزمة البيئية الخطيرة، فالمياه تنقص بطريقة مُزعجة للغاية، علاوة على الاحتباس الحراري الذي تعاني منه بلدان الشرق الأوسط بأكملها. ولكن إيران تظلّ أكثرها تضررا منه، فقد جفت جميع البحيرات الإيرانية، وكذلك معظم المياه السطحية والجوفية، وهذا -في جزء منه- بسبب فشل السياسات الزراعية وسوء إدارة الموارد المائية.
وفي تساؤل لـ"سويس إنفو"، فيما إن كان تهدئة التوترات والحروب الإقليمية، أولوية لحل الأزمة السورية، أجاب جليلي: "
سوريا هي حجر الزاوية في المعادلة الاستراتيجية للصراع في الشرق الأوسط، فالأزمة السورية لديها امتدادات مهمّة ليس فقط في لبنان وإسرائيل، ولكن أيضا فيما يتعلّق بتركيا والأنظمة الملكية في بلدان الخليج الغنية بالثروات النفطية، وستكون لتسوية الأزمة في سوريا تداعيات في جميع أنحاء المنطقة".
وفي مقارنة منه حول من أهم وأكثر تأثيرا على النظام الحاكم في سوريا، إيران أم روسيا، ذهب جليلي إلى أن "لإيران من الوسائل ما يُعادل ما لدى روسيا للضغط على حكومة بشّار الأسد، نظرا لأن إيران هي في الواقع الحليف الإقليمي الوحيد الأهم، وهذا منذ 30 عاما، والمبادلات بين البلديْن متواصلة منذ فترة طويلة".
واستطرد في مقارنته قائلا: "لذلك أعتقد أن إيران لن تقوم بدور حاسم إذا ما اقتُرح تغيير الحكومة في سوريا، الآن كل المؤشرات الصادرة عن طهران تلتقي عند فكرة واحدة، هي أن النظام الإيراني يريد الحفاظ على الأسد في السلطة.
وفي استشراف منه حول سياسة إيران الخارجية في حال التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، أفاد جليلي بأن: "الكثيرين يراهنون على هذا الاحتمال، لكن الكثيرين في المقابل يشُكّون في حدوث تغيير سريع في المواقف الإيرانية، فالشخص الوحيد القادر على تغيير اتجاه السياسة الخارجية لإيران، هو المرشد الأعلى للثورة، علي خامنئي".
وفي تلميح منه إلى صعوبة تغيير سريع بالموقف الإقليمي الإيراني، في ضوء تحكم خامنئي بهذا الموقف، قال: "إن الملاحظ أن خطاب خامنئي لم يتغيّر كثيرا، فهو عندما يُسأل عن مستقبل العلاقات مع البلدان المجاورة، يرد بأنه قائد ثوري، وليس دبلوماسيا"، لافتا إلى أنه "ليس لإيران أي مصلحة الآن في تغيير مواقفها في ما يتعلّق بالعراق وسوريا، بل وحتى بالنسبة لليمن ولبنان".
وفي الشأن الاقتصادي الإيراني، الذي يعتبره مراقبون أنه في أسوأ حالاته بفعل العقوبات الدولية، وإن كان سيحد هذا الوضع من دعم إيران لنظام بشّار الأسد، وجد جليلي أنه "في الوقت الحالي تروج الكثير من الشائعات حول تدني مستوى الدعم المالي لسوريا، ولحزب الله، فإذا تواصلت العقوبات الدولية، سوف تجد إيران نفسها خاضعة لقيود في مجال سياستها الإقليمية".
وفي ختام المقابلة، وجهت "سويس إنفو" سؤالا للخبير في الشؤون الإيرانية، كان نصه "هل نشهد إعادة رسم للتوازنات بين السعودية وإيران في الشرق الأوسط؟"، الأمر الذي أجاب عليه الأستاذ الفخري في معهد الدراسات العليا للعلاقات الدولية ودراسات التنمية في جنيف، بأن "ديناميات اللعبة معقّدة جدا، فالإيرانيون والسعوديون على السواء يقفون على رمال متحرّكة، إنهما لا يستطيعان بناء تحالفات مستدامة على الإطلاق في اليمن والعراق وحتى في سوريا".