"قائد المقاومة، أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يمارس أبشع أنواع التنكيل والظلم والاضطهاد بحق الشعوب العربية، المقاوم الجنوبي الذي ذاق مرّ الاحتلال الإسرائيلي، يمارس دور المحتل في سوريا والعراق واليمن"؟.
هذا ما رأى أن يعبر عنه كاتب
لبناني اسمه محمد سعيد
الحايك، في
مقال كتبه على موقع "
جنوبية" اللبناني تحت عنوان " أيّارنا وأيّاركم: لنا دم الحسين ولكم سيف القتلة".
وكتب الحايك"من 25 أيار عام 2000 إلى 7 أيار عام 2008، تحول المقتول قاتلاً، والمظلوم ظالماً، والمُعتدى عليه غازياً، والمُحرّر محتلاً، والزعيم طاغية... في السابع من أيار المقاومين الأشاوس أنفسهم الذين حرّروا الجنوب، احتلوا العاصمة بيروت، وها هم اليوم يحملون سلاحهم في دمشق وبغداد وصنعاء".
وأضاف: "يكاد أيار يختصر تناقضات لبنان التي لا تعد ولا تحصى، فالشهر الخامس مثخنٌ بسيل من الذكريات والأحداث التي نريد أن نحياها كل يوم ولحظة، وتلك التي نريد أن ننساها كل يوم ولحظة".
وتابع صاحب المقال: "تناقضات تشير بأن أيار مضى على درب زميليه أي كانون بأوله وثانيه، وتشرين بأوله وثانيه، وكأن الشهر انشطر واستحال أيار أول وأيار ثانٍ، وكل منهما لا يربطه بالآخر سوى الاسم ودورة التقويم الميلادي فقط لا غير".
ولفت إلى أنه "في صبيحة الخامس والعشرين من أيار/ مايو عام 2000 استفاق اللبنانيون من كل الطوائف والمِلل على هروب جنود الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان تحت وطأة ضربات المقاومين الأشاوس والأبطال".
ونوه الحايك في مقاله إلى أنه "حينها، رفُعت بعفوية تامة الأعلام اللبنانية ورايات حزب الله (الشيعي) جنباً إلى جنب، في صورة ذات دلالة واضحة على أن الحزب بات يحتل مكانة كبيرة ومرموقة ترقى حد القداسة في قلوب اللبنانيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم".
واستطرد "كَسر لبنان المشكوك في عروبته على ما تبين في مقدمة الدستور قبل اتفاق الطائف (بلد ذو وجه عربي) بسواعد أبطاله الجنوبيين (الشيعة)، أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر. لم يقتصر قلب المفاهيم على تحطيم صورة العدو فحسب، بل نجح كذلك في إعادة تشكيل نفسية المواطن العربي المهزوم دوما بحرب أو من غير حرب".
وقال: "أفلح رجال السيّد حسن نصر الله بإمكانياتهم البسيطة وإرادتهم الصلبة وعزيمتهم التي لا تلين في تحقيق ما عجزت عنه جيوش نظامية، مجهزة بطائرات وصواريخ ودبابات وآلاف مؤلفة من النجوم والدبابير والنياشين المنتهية الصلاحية".
إزاء ذلك، "غيّر الانسحاب الإسرائيلي من لبنان المعادلة على أكثر من صعيد، بدءا من الواقع الجغرافي، مرورا بالميزان العسكري، أو بالأصح تكتيكات القتال وفنون المواجهة ومقاييس النصر والهزيمة، وصولا إلى شعور المواطن العربي، وهو الأهم".
واعتبر أنه "في النقطة الأخيرة تحديدا، استبدل المواطن العربي بفخر واعتزاز كل قادة الجيوش العربية دفعة واحدة برجل واحد اسمه حسن نصر الله، وانسحب فعل الاستبدال هذا على الآلاف المؤلفة من الجنود النظاميين على مساحة العالم العربي بالمقاوم الجنوبي، الذي بات قدوة حسنة يحلم الآباء أن يروا فلذات أكبادهم على صورته ومثاله".
وتمنى الكاتب بقوله: "ألا ليت الزمن توقف هناك، ألا ليت الزمن توقف عند بزوغ فجر الخامس والعشرين من أيار عام 2000، يوم بات الجنوب موئلا للحرية والكرامة، يوم بات الجنوب يصدّر إلى الدول العربية قوارير التراب المحرّر، قوارير التراب الممزوج بدماء الرجال الرجال".
ولكنه أقر أن "الزمان الغدّار دار دورة كاملة، وخرج علينا من صلب غدره بكابوس السابع من أيار. بعد ثماني سنوات من اللحظة التاريخية التي أردنا أن نعيشها كل يوم، لم نشأ أن نصدّق بأن المقاومين الأشاوس أنفسهم الذين حرّروا الجنوب… احتلوا العاصمة بيروت".
ورأى كاتب المقال أنه في "أيّار عام 2000، لعلع الرصاص في العاصمة بيروت فرحا بتحرير الجنوب، أيّار 2008 "لعلع" الرصاص في شوارع "تل أبيب" فرحاً باحتلال ست الدنيا"، فرحا ببداية نهاية مشروع المقاومة".
ولفت إلى أنه "لم نشأ أن نصدّق بصرف النظر عن الحجة والتبرير والذريعة وكل مفردات "الضرورة والاضطرار" وأمن "المقاومة"، بأن الراية الصفراء التي رفعنا بالأمس "تمذهبت"… وذهبت في طريق الفتنة السوداء".
وشدد قائلا: "لم نشأ أن نصدّق بأن الجنوبيين "الأشاوس" حطموا بأنفسهم صورة المقاومة في نفوسنا، وهزموا -عن سابق تصوّر وتصميم- وحدتنا الوطنية وعيشنا المشترك وسلمنا الأهلي".
واستطرد الكاتب: "مثلُ اللبنانيين لم يشأ العرب أن يصدّقوا بأن حسن نصر الله لا يختلف كثيرا عن قادة جيوشهم الذين مارسوا أبشع أنواع التنكيل والظلم والاضطهاد بحق شعوبهم، كيف يفعل وهو الذي انتصر لهم، وانحاز لحقوقهم، وتكلم بلسانهم على مدى عقدين من الزمن؟!".
وأوضح أنه "لم يشأ العرب أن يصدّقوا بأن المقاوم الجنوبي الذي ذاق مرّ الاحتلال الإسرائيلي، يستطيع أن يمارس يوما دور المحتل، ماذا يقول العرب اليوم لأبنائهم عن صورة البطل ومثاله؟!
وتابع "في أيار الأول كان الجنوب يصدّر قوارير الكرامة وجثامين الشهداء إلى العواصم العربية (عملية تبادل جثتي جنديين إسرائيليين، مقابل الإفراج عن سمير القنطار ومقاتلين آخرين وعشرات الجثامين لمقاتلين فلسطينيين وعرب)، وفي أيار الثاني بات الجنوب يتلقّى توابيت أبنائه الموزعين بتكليف "أبله" على العواصم العربية".
وقارن الكاتب في مقاله قائلا: "بين أيار الأول وأيار الثاني استحال المقتول قاتلا، والمظلوم ظالما، والمُعتدى عليه غازيا، والمُحرّر محتلا، والزعيم طاغية و ….".
وختم الكاتب محمد الحايك مقاله بقوله : "في غمرة التناقضات لنا أيارنا ولكم أياركم، لنا الشهادة على تخوم فلسطين المحتلة، ولكم الموت في زواريب بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، لنا أطفال الغوطة وحمص ودرعا وحماه وحلب وإدلب وبانياس ومخيم اليرموك والمعضمية ودوما وحرستا، ولكم الكيماوي والبراميل المتفجرة، لنا أحشاء حمزة الخطيب وحنجرة إبراهيم القاشوش، ولكم رستم غزالة وعلي مملوك وآصف شوكت وبشار الأسد، لنا أيارنا ولكم أياركم… لنا دم الحسين، ولكم سيف القتلة".