ينتظر عبد الله محبوبته يوميا، ولكن دون جدوى، فإغلاق المعبر الأخير الواصل بين مناطق سيطرة الجيش الحر ومناطق سيطرة النظام في مدينة
حلب جعل لقاءها شبه مستحيل.
يقطن عبد الله، وهو ناشط مدنيّ في مناطق سيطرة الثوار، بينما بقيت هيَ في القسم الآخر من مدينة حلب، ولا يستطيع الوصول إليه مكان إقامتها بسبب الملاحقة الأمنية، ونشاطاته المعارضة لنظام بشار الأسد، والتي يمارسها في مكان تواجده.
يقول عبد الله لـ"عربي21" بأن حبيبته كانت تعبر من معبر
بستان القصر في حلب، والذي سمي بمعبر الموت بسبب حالات القنص اليومية التي يشهدها.
ويضيف: "ربما كنا نتعرض لخطر الإصابة والموت، وكانت المغامرة كبيرة، ولكن كان اللقاء ممكنا مع تحمّل عبء المخاطرة تلك. أما اليوم وبعد إغلاق المعبر بات الطريق المؤدي إلى أحيائنا يحتاج إلى عشر ساعات من السفر، والمرور على عشرات
الحواجز بأنواعها المختلفة".
يتوجه عبد الله في كثير من الأحيان نحو المعبر المُغلق بعد أن تحوّل إلى جبهة عسكرية، يحاول الاقتراب ما أمكنه من مناطق سيطرة النظام ليستعيد ذكرياته، ويحلم بلقاء جديد، وهو يستمع إلى موسيقا الرصاص المتقطع الذي يتبادله المقاتلون من الطرفين.
ويعتقد الناشط المدني إحسان الدلال بأن إغلاق المعبر هو قرار خاطئ، و لكن في نفس الوقت كان النظام شريكا فيه كما كان مسؤولا عن حالات القنص بحسب رأيه. فالمعارضة التي أغلقت المعبر طالبت النظام بالتعهد بعدم إغلاقه بشكل كيفيّ كما فعل في العديدة من المرات السابقة، وطالبته أيضا بوضع جهة رقابية لضمان عدم وقوع ضحايا قنص مرة أخرى، لكنه رفض ذلك.
ويقول عبد الله لـ"عربي21": "في إحدى اللقاءات كنت بانتظارها فبدأ القناص بإصابة المارين من
المعابر، وسقط عدد من الضحايا، حينها سادَ الهلع والخوف بين العابرين، وجميع أهالي المنطقة.
ويضيف: "لا أنسى ذلك اليوم، فقد ركضت في منتصف الشارع أبحث عنها، وقد لامني الكثير من أصدقائي لأنني عرّضت نفسي للموت يومها، وتصرفت بشكل طائش، كان ذلك رغما عني، وحين أتت كانت خائفة للغاية، فقد أصيب رجلٌ أربعيني بجانبها، ولم تستطع إلا الهروب والاختباء داخل أحد المباني، وحينها قررنا عدم تكرار اللقاء، ولكن كررناه من جديد، وتعرضنا للخطر والاستهداف أكثر من مرة"، حسب قوله.