ربما ظنت
إيران في لحظة ما أن بإمكانها أن تأخذ ما رهنه
الأسد من أملاك الشعب السوري بعد أن ينهك الأسد، فقد دفعت ثمناً باهظاً من أموال الشعب الإيراني للأسد مقابل الاستيلاء على
سوريا بعد إنهاك الأسد، ولكن نسيت قاعدة قانونية مهمة وهي أن القانون لا يحمي المغفلين، فالأسد لا يملك البلد و ما رهنه لا يملكه، الدليل على ذلك ما يحدث اليوم فقريباً، يدك عرينه، لذا لا نستغرب أن يهرب في ليلة مظلمة تاركاً إيران تصارع صقور العرب من أصحاب الأرض، هؤلاء الذين يبيعون أرواحهم من أجل الأرض و العرض و لا ينسون ثأرهم، وحقهم.
لقد دقت ساعة النهاية و الخطر محدق بالأسد و أعوانه، و لا نظن أن باستطاعته الهرب فعيون صقورنا ترقبه لتمزقّه إربا إربا، أما مشاورات دي ميستورا فيتسلى بها المدعوون بعيدا عن مراكز القرار، و لعل هذه هي مهمة ديمستورا أن يأخذ المشاغبين بعيداً ريثما تنضج الطبخة، ولا نعتقد أن المشاورات ستفضي إلى حل قبل انتصار الثورة و القضاء على أعدائها، و قد بات العلويون قبل السنة بحاجة إلى انتصار الثورة بعد أن استبيحت أحياؤهم من قبل شبيحة النظام.
و ما يحدث في نبل و الزهراء حجة دامغة، ربما هم يشعرون بالخوف أكثر من أي وقت مضى فخوفهم خوفان: خوف من الثوار و خوف من النظام الذي يرهبهم بشبيحته و لصوصه، و نحن نريد أن نقول لهم: الثورة ثورة الجميع على الظلم و الطغيان، و نصرها سيعيد الأمن، والأمان، والاستقرار، ولا خوف على من لم تتلوث يداه بدماء الأبرياء ، فليلجؤوا إلى الثوار، و ليساندوهم ليأمنوا على أرواحهم و أملاكهم.
لم تعد هناك مسافة بعيدة تفصل قرى العلويين عن الثوار، و نحن لا نريد أن يهجر الفلاح أرضه أو يترك العامل معمله، من أراد الحياة فليبتعد عن حمل السلاح والقتل و التشبيح.
تتلاحق انتصارات الثوار بعد الدعم بالسلاح و العتاد من قبل أصدقاء الشعب السوري والعرب الذين أحسوا بسرطان إيران ينمو في الأرض العربية، و هم لا ينقصهم العزم والحزم و الإيمان، و قد بدأت فلول النظام تنسحب نحو الساحل المعقل الأخير لكنه الأكثر خطراً عليهم فالنظام لم يعد نظاماً بعد أن حطمت الخلافات أوصاله و نخرت الهزيمة فيه، ونتساءل من يحمي النظام اليوم ؟
من بقي من عائلة الأسد أو مخلوف بعد أن قتل من قتل و هرب من هرب، بل إن حماة النظام الأشاوس يغتالون الواحد بعد الآخر فالنظام -الذي لا ينحل- يأكل نفسه و قد ترك الأسد مكسّر الأنياب وحيداً يواجه مصيره.
ترى هل تجرؤ إيران على أخذ ما رهنه الأسد عندها ؟! أظن أنها تفكر الآن بحساب الشعب السوري القادم الذي سيطالبها بدفع فواتير باهظة عما تسببته أسلحتها من دمار و خراب و قتل وتشريد، و يتم. و قد تظن أن دعوة دي مستورا و عدها طرفاً ذا رأي يشعرها بأن لها نصيباً من الكعكة، لكن عندما ستكتشف أن القرار بيد الثوار ينفذونه بقوة السلاح ستدرك أن الكلام و المشاورات ذهبت أدراج الرياح التي هبت في جنيف و موسكو و القاهرة. وأنها اتفقت مع الأسد على رهان غير مقبوضة، فسوريا لن تكون رهينة ما دامت أرضها تنجب الأحرار.
وهكذا تضيع أموال الشعب الإيراني المقهور في حروب رعناء في العراق و اليمن كما ضاعت في سوريا مصورا لها الغرور أن الحلم الساساني قابل للتحقيق، في حين يعيش الشعب في ظل حصار خانق محروماً من حقه في العيش الكريم و من إحساسه بالأمن، و الأدهى من ذلك مسلوب العقل حيث دست في عقيدته الخرافات و الأباطيل لشل تفكيره و توظيف أحاسيسه توظيفاً عدائياً يرفض الآخر حتى الموت.
ولكن يبدو أن شعوب إيران بدأت تصحو و تسأل نفسها و تبحث عن حقها في العيش الكريم و الحرية والكرامة فبدأ صوت الأحوازيين العرب يعلو والبلوشستانيين يصرخ من القهر و الظلم، و الأكراد يبحث عن الحق المغتصب، فما تحوكه إيران لجيرانها قد وقعت في شركه، ولعل الأيام القادمة ستشهد صراعات دامية بين مختلف الأعراق و الطوائف التي تسكن في أرض إيران إن لم تنكفئ على ذاتها، وتعجل وتبادر إلى إصلاح نظامها ومعتقداتها وسياساتها، وكان عليها أن تدرك منذ البداية أن من يسكن بيتاً من زجاج لا يجب أن يرمي بيتاً بحجر، فما فعلته قد نبه المكونات غير الفارسية ذات الأصول المختلفة إلى حقوقها و ما تعانيه من اضطهاد في ظل حكم الولي الفقيه.