أحاول منذ أكثر من تسعةِ أشهر دخول المملكة الأردنية الهاشمية بغية الإقامة بشكلٍ دائم في العاصمة ‘‘ عمّان ‘‘ نتيجة ضغوطات كبيرة كنت وما أزال في مواجهتها في تركيا، بدءاً من تهديدات تنظيم الدولة الإسلاميّة ‘‘ داعش ‘‘ ومواليه وانتهاءً بجماعات كُردية مسلحة لها ارتباطات بالنظام السوري وكذلك الأمر بالنسبة للنظام السوري ومريديه، كما أنّني أفضّل الإقامة في بلدٍ عربيّ مثل الأردن يحترم حريّة الرأي والتعبّير مقارنة بالوسط المحيط بي في تركيا ولاسيما أنّني كاتب وصحافي كُردي سوري يكتب بالعربية.
ومعلومٌ أن الحكومة الأردنيّة تقّدر الشعب الكُردي أكثر من أي حكومة عربيّة أخرى تقتلهم كما حصل في العراق إبان العهد الماضي أو في سوريا أثناء حكم الأسَدين الأب والابن، وخاصة أن الكُرد في الأردن وعلى الرغم من أنّ عددهم يقدّر بـ 70 ألف نسمة حسب إحصائيات غير رسمية ولا يعاملون كعشيرة أو أقلية عرقية أو دينية إلّا أنهم محافظون على هويتهم الكردية وعاداتهم وتقاليدهم، فهم يحتفلون برأس السنة الكردية ‘‘ النوروز ‘‘ الذي يعتبر العيد القومي للكُرد بشكلٍ علني، إضافة أنهم يدرسون ويتعلّمون اللغة الكردية في الجمعيات الأردنية الخاصّة بهم كالجمعية الأردنية الكُردية على سبيل المثال لا الحصّر، عدا عن أنّهم مقرّبون من أسرة الملك وهناك علاقات مصاهرة تربطهم بالملك الأردني الراحل وحتى الحالي أيضاً، ناهيك أن وزارة الإعلام الأردنية سمحت ووافقت على نشر وطباعة قاموس كردي ـ عربي في المملكة الأردنية التي شكرها مؤلّفه ‘‘ علي سيدو الكوراني ‘‘ رحمة الله عليه والذي استلم عدّة مناصب عليا في الحكومات الأردنية المتعاقبة إلى جانب الكثير من الكُرد الذين استلموا حقائب وزارية مختلفة في المملكة حتى وصلوا إلى رئاسة الحكومة على ما أعتقد حسبّما سمعت من بعض الأصدقاء الأردنيين أثناء إقامتي في الأردن قبل ثلاثة سنوات، وبكل تأكيد هناك خدمات أخرى للكٌرد الأردنيين في المملكة لا أعرف عنها شيئاً كالمضايقات الأمنيّة أو السياسية وما شابه ذلك، فلا توجد حكومة عربية واحدة من دون مساوئ منذ أكثر من نصف قرن وإلى الآن.
كلّ ما ذكرته في الأعلى، كان تمهيداً للدخول إلى الأردن، عفواً للحصول على موافقة أمنية لدخول المملكة الأردنية، المملكة التي كانت تشرب من مياه درعا وتفطر في دمشق وتتناول الغذاء في مطاعم حلب وتأكل من قمح الجزيرة السورية وتنام في حضن حمص، هذه المملكة التي كنّا نقدّم لها كل خدماتنا في سوريا كُرداً وعرباً وآشوريين وكلدان وأرمن وغيرهم من مكونات الشعب السوري الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع المملكة التي فرضت قيوداً لدخولنا إليها وهذا حقّها الطبيعي ولكن لكل قاعدة شواذ وحين تطعم الفم يجب أن تستحي العين وهذا ما حصل معي شخصياً، أنا كاتب هذا المقال بحكم معرفتي بأصدقاء وزملاء صحفيين وكتّاب أردنيين يعملون في عدة صحف ووكالات أخبار تبث من الأردن والذين بذلوا قصارى جهدهم لكسر قاعدة الدخول إلى الأردن، فبدأوا بإغواء رجال المخابرات إلا أنّها لم يوافقوا على دخولي، فتوّجهوا لأكثر من جهةٍ معنية منها وزارة الداخلية ولم توافق هي أيضاً، فتابعوا مشوارهم نحو المطار وساوموا أمنه لكنه لم يوافق للأسف، فعادوا مرة أخرى إلى المخابرات بصحبة امرأة شريفة تخدم الأردنيين ليلاً إلا أنها لم توافق على دخولي نهاراً وعلى عينك يا تاجر كما يقول المثل، وبالتالي نست المملكة كلّ العلاقات التي تربطنا معها كسوريين أولاً وجيران ثانياً وشعب مشرّد ثالثاً ورابعاً وبشكل شخصي ككردي يقدّر احترام المملكة للكُرد، فهل يعقل يا جلالة الملك أن تحترمنا ـ نحن الكُرد ـ ولا تستقبلنا !؟ على الأقل يا أخي وبالمشرمحي استقبل الكُرد وامنع أخوتك العرب أو الحل الأنسّب استقبلني ويا دار ما دخلك شر !!