خاض المذيع المصري إسلام بحيري مناظرة مطولة على قناة "سي بي سي"، مع كل من الداعية المصري أسامة السيد الأزهري والداعية اليمني الحبيب الجفري، وذلك بعدما تصدرت آراؤه التي وصف فيها التراث الإسلامي بـ"القمامة"، وسائل الإعلام المصرية، وكان قد شن هجوما سافرًا على أئمة المذاهب السنية الأربعة.
وفي جلسة امتدت قرابة الساعة والنصف، خاض المتحدثون في كثير من المسائل الفرعية للدين الإسلامي، وتطرقوا إلى موضوع مصداقية صحيحي الإمام البخاري والإمام مسلم، بالإضافة إلى سن زواج السيدة عائشة من الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم).
وعلى الرغم من أن الجميع اتفقوا في بداية الحلقة على أن المشتركات فيما بينهم عالية، إلا أنهم اختلفوا في كل المواضيع التي طرحت، ووصف الأزهري في أثناء حديثه بعض ما طرحه إسلام بـ"أوهام تحتاج للمعالجة العلمية"، ووصف رأيا آخر "بالمضحك".
الأئمة الأربعة
وعرض الإعلامي خيري رمضان فيديو للباحث إسلام بحيري تناول فيه الحديث عن الأئمة الأربعة، وأشار إلى أنهم لا يعتبرون أساتذة الأزهر أئمة، وطالب علماء الأزهر بالرد على قوله.
وقال الأزهري إن لدى إسلام خلطا فقهيا للائمة، وأكد أن أطروحات البحث أخذت من مستشرقين أو أطروحات سابقة لهجمات على الإسلام.
بينما قال الجفري، إن "هجوم إسلام بحيري على بعض الأئمة يدل على عدم إلمامه الجيد بمذاهبهم".
وعرض تسجيل آخر للبحيري يقول فيه إن "الأئمة الأربعة جاءوا قبل أن يظهر البخاري".
في ذلك أوضح الحبيب علي الجفري، أن "كتاب البخاري ليس كتاب فقه.. ولكنه كتاب علمي مخدوم بمنهجية علم الحديث"، وترك الرد والإضافة للدكتور أسامة الأزهري.
وقال الأزهري إن ما قاله بحيري، أن أبا حنيفة أدرك كبار الصحابة أمر خاطئ ومضحك، فأبو حنيفة لم يدرك سوى ستة صحابة فقط، واشتغل بالحديث قبل الانتقال للفقه، مؤكدا أن "البخاري ومسلم ليسوا السنة، ولم يقل أحد بذلك.. والسنة شيء واسع منتشر بآلاف الكتب".
وتابع بأن "البخاري ومسلم يتربعان على قمة الهرم المعرفي لدقة الأحاديث، إسلام بحيري مثل الذي قال إن الأوكسجين تم اكتشافه سنة كذا، فقال ماذا كان يتنفس الناس قبلها؟.. قبل الصحيحين كان هناك مجتهدين امتلكوا أدوات النقد، واستفاد منها البخاري ومسلم.. والصحيحين تراكم علمي".
فيما رد بحيري قائلا: "كتاب الموطأ من وجهة نظري أكثر دقة من صحيح البخاري لأنه كان أكثر قربا زمانيا من البخاري، ما كتبه البخاري في كتابه ليس معصوما وليس دينا ولكنه رأي شخصي من الممكن الطعن عليه.. السنة كانت موجودة قبل البخاري وهو لم ينشئها وهناك العديد من الأئمة القدماء طعنوا في أحاديثه".
وتابع: "لم أقل إن الأئمة الأربعة لم يعرفوا صنعة الحديث، وقلت إن الحديث لم يجتمع في بخاري ومسلم، وفقه البخاري أثر على مجرى الحديث، مثل مسألة زواج السيدة عائشة".
زواج السيدة عائشة
وقال بحيري إن رواية البخاري تقول إن السيدة عائشة تزوجت من الرسول صلى الله عليه وسلم، في سن التاسعة من عمرها، لكنها تزوجت ما بين الـ18 والـ20 من عمرها، بما يتنافى مع ما ذكره البخاري.
وبدوره رد الأزهري قائلًا: "حديث زواج الرسول من السيدة عائشة سمعه منها سبعة صحابة وليس شخصا واحدا فقط كما يقول إسلام بحيري".
وأوضح أن بحيري استند في إنكاره لحديث زواج الرسول من السيدة عائشة وهي تبلغ تسع سنوات إلى هشام بن العروة الذي وصفه في وقت سابق من المناظرة بأنه مُدلس.
واستشهد الأزهري بجزء من رواية روميو وجولييت لويليام شكسبير، بأن جولييت تزوجت من روميو وهي في عمر الـ14 من عمرها، موضحًا أن ثقافة كل مرحلة هي التي تحكم، والدليل منع زواج القاصرات في بريطانيا الآن.
وأكد على رفض العلماء في الأزهر الآن لزواج القاصرات، موضحًا أن موقف السيدة عائشة يناسب عصرها ولا يناسب العصر الحالي.
هل الدين علم؟
وفي موضوع آخر، قال بحيري إن الدين ليس بعلم، وإنه "منتج مستهلك" في الحياة اليومية للبشر جميعا، ويجب أن يكون في قلوبهم وعقولهم.
وأضاف بحيري أن الدين لا يجب أن يكون حكرًا على العلماء، وأن القرآن أكد أنه بيان للناس جميعا وليس للعلماء ليقوموا بشرحه لباقي المسلمين.
وبدوره قام الحبيب علي الجفري بالرد على بحيري قائلًا: "الدين علم، وهذا كلام الله في القرآن، والحديث عن ترك كل ما لا يتقبله عقلنا البشري في ما يتعلق بالعلوم الدينية عبث، ويأخذنا للفكر الداعشي".
وأوضح أن الزمن لو عاد لخمسة عقود، لرفض أهل هذا العصر فكرة الطائرة أو السفن التي تبحر في المياه، لأن عقلهم لن يتقبلها في هذا الوقت، رغم وجودها حاليًا في عصرنا، مؤكدًا أنه ليس كل ما يرفضه عقلنا لا يمكن أن يحدث، بل إن عقلنا يقبل الموروث الثقافي والمجتمعي وكل ما اطلعنا عليه فقط.
مشكلة التراث
وقال بحيري إن كتب التراث هي البيئة الحاضنة والمنشئة لـ"داعش"، ووصف الإمام أحمد بن تيمية، الملقب بشيخ الإسلام، بأنه "زنديق كافر"، كما أنه قال إن فقه تاج الدين السبكي، ليس فقهًا أو منهجًا لكنه لعنة وبيئة حاضنة لـ"داعش"، على حد قوله.
ورد الحبيب علي الجفري على بحيري قائلا: "خلطك الشديد الذي ترتكبه هو لعنة ستصيبنا وستصيب الأجيال.. تعال أعلمك.. أنت خايف خليني أكمل.. أنت خايف أوضح للناس".
مستويات متواضعة في العلم تناقش جاهل في أمر جلل ونعلم أنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه. فالهدف شغل الرأي العام وصرفه عن خطايا الانقلاب ومصائبه في حق مصر وأهلها بل ومحيطها الإقليمي. انتبهوا يا ساده هذا مكر الليل والنهار.