اختفاء غامض لرجل السيسي المكلف بمحاربة الإرهاب في سيناء

بعد سلسلة الهجمات العنيفة التي استهدف مقرات الجيش والشرطة المصرية في شمال سيناء نهاية شهر يناير الماضي، انتفض عبد الفتاح السيسي وعقد اجتماعا -تكرر كثيرا- بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة وأعلن عن عدة قرارات لمواجهة خطر الجماعات المسلحة المتزايد هناك.

وكان من أهم تلك القرارات إعادة هيكلة قوات الجيش في سيناء وتشكيل قيادة موحدة لمنطقة شرق القناة ومكافحة الإرهاب وتعيين الفريق أسامة عسكر قائدا لها، بعد أن كان قائدا للجيش الثالث الميداني.

لكن هذه التغييرات لم تنجح في وقف الهجمات في سيناء، بل ازدادات شراسة، وأصبحت أكثر جرأة، وكان آخرها تفجير قسم شرطة ثالث العريش، الذي أسفر عن مقتل 13 وإصابة نحو 75 آخرين.

أين أسامة عسكر؟

وعلى الرغم من سخونة المواجهات المتزايدة في سيناء إلا أن اللواء أسامة عسكر -المسئول الأول عن مكافحة الإرهاب- لم يظهر، واختفى تماما عن المشهد بشكل غامض، حتى أنه لم يدل بتصريح واحد عن تطورات الأحداث في هذه المنطقة الملتهبة التي يفترض أنها تقع تحت سيطرته.

وكانت تساؤلات قد ترددت بعد استحداث هذا المنصب الجديد في الجيش المصري حول تبعية عسكر المباشرة للسيسي وليس لوزير الدفاع صدقي صبحي، وهو ما يعني عمليا تهميش وزير الدفاع.

كما أعاد هذا الاختفاء غير المبرر لعسكر تداول شائعات عن صراع مكتوم بين السيسي ووزير دفاعه، كما أجج التكهنات بنجاح صبحي في تهميش عسكر -رجل السيسي في سيناء- والاحتفاظ
بسيطرته على مقاليد الأمور في سيناء.

وتعززت هذه التفسيرات بعد التغييرات الأخيرة التي أعلنت الأحد الماضي في قيادة عدد من المراكز الحساسة في القوات المسلحة من بينها قائد الجيش الثاني الميداني ومدير المخابرات الحربية وقائد القوات البحرية، والتي صدق عليها وزير الدفاع وليس السيسي.

التفجيرات دليل نجاح السيسي 

وفي رد فعل يعكس ارتباكا شديدا وعدم قدرة على التعامل مع استهداف القوات في سيناء، نقلت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب -التي تتلقى توجيهات مباشرة ودائمة من الأجهزة الأمنية وخاصة فيما يتعلق بأخبار القوات المسلحة- تفسيرات متضاربة لتفجير قسم العريش الأخير.

فمن جانبه رأى سامح سيف اليزل، لواء المخابرات السابق أن العمليات الإرهابية في سيناء سببها نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الأخير، مؤكدا أن التفجيرات ستستمر ما دام السيسي ناجحا.

لكن صحيفة "اليوم السابع" نقلت عن مصادر أمنية قولها إن عناصر إرهابية في شمال سيناء تخترق صفوف قوات الأمن بشكل متواصل وتتنصت على اتصالاتها عبر إرسال متطور، مضيفة أن العناصر الإرهابية تتلقى دعما ومعاونة من أجهزة مخابرات أجنبية، زاد من شراسة العمليات وإلحاق خسائر فادحة فى صفوف الجيش خلال الفترة الأخيرة.

وأشارت المصادر إلى أن عناصر فلسطينية من قطاع غزة -في إشارة لحركة حماس- ساهمت فى تدريب وتأهيل كوادر بيت المقدس، وهو الأمر الذي زاد من قوتها في الآونة الأخيرة. 

وقال محمود منصور، الخبير الأمني، إن تلك العمليات الإرهابية التى تستهدف القوات في سيناء تعاظمت وازداد خطرها نتيجة لما أسماه أسلوب "المهادنة والطبطبة"، وطالب الجيش باستخدام القوة المتناهية بكافة الوسائل المتاحة للسيطرة على الأوضاع المتأزمة في سيناء".

وأضاف منصور "أطالب بإنهاء أي مظهر من مظاهر الحياة، أو أي وسيلة يتم استخدامها ضد القوات وإخلاء المنطقة التي تقع في مثلث العريش-الشيخ زويد-رفح تماما من المواطنين حتى تتمكن القوات المسلحة من التعامل مع الإرهابيين، واللي عايز يقعد هناك يستحمل، على حد قوله.

أما فؤاد علام رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق فقال إن من يتهم الجيش أو الشرطة بوجود تقصير أمني من جانبهم أدى إلى العمليات الأخيرة هو خائن.

التطوع الشعبي لمواجهة الإرهاب

لكن أحدا من الخبراء العسكريين لم يستطع الإجابة عن السؤال الأهم، كيف اخترقت السيارة المفخخة الحواجز الأمنية المنيعة المحيطة بالقسم ونجحت في تفجيره؟ وهل هناك تقصير أمني أم أن هناك اختراقا لصفوف أجهزة الأمن.

وعقب هذه الهجمات، دعت وزارة الأوقاف "لفتح باب التطوع الشعبي أمام المصريين لمواجهة "الإرهاب" في سيناء، وحتى يدرك العالم كله مدى التفاف الشعب المصري حول قائده الشجاع عبد الفتاح السيسي وقواته المسلحة الباسلة".

وقال الوزير مختار جمعة - في بيان تلقت "عربي21" نسخة منه - إن "الخدمة في الجيش والشرطة بسيناء هي رباط في سبيل الله، وهي عين الجهاد".

كما أدان الأزهر الهجوم ووصفه بـ"الجبان"، مؤكدًا أن "الإرهاب لن يتمكن من إيقاف عجلة التنمية والتقدم الذي يتحقق على أرض البلاد".

وأوضح الأزهر -في بيان له- أن "الشعب المصري بقواته المسلحة وشرطته عازم على اجتثاث هذا الإرهاب الأسود الذي يهدف إلى زعزعة استقرار مصر وأمنها".