يتذكر هيروشي هارادا كيف غاصت ساقه في إحدى الجثث التي كانت تسد شارعا ضيقا في
هيروشيما منذ 70 عاما، أثناء فراره من الحرائق المندلعة نتيجة إسقاط القنبلة الذرية.
وقال هارادا البالغ من العمر 75 عاما والرئيس السابق لمتحف للقنبلة الذرية: "غاصت ساقي في إحداها (الجثث) ووجدت صعوبة كبيرة في أن أجذبها.. لم تكن هناك طريقة للنجاة".
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم تمكنت امرأة من جذب هارادا الذي كان يبلغ من العمر آنذاك ستة أعوام، ثم طلبت ماء. ويتذكر هارادا كيف شعر بفزع عندما وجد قطعة من لحم يد المرأة ملتصقة بساقه.
ومع اقتراب الذكرى السبعين لأول هجوم نووي في العالم يشعر كثير من
الناجين بالألم عند الحديث عن ذكرياتهم، ولكن مع تراجع أعدادهم يبدي آخرون إصرارا على نقل معاناتهم إلى الأجيال الفتية.
وقال هارادا: "سيتقلص عدد الناجين وسيخفت صوتهم.. لكن هيروشيما يجب أن تستمر في توجيه رسالة للعالم بأن أمورا مثل هذه يجب ألا تحدث ثانية".
وكثيرا ما يحجم الناجون من هيروشيما عن الحديث عن ذكرياتهم مع أبنائهم إذ إن البعض يشعرون بأن الماضي مروع للغاية، في حين يخشى آخرون من التمييز ضدهم هم وضد أبناؤهم.
وتحل ذكرى هيروشيما العام الحالي في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء
الياباني شينزو آبي، إلى تخفيف القيود على اليابان بعد انتهاء الحرب، وعلى دستورها السلمي.
ويخشى منتقدون أن يدفع ذلك البلاد ثانية إلى مسار الحرب الخاطئ، بينما يقول مؤيدون إن هذا التغيير ضروري لردع التهديدات الإقليمية المتزايدة.
الشعور بالخزي
أسقطت قاذفة أمريكية قنبلة ذرية على هيروشيما في السادس من آب/ أغسطس عام 1945، ما أسفر عن مقتل نحو 140 ألفا بنهاية هذا العام من إجمالي 350 ألفا كانوا يقيمون في المدينة. وما زال في المدينة نحو 60 ألف ناج، لكن متوسط أعمارهم يقترب من الثمانين.
وأسقطت القنبلة الذرية الثانية في ناغازاكي بعد هيروشيما بثلاثة أيام، واستسلمت اليابان في 15 آب/ أغسطس.
وبعد وقت قصير من إسقاط القنبلة كان شيغو (15 عاما) عائدا للمنزل عندما طلبت منه امرأة مساعدتها في إنقاذ شخص محاصر تحت أنقاض منزل، لكنه تجاهل طلبها، إذ إن النيران كانت تقترب من الجسر وكان بحاجة إلى أن يعبره سريعا للعودة للمنزل.
وقال شيغو الذي يبلغ الآن 84 عاما ويروي
ذكرياته لتلاميذ: "لا يسعني سوى الشعور بالخزي من نفسي كلما رأيت الجسر".
أما شونتارو هيدا (98 عاما) فكان جراحا في الجيش أثناء الكارثة. ويروي أنه عندما خرج لأول مرة بعد الانفجار رأى امرأة وكان يعتقد أنها مغطاة بملابس ممزقة ولكنه أدرك بعد ذلك أن ما يراه هو جلدها الممزق.
ويرى هيدا، أن الفزع الحقيقي بعد الهجوم النووي كان يكمن في آثاره الصحية غير المرئية في كثير من الأحيان.
وقال هيدا الذي عالج وساعد نحو عشرة آلاف من الناجين من هيروشيما: "أكثر العناصر قسوة وراء الهجوم النووي ليست الوحشية التي قتل بها الناس أو الحروق الواضحة، وإنما الآثار اللاحقة المدمرة لحياة الناس".
وبدأت تزداد الإصابة بسرطان الدم في هيروشيما بعد خمسة أعوام من الهجوم النووي.
وقال فومياكي كاجيا (76 عاما) الذي فقد أختًا في الهجوم: "إذا نسينا هيروشيما فإن العالم سيصبح مكانا خطيرا".