أكثر من 600 يوم مرت على حبس الصحفي إبراهيم
الدراوي والمصور محمود أبو زيد
شوكان، هي جريمة بكل المقاييس في دولة ينص دستورها في مادته الـ 71 على منع الحبس في قضايا النشر والإعلام.
600 يوم تمر كستمائة عام على صحفي ومصور في غياهب السجون، في زنازين عفنة لا تليق سوى بعتاة المجرمين، يحرمون فيها من أبسط حقوق الإنسان، لا يرون فيها الشمس إلا قليلا، ولا الهواء النقي إلا نادرا، ولا يرون أسرهم وأبنائهم إلا من خلف أسلاك شائكة وألواح زجاج غليظة تحرمهم من التواصل الإنساني مع ذويهم الذين يقضون أياما وساعات من العذاب المبين في رحلة الزيارة الدورية لهم والتي تمنع في مرات كثيرة دون إنذار مسبق.
لم يقترف الدرواي وشوكان جرما يستوجب حبسهما طيلة هذه المدة، بل لم يقترفا خطأ ولو بسيطا يستوجب حبسهما لساعات، كل جريمتهما أنهما يحملان قلما أو كاميرا، كل جريمتهما أنهما صحفيان.
لقد اعتقل شوكان خلال أدائه لعمله في تغطية فض اعتصام رابعة يوم 14 أغسطس، خرج كغيره من الصحفيين والمصورين استجابة لنداء وزارة الداخلية التي دعتهم للتغطية في حمايتها، لكنه لم يلبث أن وجد نفسه مقبوضا عليه، مع زميلين أحدهما فرنسي والآخر أمريكي تم الإفراج عنهما لاحقا والإبقاء عليه هو فقط، مع مئات غيره من المعتصمين ممن احتجزوا في اليوم ذاته، ورغم الإفراج عن غالبيتهم لاحقا إلا أن السلطات
المصرية أبقت على شوكان دون جرم ارتكبه.
أما إبراهيم الدراوي فلم يكن مشاركا في اعتصام، بل لم يكن موجودا في مصر طيلة فترة الاعتصام، وفي اليوم الذي وطأت قدماه أرض مصر (يوم 16 أغسطس 2013)، خرج من المطار مباشرة للمشاركة في أحد البرامج التليفزيونية في قناة روتانا مصرية وفقا لموعد محدد سلفا، وما إن خرج من القناة حتى وجد رجال الشرطة في انتظاره، واقتادوه في سيارتهم إلى مقر أمني، حيث تم توجيه تهمة التخابر مع حماس له، وللعلم فإن الدرواي صحفي متخصص في الشأن الفلسطيني، ولذا فهو يلتقي قادة فلسطينيين من كل الفصائل بمن فيهم قادة حماس، وقد أسس مركزا بحثيا متخصصا في الدراسات الفلسطينية.
ومن المؤسف إن إعلاميا مصريا هو تامر أمين، مقدم برنامج ساعة مصرية على قناة روتانا مصرية الذي استضاف الدراوي في تلك الليلة، اعترف في لقاء تليفزيوني قبل عدة أيام أنه من قام بتسليمه للشرطة، حيث تلقى اتصالا من وزارة الداخلية أثناء الفاصل أبلغهم خلاله أن الدراوي سيخرج من باب بعينه في مدينة الإنتاج الإعلامي، ليتم القبض عليه بسهوله، وهذا عمل مناف لأبسط قواعد ميثاق الشرف الإعلامي، وأخلاقيات المهنة، وهو ما يستوجب مساءلة هذا الإعلامي على هذه الفعلة الآثمة.
ومرة تلو الأخرى تأمر النيابة المصرية ثم المحاكم بتجديد حبس الدراوي وشوكان، حتى تجاوزت فترات حبسهما الاحتياطي الـ 600 يوم، تغيرت خلالها ملامح وجهيهما من الحبس الانفرادي في زنزانات غير صحية لا ترى الشمس ولا الهواء النقي.
ويهيب
المرصد العربي لحرية الإعلام والتعبير بنقابة الصحفيين والنقابات الإعلامية الأخرى في مصر والمنظمات الحقوقية الدولية التحرك لإنقاذ حياة هذين الصحفيين ومعهما أكثر من مائة صحفي ومراسل ميداني في السجون المصرية المختلفة، التي شهدت مؤخرا حالات وفاة متعددة لسجناء سياسيين نخشى أن يلحق بهم سجناء صحفيون.