خبراء: طيران أمريكا أنقذ الميليشيات من إبادة مؤكدة في تكريت

رأى محللون سياسيون وخبراء عسكريون عراقيون أن الطيران الأمريكي أنقذ مقاتلي ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية من حالة إبادة كادوا يتعرضون لها في معارك تكريت الأخيرة مع تنظيم الدولة، وساهم في إخراج الزعماء الشيعة من حالة الحرج الشديد التي أصيبوا بها بعد العجز عن حسم المعركة.

من جهته، أكد خبير عسكري أن الإيهام بالانسحاب وجرّ الخصم إلى داخل المدينة هو الأسلوب المفضّل لتنظيم الدولة، وأنه أثبت نجاحا في محافظة صلاح الدين شمال بغداد.

ويؤكد المحلل السياسي عدنان الحاج أن الخسائر البشرية الكبيرة وتراجع المعنويات هو السبب الرئيسي الذي دفع بوزارة الدفاع العراقية وزعماء الميليشيات إلى أن يتخذوا قرارا بوقف العمليات العسكرية في مدينة تكريت، بعد اقتناعهم بعدم جدوى مواصلة الهجوم، فيما لم يُعلَن إلى الآن عن العدد الحقيقي لخسائر الميليشيات البشرية.
 
ويضيف "الحاج" في حديث مع "عربي21": "قرار بدء الهجوم على تكريت لم يستند إلى استعداد حقيقي في التدريب والتجهيز والغطاء الجوي، ولكنه اقتصر على أسلوب التجييش الإعلامي، وبثّ المبالغات، وصناعة الأبطال المفترضين دون أن يكون هناك إنجاز حقيقي على أرض الواقع"، وفق تقديره.
 
وشدّد الحاج على أنّ "قادة الميليشيات الشيعية وجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه، فهم من جهة عاجزن عن حسم المعركة ضد مقاتلي تنظيم الدولة، ومن جهة أخرى بدأت أعداد القتلى في صفوف الحشد الشيعي تصل إلى مستويات لا يمكن تبريرها، أو جعلها منطقية مع حالة الانتصار المفترضة التي كان يعلن عنها الاعلام الرسمي".
 
ولفت إلى أن الجانب الرسمي ممثلا بوزارة الدفاع خرج برواية إيقاف العلميات لتجنب وقوع مزيد من الضحايا في صفوف المدنيين، فيما روّجت مصادر في ميليشيات الحشد أن مؤامرة إيقاف الهجوم كانت من أجل إخراج ابنة الرئيس السابق صدام حسين، ونائبه عزة الدوري، اللذين قالا إنهما يشرفان على إدارة المعركة، وهي تصريحات جلبت عليهم عاصفة من السخرية في مواقع التواصل الاجتماعي.
 
وخلص المحلل الحاج إلى أن التدخل الجوي الأمريكي جاء في لحظة حرجة بالنسبة للحكومة العراقية التي كانت تبحث عن مبرر أمام الرأي العام،  بينما اختلق  زعماء ميليشيات الحشد قصة عدم رضاهم عن مشاركة الطيران الأمريكي لإعلان الانسحاب من المعركة التي كبدتهم خسائر كبيرة.
 
وكان مقتدى الصدر، زعيم سرايا السلام المشاركة ضمن قوات الحشد الشعبي، قد وجّه انتقادات إلى حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لاستعانتها بطيران التحالف الدولي في استعادة المناطق التي يسيطر تنظيم الدولة.

وقال الصدر في بيان تلقت "عربي21" نسخة منه: "ما يحدث من تدخل أمريكي، حتى لو كان بطلب من الحكومة العراقية، هو مرفوض، ومستهجن، ومستنكر، وقبيح بكل الأصعدة والأعراف، داعيا إلى أن يأخذ الجيش العراقي بزمام الأمور، ويمسك الأرض بعد أن يحررها جنبا إلى جنب مع شرفاء الحشد الشعبي" حسب تعبير بيان الصدر.

من جهته، اتفق العميد المتقاعد أسعد حلبوص الجبوري مع رأي المحلل الحاج في موضوع عدم وجود نصر للقوات العراقية والميليشيات المتحالفة معها في تكريت، مشيرا إلى أن الجيش والحشد كانا يتحدثان عن تطويق تكريت بالكامل، والحاجة إلى ساعات من أجل الحسم، ولكنهما وبشكل مفاجئ خرجا علينا بقرار إيقاف العمليات العسكرية.
 
وبيَّن الجبوري، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن مقاتلي تنظيم الدولة انسحبوا من أطراف مدينة تكريت نحو الداخل، وعمدوا إلى تلغيم كل شيء في المدينة التي جهزوا تحصينات جيدة بداخلها، مع الاعتماد على سلاح القنص بالدرجة الأساس، والعربات المدرعة المفخخة، في استهداف تجمعات الجيش والحشد.
 
وتابع الجبوري حديثه: "الصفحة التالية كان من المفترض أن تكون حرب شوارع بحته في أزقة تكريت، وهو النوع الذي يفضّله التنظيم ويبرع فيه، بينما يتجنبه قادة الجيش والحشد الذين سبق لهم تجربته مع تنظيم الدولة في مناطق أخرى من محافظتي صلاح الدين والانبار".
 
وخلص العميد المتقاعد إلى أن قادة الحشد عادوا إلى وزارة الدفاع، التي بدورها عادت إلى العبادي، ليعلنوا عدم إمكانية تحقيق التقدم في تكريت، وأن الاستعانة بالطيران الأمريكي هو الحل الذي لا بد منه، برغم كل التصريحات السابقة لقائد الحشد الشيعي هادي العامري ومسؤولين آخرين قالوا إن هجوم تكريت هو عراقي مئة في المئة.