وصف سياسيون
مصريون معارضون توقيع عبد الفتاح
السيسي على "الاتفاقية الإطارية" الخاصة بسد "النهضة" الإثيوبي، مع نظيره السوداني، ورئيس الوزراء الإثيوبي، في العاصمة السودانية الخرطوم الاثنين، بأنه جريمة وخيبة وخيانة ارتكبها العسكر، في وقت رحب فيه إعلاميون مؤيدون للسيسي بالاتفاق، وقلل فرقاء 30 يونيو من خطورته على حقوق مصر.
محسوب: خيبة الدهر
فقد علق وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية في عهد مرسي، محمد محسوب، على الاتفاقية، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعنوان: "وثيقة النهر.. وخيبة الدهر"، قائلا: "القاعدة الثابتة أن حقوق شعب في المياه للشرب والزراعة تسبق حق أي شعب آخر في استخراج الكهرباء منها.. فالكهرباء لها بدائل، لكن المياه لا بدائل لها..من هنا كان اعتراضنا على أن توقع مصر على أي وثيقة خصوصا اتفاق إعلان المبادئ الأخير، لأنه ينطوي بكل بساطة على اقرار بحق إحدى دول المصب في أن تقدم حقها في إنتاج الكهرباء على حق دول المصب في الحصول على الماء".
واستكمل: "كان من الممكن توجيه المباحثات إلى كيفية توفير مصادر لإنتاج الكهرباء لأثيوبيا بدلا من القبول بالأمر الواقع الذي فرضته دون تشاور أو تفاوض قبل الإقدام عليه، معتبرة أن من حقها استغلال مياه النيل كما تشاء، بغض النظر عن أثر ذلك على شعوب المصب".
وتابع: "المشكلة لا تتمثل في حسن نوايا الأطراف، وما أشار إليه قائد الانقلاب في كلمته، من توّفر الثقة بين قيادات تلك الدول.. فالسياسة المتغيرة لا تسمح بأن تضع مصدر حياتك بيد دولة أخرى معتمدا على أنها لن تستعمل تلك القدرة على التأثير في سياساتك، بل وربما حياتك".
وواصل: "
سد النهضة لا يمثل لمصر مجرد سد، وإنما بوابة تتحكم في وصول المياه إليها، وحجم تلك المياه.. ولك أن تتخيل يوم أن تتراجع هذه الثقة أو تتصادم المصالح.. فهل يضمن قائد الانقلاب ألا تكون مصر تحت مقصلة بوابات سد النهضة؟! إنه لا يسعى للحفاظ على ميراث مصر من حقوق، وإنما إلى الحفاظ على مقعده، وكسب الصداقات على حساب مصير بلد".
واختتم محسوب تدوينته: "تلك الحماقة التي ارتكبها قائد الانقلاب بالتوقيع على أخطر وثيقة في تاريخ مصر دون العودة للشعب تجعله خارج الجماعة الوطنية.. وأصبح التمسك بعدم شرعيته الطريق الوحيد لرفض تلك الوثيقة.. وإعادة التفاوض مع أشقائنا من دول حوض النيل على بدائل لا تجعل مصر تحت رحمة أحد، ولا تجعل أحدا تحت رحمة مصر.. وإنما اقتسام عادل لمياه النيل، وبحث للجميع عن مصادر للطاقة لا تضحي بمصالح أحد، وحقه في السيطرة على مياهه، ومصدر حياته."
شرابي: خيانة
في سياق متصل، علق المتحدث باسم حركة "قضاة من أجل مصر" المستشار وليد شرابي، على الاتفاقية، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك قائلا: "الشرعية الدولية للسيسي لم يسع للوصول إليها إلا من باب الخيانة".
واستكمل أنه "أفريقيا: بتنازله عن مياه النيل لصالح
أثيوبيا .وعربيا: بضرب ليبيا ومحاصرة غزة بدعم خليجي. وأوروبيا: بالتفريط في الغاز المصري لليونان، وشراء طائرات الرش الفرنسية (الرافال) .وأخيرا: أمريكيا: بالانصياع الكامل حتى وإن أعطته واشنطن ظهرها".
مطر: شرعنة للانتهاك
متفقا مع شرابي، علق الإعلامي بقناة الشرق معتز مطر على الوثيقة قائلا - عبر حسابه الشخصي على موقع تويتر "ليس عيبا أن تكون غير قادر مؤقتا فى الدفاع عن مصالحك..لكن هو جرم وخيانة أن تعطى لمغتصب صكا يتيح له شرعنة انتهاكك".
خالد علي: مخالفة للدستور
ومن جانبه، قال المحامي الحقوقي خالد علي: "فوجئنا اليوم بتوقيع الرئيس السيسي لوثيقة مبادئ سد النهضة، ثم ظهرت تصريحات بأن الاتفاقية تحتاج لصياغة قانونية، ثم قال البشير إن السعة الاستيعابية للسد تحتاج لمراجعة"، مضيفا أن ذلك يعطي مؤشرات لخطورة الوثيقة.
وأضاف أنه وفقا للدستور "المادة 32"، فكان لابد قبل أن يتم توقيع وثيقة سد النهضة أن يتم عرض ذلك الأمر للاستفتاء الشعبي، بالإضافة إلى المادة 44 من الدستور التي تنص على أن الدولة عليها حماية نهر النيل، وحماية حقوق مصر التاريخية، ولا أستطيع أن أجزم بأن توقيع الوثيقة يُعد تعديا على حقوق مصر، وإنما الأزمة تكمن في التجهيل، وغياب الحوار المجتمعي.
6 أبريل: كله بثمنه لدى العصابة
من جهتها، علقت حركة شباب 6 أبريل علي الاتفاقية -في تغريدة على تويتر- بالقول: "بعد ما باعوا غاز البحر المتوسط، بيبيعوا مياه النيل كله بثمنه.. أكيد نصيب كل واحد في العصابة مايقلش عن حباية خضراء"؟
نقابة الفلاحين: تعطيش وتبوير
من جانبها، أصدرت نقابة فلاحي مصر بيانا حول الاتفاقية قالت فيه إن البدء في ملء بحيرة سد النهضة في 30 حزيران/ يونيو 2015 إن تم على ثلاث سنوات، وهو ما تصر عليه السلطات الأثيوبية، يعني تقسيم سعة البحيرة على ثلاث مراحل، أي 74 مليار متر مكعب مقسومة على ثلاث سنوات، حينئذ ستكون نسبة الخصم من حصة مصر (55.5 مليار متر مكعب) تساوي 25 مليار متر مكعب، أي ما يقترب من 50% من حصة مصر الفعلية، وهذا سيؤدي إلى عطش وتبوير 4 ملايين فدان مزروعة بالفعل يعيش عليها 25 مليون مواطن من الفلاحين وتجار وموظفين وغيرهم، وتوقف محطة توليد كهرباء السد العالي تماما".
وأضاف البيان: "إن توقيع السيسي بصفته رئيس السلطة الانقلابية على الاتفاقية الإطارية أو ما عرف باتفاقية المبادئ في الخرطوم أو أثيوبيا قبل أن يعرف الشعب المصري، ما هي الحلول المطروحة لحل الأزمة؟ هي جريمة لا تغتفر في حق مصر".
والأمر هكذا، رفضت نقابة الفلاحين هذا الإجراء، وطالبت بإيقافه، واللجوء للتحكيم الدولي، ومخاطبة البنك الدولي بإيقاف تمويل سد النهضة، ومنها دول عربية حتى تقبل أثيوبيا بعدم المساس بحصتنا من مياه النيل أو اتخاذ وسائل أخرى تضمن هذا الحق"، وفق البيان.
10 مبادئ تمس حقوق مصر
ووقع عبد الفتاح السيسي الاثنين، في الخرطوم، على "اتفاقية وثيقة النهر" مع الجانب الإثيوبي، التي بموجبها تعترف مصر رسميا بحق إثيوبيا الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهد أديس أبابا بإشراك مصر في إدارتها للسد.
ويتضمن الاتفاق 10 مبادئ أساسية تشمل: التعاون، التنمية والتكامل الاقتصادي، التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، الاستخدام المنصف والعادل للمياه، التعاون في عملية الملء الأول لخزان السد، وتشغيله السنوي، بناء الثقة، تبادل المعلومات والبيانات، أمان السد، مبدأ احترام السيادة، ووحدة أراضي الدولة، والحل السلمي للنزاعات.
وتضمن الاتفاق آلية لتسوية النزاعات بين مصر وإثيوبيا، من بينها التشاور والتفاوض والوساطة والتوفيق، وكلها أدوات نص عليها القانون الدولي لتسوية أي خلافات قد تطرأ حول تفسير أو تطبيق بعض نصوص الاتفاق.
ويؤكد الاتفاق عدم المساس بالاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، ولا يتناول حصص المياه أو استخداماتها، إنما يقتصر فقط على ملء وتشغيل السد، على أن يعقب اتفاق المبادئ اتفاقات أخرى.
وكان أستاذ المياه بكلية الزراعة بجامعة القاهرة د. نادر نور الدين قال في تصريحات صحفية إن التوقيع على الوثيقة يعني الموافقة لإثيوبيا على بناء سد النهضة رسميا، وعودة التمويل الأجنبي، وتسارع الخطى في بنائه، مع الانتهاء منه تماما قبل صدور التقرير النهائي غير الملزم للمكتب الاستشاري والخبير الدولي بعد 15 شهرا من توقيع التوافق.
وأشار إلى إن تأثير السد سيكون مخيفا وكارثيا على مصر التي لن تستطيع تحقيق أي تنمية زراعية، وستخسر ما بين 3 إلى 5 ملايين فدان، فيما ستتوقف مشروعات الاستصلاح في سيناء وتوشكي والساحل الشمالي الغربي، خاصة أن إثيوبيا، وبعد أن تقيم السدود الخمسة الأخرى، ستحجز ما يزيد على 250 مليار متر مكعب خلف سدودها الخمسة.
وفرضت أثيوبيا في الاتفاقية كلمة "يحترم" بدلا من كلمة "ملزم" حول تقرير المكتب الاستشاري لبناء السد، وهو ما فسره مراقبون بأن مصر والسودان ليس من حقهما الاعتراض على التقرير، وأن من حق إثيوبيا أن تستمر في بناء السد دون الالتفات لأي اعتراضات.