كوكبيرن: بلير ينضم لنادي سياسيين أسقطهم الشرق الأوسط
لندن - عربي2123-Mar-1506:21 PM
1
شارك
كوكبيرن: دمر بوش وبلير العراق، وبدأت الأبواب تفتح أمام تنظيم الدولة - أرشيفية
نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، مقالا للكاتب باتريك كوكبيرن، حول تنحي توني بلير عن وظيفته كونه مبعوث سلام الرباعية في الشرق الأوسط، وهو الخبر الذي يقول الكاتب إنه ووجه بمزيج من الانتقاد الحاد والسخرية والارتياح، حيث كان توني بلير يمنح هذه الوظيفة ثلاثة أيام في الشهر، بحسب التقارير، وبقية أيام الشهر لأعماله الخاصة.
ويقول كوكبيرن إن "توني بلير عضو في نادٍ غريب وحصري على أعضائه؛ إنه نادي السياسيين البريطانيين والأمريكيين، الذين اعترت وظائفهم أو أنهتها الأحداث الجسام في الشرق الأوسط، ويضم من الجانب البريطاني ونستون تشرتشل وديفيد لويد جورج وأنتوني إيدن، ومن بين الأمريكيين جيمي كارتر ورونالد ريغان وجورج بوش".
ويتساءل الكاتب إن كانت الأزمات في الشرق الأوسط التي فشل هؤلاء الرجال الستة في التغلب عليها بنجاح لها قاسم مشترك، وهل كررت الأخطاء؟ ولماذا أصبحت هذه المنطقة مقبرة لسمعتهم السياسية؟.
ويشير كوكبيرن إلى أن تنحي بلير جاء تقريبا مع الذكرى المئوية، في تاريخ 18 آذار/ مارس 1915، عندما دخل الأسطول البريطاني والفرنسي مضيق الدردنيل بنية الوصول إلى إسطنبول. وكان قائد البحرية الأعلى آنذاك تشرتشل الداعي الرئيسي إلى تلك العملية، التي فشلت فشلا ذريعا عندما أغرقت الألغام والمدافع التركية ثلاث سفن حربية، وعطلت ثلاث سفن أخرى. وبعد ذلك بفترة قصيرة قال إنه يؤيد عملية إنزال قوات برية في شبه جزيرة غاليبولي في 25 نيسان/ أبريل، وهي العملية التي انتهت بهزيمة نكراء بعد ثمانية أشهر، وبعد مقتل ربع مليون جندي بريطاني وفرنسي، ومثلهم من الجنود الأتراك.
ويذكر الكاتب أن البريطانيين هاجموا مواقع الأتراك الصعبة في غاليبولي؛ لأن الأتراك خسروا سلسلة من المعارك في الأشهر الأولى من الحرب العالمية الأولى، ما جعل تشرتشل ووزير الحرب آنذاك اللورد كيتشنر، يستخفان بإمكانيات الأتراك الدفاعية.
ويقول إنه عند قراءة كتاب "سقوط العثمانيين" لمؤلفه يوجين روغان، الذي يغطي الأحداث في الشرق الأوسط ما بين عامي 1914 و 1920، هالته أوجه الشبه بين ما حدث آنذاك وما حدث خلال الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، ففي الحالتين كانت هناك ثقة زائدة وسوء تقدير للعدو. مضيفا أنه تم تخفيض رتبة تشرتشل بعد أحداث 1915، وخسر سمعته التي لم تتعاف حتى عام 1940، عندما أصبح رئيسا للوزراء.
ويبين الكاتب أنه بعد غاليبولي بسبع سنوات، وفي عام 1922 خسر لويد جورج منصبه رئيسا للوزراء، بعد أن كاد يدخل في حرب مع تركيا، بعد أن أيد المحاولة اليونانية الفاشلة لغزو لتركيا.
ويعلق كوكبيرن بأنه لطالما شبه توني بلير بلويد جورج في طموحه وثقته من أن بإمكانه التأثير على الآخرين. وكان لدى الرجلين سبب جيد ليعتقدا أن بإمكانهما إيجاد حلول ذكية لمشكلات مستعصية، وكان نجاحهما الكبير في إيرلندا، فلويد جورج فاوض على أنها حرب الاستقلال في إيرلندا عام 1921، وبلير جلب السلام لشمال إيرلندا من خلال اتفاقية الجمعة العظيمة عام 1998.
ويرى الكاتب أن نجاح الرجلين في إيرلندا يعود لمعرفتهما الجيدة بها، فبالنسبة للويد جورج، كانت إيرلندا هي السبب المركزي للأزمات في السياسة البريطانية لنصف قرن، وبالنسبة لبلير فلأنه نصف إيرلندي، حيث أمّه هيزل تنحدر من عائلة مزارعين بروتوستانتية في دونيغال.
ويستدرك كوكبيرن بأنه بالرغم من جر بريطانيا إلى حرب العراق عام 2003، وبالرغم من عيش بلير فترات طويلة في الشرق الأوسط، بعد أن كان رئيسا للوزراء، إلا أنه لم يظهر الحساسية ذاتها تجاه سياسة المنطقة، كما كانت حساسيته في التعامل مع إيرلندا.
ويلفت الكاتب إلى أنه عندما كان توني بلير يدلي بشهادته أمام تحقيق تشيلكوت عام 2010، أعطى انطباعا بأنه لم يستوعب الطائفية والفساد في الحكومة العراقية، التي ساعد في جلبها إلى السلطة، ولذلك لابد أنه فوجئ تماما بصعود تنظيم الدولة، وسيطرته على ثلث العراق، إذا أخذنا بعين الاعتبار نظرته المتفائلة للعراق في ذلك الوقت. وبالتأكيد فمن المشوق معرفة النصح الذي يسديه توني بلير لزبائنه الأثرياء في الخليج ووسط آسيا حول التطورات في العراق وسوريا وليبيا.
ويتساءل الكاتب: "هل هناك شيء يجب تعلمه من أزمة السويس عام 1956، التي أنهت حياة أنثوني إيدين السياسية، وأثبتت أن بريطانيا لا تستطيع التصرف في الشرق الأوسط بما يعارض الرغبات الأمريكية؟، لقد كانت شيطنة الرئيس عبد الناصر وتشبيهه بهتلر شبيهة بشيطنة صدام حسين، وفي كلتا الحالتين حاول الغرب إظهار أن حاكما واحدا هو سبب مشكلات مصر أو العراق كلها".
ويذكر كوكبيرن ما قاله له جراح عراقي في بغداد بعد سقوطها عام 2003: "يجب على الأمريكيين أن يعلموا أن حكم العراقيين كان صعبا حتى على صدام".
ويوضح الكاتب أنه بعد أزمة السويس أصبحت أمريكا هي القوة الغربية الرائدة في الشرق الأوسط، وأصبح رؤساؤها هم المرشحون للتضرر السياسي من الشرق الأوسط أكثر من رؤساء الوزراء البريطانيين. فجيمي كارتر كان ضحية الثورة الإيرانية وسقوط الشاه وأخذ الرهائن في السفارة في طهران، ولم يكن هناك الكثير مما يمكنه فعله إزاء تلك الأزمات. أما رونالد ريغان فدمرت فضيحة إيران- الكونترا مستقبله السياسي، حيث كانت محاولة غريبة أن تقنع الإيرانيين بإطلاق سراح رهائن أمريكيين تم اختطافهم في بيروت، مقابل أسلحة، وأن تستخدم أموال تلك الأسلحة في تمويل ثوار الكونترا النيكاراغويين بشكل غير قانوني.
ويفيد كوكبيرن بأنه كان من الواضح بأن الضرر إذا فضح الأمر سيكون أكبر بكثير من أي منفعة، بالإضافة إلى أنه عند التعامل مع إيران فيجب معرفة أنه لا يمكن التغلب عليها في المراوغة والخداع.
ويجد الكاتب أن الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، كان إعادة لأزمة السويس، عدا عن أن أمريكا كانت هذه المرة هي التي تجاوزت حدود سلطتها، وقد يكون بوش وبلير تمكنا من الغزو والتخلص من صدام، الذي كان معظم العراقيين لا يريدونه، ولكن احتلالهما للعراق لم يكن يرضي أحدا، ويبدو أن بوش وبلير لم يدركا مدى انزعاج جيران العراق من وجود جيوش أجنبية على أراضيهم، ومع هذا يشكو بلير من التدخل الإيراني الذي يؤثر على الاستقرار في العراق، متجاهلا أن إيران لن تقبل أن يحكم العراق عدو لها.
يختم كوكبيرن مقاله بالإشارة إلى أن بوش وبلير دمرا العراق، ولم ينجح أحد في إرجاعه إلى سابق عهده، وبدأت الأبواب تفتح أمام تنظيم الدولة.