حذر خبراء ووزراء
مصريون سابقون من مغبّة توقيع حكومة بلادهم على وثيقة "
سد النهضة" مع كل من إثيوبيا والسودان، معتبرين أنها ستتسبّب بخلق حرب جديدة بشأن المياه في المنطقة، فضلا عن كونها ستعرض مصر للعطش مستقبلا.
وكان السفير المصري لدى الخرطوم، أسامة شلتوت، قد أكّد أن رئيس بلاده عبد الفتاح السيسي سيوقع وثيقة الاتفاق الثلاثي المبدئي على آلية تشغيل "سد النهضة" الإثيوبي، الاثنين المقبل، برفقة نظيره
السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ميريام ديسالين.
وقال الخبراء "إن هذه الوثيقة سوف تفرض أمرا واقعا جديدا في حروب المياه بالمنطقة، وتعد بمثابة اعتراف مصري رسمي بحق كل دول النيل في بناء سدود على مسار النيل، ما سيقلص حصة مصر المائية، التي لا تكفيها حالياً، وهو ما يعرضها للعطش مستقبلاً، فضلاً عن أضرار السد الإثيوبي على إنتاج الكهرباء من السد العالي وتخريب أراضٍ زراعية مصرية".
وأكد وزير الموارد المائية والري المصري، حسام مغازي، أن وثيقة المبادئ الخاصة بسد النهضة الإثيوبي "ستكون ملزمة للدول الثلاث بعد التوقيع عليها"، وفق تأكيده.
وأوضح مغازي أن الوثيقة تنص على أن تلتزم الدول الثلاث بتوصيات المكتب الاستشاري الدولي المُنفذ لدراسات سد النهضة - أياً كانت -، وهو ما يحتّم على الجانب الإثيوبي تعديل مواصفات السد حال ثبوت وقوع ضرر بالجانب المصري في تقرير المكتب الاستشاري، وفق قوله.
من جانبه، حذر رئيس "المجلس العربي للمياه"، محمود أبوزيد، من أن "أي اعتراف مصري بالسد الإثيوبي سيمنح أديس أبابا شرعية قانونية ودولية للبحث عن تمويل دولي لاستكمال أعمال البناء من الدول والمنظمات المانحة، خاصة بعد المساعي التي قامت بها مصر عام 2011 من خلال إخطار البنك الدولي وصندوق النقد بعدم تمويل السد، نظراً لعدم اعتراف القاهرة به ومخالفته للاتفاقيات التاريخية الموقعة بين البلدين".
وحذّر وزير الري الأسبق، محمد علام، من أن "تتضمن الوثيقة الجديدة اعترافاً مصرياً بالسد بسعته المقررة التي ستؤثر على حصة مصر المائية".
وشدّد علام على ضرورة أن "تتضمن وثيقة المبادئ لسد النهضة بنداً صريحاً للتفاوض حول السعة للوصول إلى الحجم المناسب، الذي يحقق أهداف التنمية الإثيوبية، ولا يلحق بمصر أو بالسودان أضراراً جسيمة".
وقال الخبير الدولي في مجال المياه، مغاوري شحاتة، "إن أديس أبابا تسعى من خلال سياسة واضحة إلى استدراج مصر طيلة السنوات الماضية التي شهدت العديد من الاتفاقيات واللقاءات والمباحثات، من أجل الحصول على اعتراف مصري بالسد، وهو الأمر الذي لو تم بالفعل خلال زيارة الرئيس السيسي أو أثناء التوقيع على الاتفاقية، فسيصبح نقطة تحول في المفاوضات لمصلحة تمويل السد".
يذكر أن إثيوبيا تقوم حالياً ببناء سد النهضة على شاطئ
نهر النيل الأزرق الذي ينبع من هضبة الحبشة، ويمد مصر بأكثر من 80 في المائة من حصتها من مياه نهر النيل، وقد أعلنت أديس أبابا قبل ثلاثة أعوام، ودون التنسيق مع مصر، مضاعفة الطاقة التخزينية لسد النهضة من 14 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر مكعب، الأمر الذي من شأنه أن يلحق أضراراً بالغة بحصتي السودان ومصر من مياه النيل، وهو ما دفع مصر إلى الاحتجاج وعقد سلسلة طويلة من المفاوضات مع الخرطوم وأديس أبابا للتوصل إلى حل توافقي يسمح لإثيوبيا باستكمال مشروعها لتوليد الكهرباء.