تدرس الولايات المتحدة تصريحات رئيس الوزراء المنتخب بنيامين
نتنياهو، التي رفض فيها العملية السلمية القائمة على حل الدولتين. ويرى معلقون أن رفض نتنياهو يعد تصادماً مع رغبة الولايات المتحدة واستراتيجيتها في العملية السلمية.
وكتب المعلق الأمريكي ديفيد إغناطيوس، في صحيفة "واشنطن بوست"، معلقاً على نتائج الانتخابات
الإسرائيلية، قائلاً: "إنه آذار المجنون في الشرق الأوسط، حيث تتبادل فيه الولايات المتحدة وإسرائيل الانتقادات اللاذعة والتطمينات، بعد انتصار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في انتخابات التحدي، في الوقت الذي تقترب فيه الولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق مع عدوتها اللدودة:
إيران".
ويضيف الكاتب: "إنه وضع متفجر بالنسبة لإدارة
أوباما، التي عبرت عن رفضها لتصريحات نتنياهو الانتخابية، التي رفض فيها الدولة الفلسطينية. وسيحدث صدام سياسي ودبلوماسي أيضاً، بعد التصفيق الحاد الذي قام به الجمهوريون لنتنياهو عندما ألقى خطابه في 3 آذار/ مارس، الذي انتقد فيه سياسة أوباما تجاه إيران".
ويبين إغناطيوس أن أول إشارة عن عدم ارتياح أوباما جاءت يوم الأربعاء، عندما انتقد السكرتير الإعلامي للبيت الأبيض جوش إرنيست تحذيرات نتنياهو في يوم الانتخابات من تدفق الناخبين العرب، واصفاً إياها بأنها "خطاب يهدف إلى تهميش إحدى فئات الشعب، مما يدعو إلى القلق، ويثير الانقسام".
ويشير التقرير إلى أن نتنياهو قد خفف من حدة خطابه في الانتخابات، عندما قال لمذيعة "إن بي سي" أنديرا ميتشل، إنه يريد "حل دولتين دائماً"، إن "تغيرت الظروف". وفي أثناء حديثه كان يعرف الإسرائيليون أن البيت الأبيض يدرس سلسلة من التحركات للتعبير عن الغضب. وبعد المقابلة، التي بدا فيها نتنياهو تصالحياً، كشف البيت الأبيض عن أن أوباما اتصل بنتنياهو وهنأه على الفوز.
ويقول الكاتب إن هذا الكلام المهدئ جاء بعد أن كان البيت الأبيض يدرس سلسلة من أساليب الضغط، التي تشمل:
أولاً: إعداد صيغة تحدد شكل الدولة الفلسطينية تقدم إلى مجلس الأمن، وتقوم الصيغة على ملخص للنقاط التي برزت في محاولات وزير الخارجية جون كيري في عقد جولة مفاوضات قبل انهيارها العام الماضي.
ثانياً: محاولة منع نتنياهو من المضي قدماً في توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، عن طريق تحذيرات تقدم من خلال الكونغرس، والمتعلقة بالقروض المضمونة لإسرائيل. وكان جورج بوش الأب قد خفض من نسبة القروض المضمونة لإسرائيل في عام 1991؛ احتجاجاً على المستوطنات.
ثالثاً: تغيير السياسة الأمريكية المعارضة لانضمام الفلسطينيين لمحكمة الجنايات الدولية، وقد تقوم الولايات المتحدة بتخفيف الضغط على حلفائها الأوروبيين الذين يدعمون فرض مقاطعة على إسرائيل.
رابعاً: التفكير بطريقة استخدام الفيتو في المستقبل، فقد رفضت الولايات المتحدة القرارات المتعلقة بإسرائيل كلها، بما فيها تلك التي تشجب النشاطات الاستيطانية.
ويعتقد إغناطيوس أن تبني أي من هذه التحركات سيفتح صدعاً بين الحليفين. ولهذا يظل تفكير الولايات المتحدة بهذه التحركات تكتيكياً للضغط على إسرائيل. ويريد المسؤولون الأمريكيون دفع نتنياهو إلى تبني مواقف معتدلة، خاصة أنه يحاول بناء تحالفات لتشكيل الحكومة.
ويرى الكاتب أن تصريحات نتنياهو لميتشل كانت محاولة لنزع فتيل الجدل الذي ثار بعد الانتخابات، ولا يعرف إن كانت هذه التصريحات رفضاً كاملاً كما تريد واشنطن.
ويجد إغناطيوس أن المحادثات مع إيران تقترب من نهايتها في سويسرا، وقد تؤدي إلى رفع درجة حرارة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. ولكن الإسرائيليين قالوا في أحاديث خاصة إنه يمكنهم التعايش مع الصفقة، حتى تلك التي تسمح للإيرانيين بتخصيب اليورانيوم، طالما اتخذت الإجراءات لمنع إيران تطوير برنامجها النووي، والتزمت بالشروط. كما عوم نتنياهو فكرة أنه يجب احتواء نشاطات إيران النووية حتى توقف دعمها للإرهاب، وتوقف جهودها التخريبية في المنطقة، وتعترف بوجود إسرائيل.
ويذكر التقرير أن المسؤولين الأمريكيين يحضرون خطة لمرحلة ما بعد الاتفاق مع إيران، من أجل استعادة حلفاء عرب مثل السعودية. وتظل أولوية واشنطن، كما يقول الكاتب، هي تقوية الدول السنية حتى تكون قادرة على مواجهة التدخلات الإيرانية بدلاً من جر الكلام المعسول فقط. فالسعوديون وغيرهم خائفون من صعود إيران؛ بسبب دورها النشط في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
ويرى الكاتب أنه من أجل تحقيق التوازن الأمني في المنطقة، فلابد من تقوية الدول السنية، حتى تعادل قوة إيران. ويعتقد أن وجود مصر قوية ومستقرة قد يصلب من عود السنة.
ويخلص إغناطيوس إلى أنه في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي "فإننا نتوقع قيام المتشددين الإيرانيين باستعراض قوتهم في المنطقة دون أي رادع، وسنرى مبشرين لهذه القوة في العراق، مثل الجنرال قاسم سليماني من الحرس الثوري، الذي يقود الميليشيات الشيعية في المعركة لاستعادة المدينة السنية تكريت. ويدفع سليماني بقوة، وهناك حاجة لقيام الولايات المتحدة بالحد من هيمنته، إن أرادت الحفاظ على دعم السنة".