"
مصر تستيقظ الآن".. هذا هو العنوان الذي مثَّل قاسما مشتركا بين غالبية الصحف المصرية الصادرة الاثنين 16 آذار/ مارس 2015، في مهرجان دعائي أقامته احتفالا بختام مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، واقتباسا من كلمة
السيسي بهذه المناسبة؛ وذلك بعد ثلاثة أيام خلت فيها تلك الصحف من أي حديث عن أي تفجيرات وقنابل وإرهاب؛ وهو حديث لم يتوقف يوما؛ منذ تم تنصيب السيسي حاكما لمصر، في الثامن من حزيران/ يونيو 2014.
الغريب أن صحيفة "المقال" لإبراهيم عيسى -ذات التمويل المجهول- أقرت بـ"قلة التفجيرات" خلال أيام المؤتمر"، وتناولت "سر انحسار التفجيرات خلال المؤتمر"، فقالت: "انحسرت التفجيرات بشكل واضح في أثناء انعقاد
المؤتمر الاقتصادي، فلم تحدث سوى تفجيرات محدودة الأثر والعدد، كما جرى بسيدي بشر بالإسكندرية، وفي البدرشين؟".
وكان الأغرب هو التفسير الذي قدمته صحيفة "المقال" لذلك، وهو "الصدفة البحتة"!
هذا هو التفسير "الفُكاهي" الذي قدمته جريدة إبراهيم عيسى لـ"سر انحسار التفجيرات خلال المؤتمر"!
أين الإرهاب؟
يبدو أن الإرهابيين وجدوا في مؤتمر شرم الشيخ فرصة سانحة للتعاون مع السلطات، على إنجاح المؤتمر، ووقف عملياتهم الإرهابية، ما يعني أن لدينا في مصر إرهابيين يضعون أنفسهم في خدمة السلطة، ويحققون أهدافها، ويأتمرون بأمرها، ويتحركون وفق تخطيطها!
ولذر الرماد في العيون، نشرت الصحف بيانا للمتحدث العسكري، خرج فيه ليعلن حصيلة مطاردة الإرهابيين خلال الأسبوع!
فأبرزت جريدة "الأخبار" إعلان القوات المسلحة مقتل 45 إرهابيا، وضبط اثنين آخرين، و79 مشتبها بهم، وتدمير 15 مقرا ومنطقة تجمع للعناصر الإرهابية، وضبط وحرق 18 عربة أنواع مختلفة وحفار، و53 دراجة بخارية بدون لوحات معدنية".
ووفق مراقبين فإن هذه الحصيلة هزيلة للغاية، في شمال سيناء، طوال الأسبوع الماضي، وتحديدا في الفترة من 8 إلى 15 آذار/ مارس الحالي.. إذ يُلاحظ الخبث في صوغ البيان، إذ أدخل في الأسبوع أيام المؤتمر الثلاثة، وذلك حتى قبل انتهاء اليوم الأخير (الخامس عشر)!
فقالت الأخبار: تصفية 45 إرهابيا في مواجهات مع "كفار بيت المقدس" خلال أسبوع.
وقالت الأهرام: المتحدث العسكري: مقتل 45 إرهابيا وضبط 18 مطلوبا والقبض على 79 من المشتبه بهم خلال أسبوع في سيناء.
"السيسي - سلفي"
على صعيد المؤتمر، احتفت صحف الاثنين بالصورة "السيلفي" التي التقطها عدد من الفتيات والشباب العاملين في تنظيم المؤتمر مع السيسي، وإذا تذكرنا أن المؤتمر بدأ بصورة أخرى "سيلفي" أيضا للسيسي مع الشباب، فإننا سنعلم أن هناك رغبة في ترك صورة انطباعية جيدة عن المؤتمر، لدرجة أن صحيفة "الوطن" اعتبرت المؤتمر معادلا ل"السيسي - سيلفي"، فقالت في مانشيتها، مقرونا بالصورة: "السيسي - سيلفي": لن أنتظر خروج الشعب للتغيير"!
فقالت الشروق: سيلفي مع الرئيس. وقالت المقال: سيلفى المستقبل.. فيما قالت اليوم السابع: "تفاصيل "سيلفي" الرئيس مع شباب المؤتمر الاقتصادي.
مصر تستيقظ الآن!
هكذا، أبرزت صحف الاثنين تغطية شاملة لفاعليات اليوم الثالث والأخير للمؤتمر، وكلمة السيسي التي أكد خلالها حاجة مصر لـ300 مليار دولار لتحقيق تنمية حقيقية يشعر بها المواطن، وتلب احتياجات 90 مليون مصري، على حد تعبيره.
وأضاف أن "مصر تستيقظ الآن، وهي بلد خلقها ربنا علشان تعيش.. المصريون قالوا في 30 يونيو هنغير يعني هنغير وغيرنا.. وعلشان أكون منصف.. لو عايزين يغيروا تاني هيغيروا.. لكن أنا لا يمكن استنى تاني إن ده يحصل أبدا".
فخرجت الأهرام بمانشيت بلون أحمر بخط يدوي لخطاطها المعروف "محمد المغربي"، قائلة: "مصر تستيقظ الآن".
وبأسلوب تعبيري عاطفي، كتب رئيس تحرير "الأهرام" مقدمة تعبيرية قال فيها: "في مشهد وخطاب مرتجل غير مسبوق فاجأ به الرئيس عبد الفتاح السيسي المشاركين في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، أكد أن مصر تستيقظ الآن، مشيرا إلى أن البعض ظنوا بأن مصر ماتت، ولكن الله خلق مصر لكي تعيش.
وقالت المصري اليوم: وفرحت مصر.. السيسي: الدولة تستيقظ الآن.. و"البورصة" تربح 2 مليار جنيه.. تدافع شبابي لالتقاط صورة "سيلفي" مع الرئيس.. واستقالة مسؤولة بالبنك الدولي للعمل في الرئاسة.
وقالت الوفد: السيسي للعالم: مصر تستيقظ.. رسالة شكر إلى جميع الدول الشقيقة والصديقة المشاركة في نجاح المؤتمر.. الرئيس للمصريين: العالم كله جاء إليكم.. وحان دوركم في العمل.. حب الوطن ليس بالكلام ومصر قوية وغنية بشبابها وشعبها.. التزام المصريين بسداد حقوق الغير أمر لا يقبل الشك.. أقسم بالله: لن أنتظر حتى يطلب المصريون التغيير في ثورة ثالثة.
وقالت الجمهورية: مصر تستيقظ.. السيسي: حب البلد مش كلام..
وقالت الأخبار: السيسي: الآن مصر تستيقظ.. الرئيس يلهب حماس الجماهير بخطاب غير مسبوق في ختام مؤتمر شرم الشيخ..
وقالت التحرير: مصر تستيقظ.. السيسي يرفض الهتاف باسمه: تحيا مصر بشعبها وشبابها ولا أحد آخر.
وقالت الشروق: السيسي: مصر تستيقظ الآن.. ملتزمون بسداد الديون.. ونحتاج إلى 300 مليار دولار لإعادة البناء بشكل جيد.
وقالت الوطن: "السيسي – سيلفي": لن أنتظر خروج الشعب للتغيير.. المؤتمر الاقتصادي سيُعقد سنويا.. ونحتاج من 200 لـ300 مليار دولار ليعيش 90 مليون مواطن "بجد".. ومصر لا تموت.
وقالت اليوم السابع: "رجالة.. القائمة الكاملة لصناع نجاح المؤتمر الاقتصادي الذين تمكنوا من تحقيق أحلام وآمال المصريين".
وأضافت اليوم السابع: الرئيس: محدش يهتف للسيسي.. تحيا مصر.. عاوزين 300 مليار دولار.. بدأنا ولسه بدري.
الأذرع الإعلامية تشيد بالسيسي
خرجت الأذرع الإعلامية المؤيدة للسيسي في صحف الاثنين لتجعل منه زعيما ملهما.
فقالت المقال: إبراهيم عيسى يكتب: شعبية السيسي التي نحتاجها فيما هو أخطر.
وكتب رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة "الأخبار" ياسر رزق، وهو أحد أهم الأذرع الإعلامية للسيسي، مقالا بعنوان: "صحوة وطن.. وتنصيب زعيم".
وبدأ رزق مقاله بمقدمة تعبيرية عاطفية مماثلة لمقدمة رئيس تحرير الأهرام، فقال: "اغرورقت عينا الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو يلقي كلمته الختامية أمس في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري.. هذه هي المرة الخامسة التي أرى فيها الدموع في عيني السيسي".
وأضاف رزق: "استهل الرئيس كلمته إلى ضيوف المؤتمر قائلا: "عايز أكلمكم عن بلادي، عن مصر، ناس افتكرت إن بلادي ماتت، مصر ربنا خلقها علشان تعيش".
وتابع رزق: "شاهدنا دموع التأثر في عيني الرئيس، وهب كل من في القاعة مصريين وأجانب واقفين يصفقون، امتلأت أعيننا بالدموع، ومعظمنا بكى، لكنها كانت دموع الفرح، وكان بكاء الفخر والعزة".
ودخل محمود الكردوسي إلى المضمار، فكتب مقالا بجريدة "الوطن"، تحت عنوان: "اللي أوله مصر.. آخره سيسي"، قال فيه: "هذا ليس مؤتمرا اقتصاديا.. بل إرهاصا بثورة مصرية حقيقية. ثورة تصحيح لكل المفاهيم.. هذه ثورة.. حتى على مفهوم الثورة نفسه".
ووصف الكردوسي السيسي بأنه "عريس هذا المؤتمر"، مضيفا: "أنا فخور بهذا الرجل. فخور بأنني أحببته، وراهنت عليه، فخور بأنني كنت، وما زلت، وسأظل فاشيا في حبه، وفي قمع وإهانة كل الذين تجرأوا عليه، وأساءوا فهمه".
وتساءل الكردوسي: لمن الفضل اليوم؟ وأجاب: لعبدالفتاح السيسي.
ماذا بعد المؤتمر؟
هذا هو التساؤل الذي طرحته بعض الأصوات التي تسلحت بقدر من العقل في صحف الاثنين.
فقالت "الشروق": عماد الدين حسين، وهو رئيس تحرير الصحيفة، وأحد الأذرع الإعلامية للسيسي، يبحث عن إجابة السؤال الصعب من شرم الشيخ: ماذا سنفعل في اليوم التالي بعد نجاح المؤتمر؟
ولم يقدم حسين شيئا في الإجابة عن سؤاله سوى تصريحات لرئيس الوزراء، ووزراء الداخلية، والبيئة، والاستثمار، ورئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي، ورجل الأعمال أحمد هيكل، وأحمد زويل، ومسؤول بالرئاسة، وخبير إدارة.
وجمعت تصريحاتهم بين الإشادة بما اعتبرته "نجاح المؤتمر"، وتقديم اقتراحات بمصارحة الشعب بالحقيقة، والتركيز على شبكة الأمان الاجتماعي، واقتصاد المعرفة، وتشكيل لجان دائمة لمراقبة التنفيذ، وإخضاع العاصمة الجديدة لنقاش علني موسع.
وفي السياق نفسه، كتب رئيس مجلس إدارة الأهرام أحمد السيد النجار مقالا بعنوان: "المؤتمر الاقتصادي وقانون الاستثمار واعتبارات التنمية والعدالة"، قال فيه: "من الضروري التعامل بصورة علمية مع فيض الأرقام الذي تم نشره أثناء انعقاد المؤتمر، الذي يتضمن الكثير من التعهدات، وليس التعاقدات أو الاتفاقات".
وأضاف النجار: "التحرك باتجاه تحسين قواعد العدالة في النظام الضريبي بات مهددا بما أعلن عنه وزير المالية من تخفيض الشريحة العليا للضريبة على الدخل بالنسبة للأثرياء من 30% لمن يتجاوز دخله مليون جنيه في العام إلى 22.5% فقط، علما بأن الشريحة العليا من الضريبة على الدخل تبلغ 62% في الدنمارك، و57% في السويد، و50% في اليابان، و45% في الصين، و35% في تركيا، و37% في تايلاند، و40% في كوريا الجنوبية، و40% في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا".
وقالت الوطن: الجابر: نبحث مع مصر آلية ضخ الـ4 مليارات دولار خلال أيام.
وقالت الدستور: العالم يترقب باهتمام بالغ مدى جدية مصر للقضاء على البيروقراطية المدمرة في تنفيذ الأعمال والاستثمارات.. توقعات بتدفقات استثمارية تفوق 100 مليار دولار هذا العام أكبرها في قطاعات العقارات والطاقة والاتصالات.
وقالت البوابة: عقل محمد بن زايد أسرار الزائر والزيارة.
وقالت الوطن: الشيخ صالح كامل: مصر تحتاج ثورة تشريعية.
زيادة مقاعد مجلس النواب
نشرت "المصري اليوم" نقلا عن مصادر مطلعة، أن اللجنة المكلفة بتعديل قوانين انتخابات مجلس النواب وتقسيم الدوائر، تتجه بشكل كبير إلى زيادة عدد مقاعد المجلس، بنحو 20 إلى 30 مقعدا على مستوى الجمهورية، ليصل الإجمالي إلى نحو 600 مقعد بالمعينين.