• معقول طلب إنك تبعت تحقيق تاني مكان اللي منشور وإلا العدد مينزلش السوق؟
- آه والله زي ما بقولك كدة
• وانت عديت الموضوع عادي كدة؟
- لأ طبعا
• عملت إيه؟
- بعت له تحقيق تاني
2
"الوطن" تكشف الكارثة بالوثائق: مصر تبحث عن مليم والحكومة تهدر المليارات
13 جهة سيادية لا تدفع ضرائب موظفيها
الرئاسة والمخابرات والداخلية والدفاع في مقدمة المتهربين من الضرائب.. والخسائر وصلت 7.9 مليار جنيه.. والمالية: "متدخلوش عش الدبابير".
كانت هذه مانشيتات جريدة الوطن في عددها الذي كان من المفترض أن يرى النور يوم الأربعاء 11 مارس 2015، غير أن العدد توقف طبعه في مطابع الأهرام، ومارست جهات سيادية ضغوطا على الجريدة لتحذف التحقيق الكارثي وتنشر آخر بدلا منه، فاستجابت "الوطن" لنصيحة وزارة المالية ولم تدخل عش الدبابير وحذفت التحقيق لكن بعد أن تسربت معلوماته وأرقامه إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
لو أن حدثا كهذا وقع أيام الرئيس المعزول محمد مرسي، أو حتى أيام سلفه المخلوع حسني مبارك لقامت الدنيا على الحريات التي ضاعت والتضييق الذي عمّ والاستبداد الذي ساد ولعقد رؤساء التحرير اجتماعا طارئا لمواجهة الأزمة، وأصدرت نقابة الصحفيين بيانا يدين مصادرة جريدة لم تخالف القانون ولم تقم سوى بدورها البديهي في كشف الحقائق للناس، لكن لأن المنع وقع في عصر عبد الفتاح السيسي لم تر المؤسسات الصحفية في الأمر حرجا، ما العيب في أن تفرض الدولة وصايتها على الصحف وتمنع نشر معلومات تدينها؟ فنحن نحارب الإرهاب ونحتفل بالمؤتمر الاقتصادي، ولأجل ما نعلى ونعلى ونعلى، لازم نطاطي نطاطي نطاطي.
3
"لا تغضب إذا قلت لك إن الله سوف يعاقبنا جميعاً على دماء وأرواح ضحايا الفوضى والإهمال"، هكذا تحدث مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة الوطن في مقاله للسيسي بعد مصرع تلاميذ في حادث تصادم بين قطار وأتوبيس رحلات مدرسية أمام مدخل مدينة الشروق.
"أظافر كل طفل لقي مصرعه اليوم أهم مما يحدث في البلد، أغلى من الحكومة والسلفيين والإخوان والرئيس"، هكذا تحدث مجدي الجلاد بعد مصرع تلاميذ في حادث تصادم بين قطار وأتوبيس مدارس أمام مزلقان بأسيوط أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
قارن بين الموقفين لتعلم ما كان يمكن أن يقوله ويفعله "الجلاد" إذا تمت مصادرة جريدته في عهد مرسي!
4
يقول رؤساء التحرير والإعلاميون إنهم يؤجلون خلافاتهم مع الدولة لأنها تحارب الإرهاب، ولا يقولون إنهم يفعلون ذلك لأنهم جبناء.
يعلمون أن بقاءهم في مناصبهم بامتيازاتها وأموالها مرهون بتأييدهم المطلق للدولة وتبني خطابها ونهش خصومها والدفاع عن خطاياها قبل إنجازاتها، تمثُل أمامهم تجارب من حاولوا أن يغردوا خارج السرب فألزمتهم الدولة منازلهم أو طاردتهم حتى غادروا البلاد، يعرفون أن أرشيفهم متخم بالمخالفات والسقطات وماضيهم ملوث بالصفقات المشبوهة والجلسات السرية، لذلك لا يملكون أمام كل صفعة على الخد الأيمن سوى إدارة الخد الأيسر.
يحاول كثير من شباب الصحفيين تغيير هذا الواقع لكن إمكانياتهم تظل محدودة مع تحكم مندوبي أجهزة الأمن في مفاصل الصحف والقنوات، فإذا كتب أحدهم مقالًا يدين ما حدث يمنعه رئيس التحرير من النزول مجاملة لزميله وانتظارا لرد الجميل حين يتعرض لموقف مماثل، وإذا عرض أحدهم عمل تحقيق عن مصادرة الأفكار في عصر السيسي يطلب منه رئيس قسمه استبدال هذه الفكرة بأخرى تنفع الناس مثل أهم 11 معلومة لا تعرفها عن شقيق إليسا.
أمام ذلك لا يجد شباب الصحفيين سوى صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع محدودة التأثير، وبذلك تبقى أفكارهم في محيط أصدقائهم وأشباههم ولا تمتد للشريحة التي يرغب النظام دوما في تأمين ولائها وإبعاد المعلومات الحقيقية عنها.
5
سيذكر التاريخ في أشد صفحاته سوادا رؤساء تحرير ومذيعي عصر السيسي، فلاهم حافظوا على المهنة، ولا هم حفظوا كرامتها، أقصوا كل رأي مخالف وحجبوا المعلومات التي طُلب منهم حجبها، وسمحوا للواء متقاعد بأن يملي عليهم ما يكتبوه ويقولوه.
أرادوا أن يخرجوا من الفقر الذي عاناه أغلبهم في أول حياتهم ويحافظوا على نمو أرصدتهم في البنوك ولو على حساب شعب يلوثون وعيه ووطن يقامرون بمستقبله ومهنة يهددون بقاءها.
الحل في جيل جديد من الإعلاميين يقود الدفة للاتجاه الصحيح، ويبحث عن إعلام بديل وأدوات جديدة، ويعلم أنه سيتحدى دولة تكره الحقيقة أكثر من الإخوان، لكن حماية مهنتهم من مصير مظلم، والمساهمة في بناء وطنهم بالتنوع أمر يستحق التضحية.