كان "أبو محمد" يقاتل ضد القوات الأمريكية على مدى عدة سنوات، حيث كان منخرطا ضمن حركة "حماس
العراق"، غير أنه قرر في مرحلة لاحقة الانتقال إلى صفوف
تنظيم الدولة، ليتحول لمدافع عن التنظيم بعدما كان يصف عناصره بـ"التكفيريين" و"الخوارج".
وتحدث أبو محمد لـ"عربي21" عن التجربة التي مر بها، موجها سهامه لقادته السابقين الذي اتهمهم بأنهم يقاتلون "في سبيل الطاغوت" وأنهم يسعون لمصالحهم الشخصية.
وتتمثل أهمية رواية أبي محمد في أن التنظيم يضم اليوم أعدادا كبيرة من المقاتلين الذين كانوا منتمين لصفوف منظمات أخرى، بعضها مرتبط بحزب البعث، أو كانوا يخدمون في صفوف الجيش العراقي السابق. وبين هؤلاء من شغل مناصب قيادية عليا في التنظيم.
يقول أبو محمد لـ"عربي21": "كان لي أصدقاء يعملون في دولة العراق الإسلامية، غالباً ما نتناقش بأمور الجهاد والقتال ضد المحتل. ويضيف أن كثيراً ما كان أتباع تنظيم الدولة "يكفروننا (..) ويقولون لنا: أنتم لستم مجاهدين، فالجهاد نية وعمل، ويجب أن يكون تحت راية التوحيد، وإلا فأنتم تقاتلون في سبيل الطاغوت، حتى وإن قاتلتم الأمريكان".
وفي المقابل، "نحن كنا نتهمهم بأنهم تكفيريون خوارج، لأنهم يكفروننا، ونظن أننا مجاهدون، ونعمل بنية وإخلاص، ولا نبتغي شيئا من الدنيا"، حسب تعبير أبي محمد.
ويتابع أبو محمد قائلاً: "بعد أن مضت السنين، وتجلت الحقائق، إذا بالكثير من قادتنا دخلوا في العملية السياسية، أو ذهبوا إلى خارج العراق، وتركونا مشردين، إما في السجون الحكومية أو هاربين نجول الصحارى والجبال خوفاً من بطش الحكومة".
ويضيف لـ"عربي21": "كثيراً ما أفكر بكلام أصدقائي الذين كانوا في تنظيم
الدولة الإسلامية، فكانوا يتهموننا بأننا نقاتل في سبيل الطاغوت، فاتضح لي أن كلامهم صحيح، حيث إننا نقاتل من أجل حصول قادتنا على مكاسب مادية ودنيوية".
ويقول أبو محمد: "قررت الانضمام إلى دولة العراق الإسلامية عام 2009، وتجلَّت عن عيني الغشاوة التي وضعها علي قادتي وأمرائي، حيث كانوا يحذروننا من جماعة التنظيم ويتهموهم بالغلو والتكفير".
ويوضح أبو محمد، في حديثه لـ"عربي21"، أنه بعد انضمامه للتنظيم "تبيَّن لي الكثير من التهم والتلفيقات التي كانت تحاك ضدهم من قبل وسائل الإعلام وغيرها، فلم أجدهم يكفّرون أحدا إلا بدليل شرعي قاطع"، مضيفا: "من الأمور التي جذبتني للدولة الإسلامية أنها لا تعترف بحد أو جغرافية، فهي دولة شعارها: "باقية وتتمدد" فأين وُجد المسلمون فهي تكون موجودة"، وفق تعبيره.
ويقول أبو محمد إنه رأى "الأمراء والجنود يقاتلون بصفٍ واحد، ولا فرق بين الجندي أو الأمير أو الوالي، فالكل سواسية، عكس قادتنا الذين كانوا يعطوننا الأوامر فقط عن طريق الهاتف ولا نعرف أين هم".
ويذهب أبو محمد إلى القول: "وجدتُ أن التنظيم هو الوحيد الذي لم يساوم الحكومة ولا المحتل، وتم عرض الكثير من المغريات، من مناصب مرموقة وأموال طائلة، للكثير من القادة والأمراء في الدولة الإسلامية الذين كانوا في سجون الاحتلال، مقابل تراجعهم عن موقفهم من مقاتلة المحتل، ولكنهم رفضوا وأبوا، بعكس قادتي السابقين الذين غرتهم المناصب والأموال وتركوا الجهاد"، وفق تعبير أبي محمد.