استمرار الحراك الثوري في الشارع المصري ضد النظام الانقلابي.
توقع ثورة البسطاء الذين لم يحقق لهم
السيسي الحد الأدنى من تطلعاتهم.
بداية تصدع علاقات السيسي مع دول الخليج.
تلك هي العناصر التي تناولناها في الأسبوع الماضي خلال الجزء الأول من المقالة، كإرهاصات لسقوط السيسي، والذي اعتقد أنه في طريقه لتحقيق حلم (أوميجا والسيف)، بينما هو يهوي ويوشك على السقوط المدوي، لنضيف إلى هذه الثلاث إرهاصات أخرى تشير إلى تخبطه وأنه في طريقه إلى نقطة النهاية.
بداية التحالفات المشبوهة:
السيسي قد ورط أمريكا وأحرجها بالحماقات السياسية والأمنية التي غرق فيها حتى الثمالة، حيث أن أمريكا بدأت تدرك بعد أن مررت الانقلاب، أن السيسي لم يصل ببلاده إلى المشهد المطلوب أمريكيا.
ورغم أنها لم تتخل عنه بصورة نهائية باعتباره حقق للأمن القومي الإسرائيلي ما لم يحققه العملاء في المنطقة قاطبة، إلا أنها لا تستطيع هضم سياسات القمع الأمني السيساوي المفضوح في الداخل، والتحركات المتهورة للسيسي إقليميا، من أبرزها التدخل في ليبيا، وهو ما لا يتفق مع الرؤية الأمريكية التي تسعى إلى حل سياسي في ليبيا تتفادى به مزيدا من فتح جبهات العداء التي أرهقتها.
السيسي أدرك أن الدعم الأمريكي لم يكن كسابق عهده وأن الإدارة الأمريكية تعيد تقييم العلاقة مع النظام المصري، فلجأ إلى إقامات علاقات مع الروس على حساب علاقته بواشنطن، تمخضت عن زيارة بوتين التي جاءت بعد يومين من مجزرة ومهزلة (استاد) الدفاع الجوي والتي راح ضحيتها عشرات المشجعين، ليبارك بوتين سياسات النظام المصري القمعية.
ولم ينس بوتين أن يقدم للسيسي أغرب هدية يقدمها رئيس دولة لنظيره، وهي الكلاشينكوف الروسي التي قالت عنها الإندبندنت أنها تتسبب في مقتل ربع مليون شخص سنويا، وهي في ظني تحمل دلالة توقيع اتفاق يقضي بأن يكون السيسي هو الجندي الروسي في المنطقة.
هذا التقارب حتما لن يكون في مصلحة السيسي ويعرضه للسخط الداخلي لدى المتأمركين في مصر، وعلى صعيد المنطقة العربية أيضا، حيث أن علاقة الخليج بروسيا متوترة بسبب الدعم الروسي القوي لبشار الأسد، وهو ما يخل بتوازن السيسي سياسيا.
أقول ذلك مع الإشارة إلى أن العلاقات المصرية الأمريكية قد يشوبها التوتر نعم، لكنها غير قابلة من وجهة نظري للقطع، عبَّر عن ذلك وزير الخارجية السابق نبيل فهمي بقوله أن العلاقة بينهما كالزواج الكاثوليكي، فالشأن الإسرائيلي هو الملف الأبرز بينهما، وهو ما يلزم بقاء العلاقة قائمة بين البلدين.
أضف إلى ذلك التقارب السيساوي الإيراني والذي يتفرع عنه دعم النظام السوري، والحوثيين في اليمن أيضا، وهو ما ظهر في التصريحات الحوثية الغزلية لنظام السيسي، ولقاء الوفد الحوثي بالسفير المصري في صنعاء قبل مغادرته، هذه العلاقات المصرية الحوثية تأتي لتؤكد على تضامن أضلاع الانقلاب في المنطقة: السيسي وحفتر والحوثي، وهو ما يعد ضربة أخرى للعلاقات المصرية الخليجية بما يحمله الدعم المصري للحوثيين من تهديد للأمن القومي الخليجي، وهو ما يختزل من رصيد السيسي ويزيد من نقاطه السوداء.
مغامرات السيسي خارج الحدود:
دعم السيسي لحفتر معروف منذ البداية، لكنه لم يأخذ هذا الشكل القوي السافر إلا بعد حادثة ذبح 21 قبطيا على يد تنظيم الدولة الاسلامية، والذي استثمره السيسي في توجيه ضربة جوية لمعاقل التنظيم في درنة رغم أن الأقباط المصريين اختطفوا في سرت وقتلوا في طرابلس، وهو ما يؤكد توجه السيسي في فك الحصار عن حفتر بضرب درنة.
السيسي يغامر بجيشه خارج حدوده طمعا في تثبيت أركان نظامه الانقلابي عن طريق دعمه نظاما انقلابيا مماثلا في ليبيا، وللقضاء على الثورة الليبية التي يعني نجاحها الكثير في حسابات الثوار في مصر.
وجاءت هذه الضربة لتغطي على فشل السيسي الإداري في الداخل، والتعمية على فضيحة التسريبات، حيث قام بتعبئة الرأي العام وتجييش مؤيديه لمؤازرة الجيش في مسرحية حماية الوطن بضرب وطن شقيق.
ومنذ أيام نشرت وكالة معا خبرا يفيد بوجود حشود للجيش المصري على الحدود الليبية بحرا وجوا وبرا، بما يفيد أن الضربة الجوية ليست الأخيرة.
لقد أراد السيسي أن يكتسب شرعية عربية ودولية في مزيد من مغامراته على الأراضي الليبية لكنه فشل في ذلك وخانته حساباته، وانتقدته عدة دول أبرزها قطر، وقضي على حلمه بأن يمثل دور الزعيم العربي الذي يقود وحدة عربية لمواجهة الإرهاب.
هذه المغامرات استعدت الشعب الليبي مع ما لهما من حدود متاخمة، وقلصت من رصيد السيسي لدى بعض مؤيديه في الداخل المصري، بالإضافة إلى بعض الدول العربية، وكذا الولايات المتحدة التي ساءها هذا العمل السيساوي دون النظر إلى الرؤية الأمريكية
بركان سيناء الذي لا يخمد
كنت قد تحدثت في مقال سابق عن سيناء كيف ضيعها النظام المصري سابقا بتهميشها وتلقيمها لبطون الصهاينة عبر كامب ديفيد، وحاليا بسبب السياسات القمعية لشعب سيناء بذريعة محاربة الإرهاب.
هذه البؤرة في كل يوم تزدادا اشتعالا، وظهرت فيها كيانات جهادية مسيطرة نوعا ما، يستحيل وجودها دون حاضنة شعبية، وهذه الكيانات إن لم تكن على علاقة بالتفجيرات وأعمال العنف في قلب العاصمة، فلا شك أن عملياتها سوف تمتد حتما خارج حدود سيناء، وهو الأمر الذي يعتبر عقبة كؤودا أمام بقاء نظام السيسي الذي أدخل البلاد في هذا التيه.
تقلص كتلة 30 يونيو
فالسيسي قد تنكر لمؤيديه من الرموز الثورية المناهضة لحكم الإخوان، وقام بإيداع عدد منهم في السجون، وتنامت ظاهرة الاعتراف بالخطأ والمراجعات عما يسمى بثورة 30 يونيو، وبدا للمشاركين فيها أن السيسي قد غرر بهم وحصل على تفويض استغله في شق نهر من الدماء لا يتوقف جريانه، وأنه كرس لحكم ديكتاتوري لا مجال فيه للحريات.
كما أن كثيرا من العامة الذين دعموه باعتباره منقذ البلاد، تبين لهم أن السيسي لا يحسن في تلك البلاد سوى القمع والقتل، وأن الأفق مسدود في وجود إصلاحات اقتصادية وتنموية.
وأخيرا، بقي أن نشير إلى أن التسريبات الفاضحة المتعاقبة، تدل على وجود جناح مناهض لحكم السيسي داخل أروقة النظام، وهو ما أربك حسابات السيسي، وحتما لوجود هذا الجناح توابعه في مسلسل الأحداث على الساحة المصرية.
لذلك أقولها بملء فيّ: السيسي صعد إلى
الهاوية.