أكثر من نصف مليون مشاهدة حصدها كليب "
مصر قريبة" بعد رفعه على موقع يوتيوب بـ 24 ساعة، كما تصدر هاشتاغ ساخر يحمل عنوان الكليب قائمة الكلمات الأكثر تداولا على "تويتر" خلال الساعات القليلة الماضية، ليتصدر "
مصر قريبة" المشهد الإعلامي في مصر ما بين احتفاء رسمي وجدل بين النشطاء والنقاد الفنيين، تراوح بين الانتقاد والترحيب.
الكليب الذي احتفت به الدولة ممثلة في رئيس الوزراء إبراهيم محلب بتكريمه للفنانين المشاركين به صباح الجمعة، والذي أطلقته الهيئة العامة لتنشيط
السياحة بغية تشجيع السياحة العربية كحلقة ضمن سلسلة دعائية كبيرة، واجه سلسلة انتقادات لاذعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
الباحث السياسي أنس حسن نشر عبر صفحته الرسمية على فيسبوك مجموعة صور لمشاهد تضمنها الكليب وعلق عليها قائلا :"مصر كما يقدمها النظام الحالي للخليج".
في الصورة الأولى، يستوقف الممثلة المصرية غادة عادل، مرور سائح خليجي بزيه المعروف فتقترب منه وتهديه وردة حمراء وترمقه بنظرات رآها الكثير من النشطاء ذات مغزى مهين للمرأة المصرية وخادش للحياء.
وفي الصورة الثانية تظهر الممثلة المصرية أروى وهي ترقص وتتبادل الابتسامات مع سائح خليجي يرمقها عن كثب.
أما الصورة الثالثة فيظهر فيها الممثل المصري عمرو يوسف وهو يتحرش لفظيا بفنانة تمر بجواره في الشارع، وفي الصورة الأخيرة يظهر الممثل المصري أحمد رزق وهو يمارس أعمال نصب لجذب انتباه السيّاح وتحصيل أموال منهم.
ومتفقا مع حسن، علق الإعلامي زين العابدين توفيق على الكليب بتدوينة مقتضبة جاء فيها: "أوبريت رخيص، رخّص مصر وأهان الخليج وأهمل باقي الشعوب العربية".
وجهة النظر نفسها تبناها أحمد زين، صاحب إحدى أكبر شركات إنتاج الأفلام الوثائقية في مصر، والذي وجه عبر تدوينة له على "فيسبوك" رسالة إلى السيّاح الخليجيين في مصر، قائلا: "أخي الخليجي أختي الخليجية.. لا تغضب لأن المعلن المصري لا يرى فيك سوى ذلك الثري الذي يفقد سيطرته على أعصابه حينما يشاهد فتيات (غلابة) يرقصن بابتذال مؤلم في الأفراح الشعبية أو في المراكب النيلية فينفق على كل منهن عشرة جنيهات (نحو دولار ونصف)".
وتعجب زين في ذات التدوينة من تفكير المعلن المصري في أن إظهار السائح الخليجي على هذا النحو يسعده ويشجعه على السياحة في مصر.
على الجانب الآخر، غرّد محسن القناوي خارج هذا السرب، قائلا إن "صوت الفنان محمد منير وهو يشدو سلمى يا سلامة.. رحنا وجينا بالسلامة يشعرك، وكأن مصر كانت مريضة في عهد الإخوان (إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي) وتعافت الآن".
وانتقدت الإعلامية مريم سعيد الانتقادات الموجهة للكليب من بعض النشطاء بخصوص إساءته للمرأة المصرية وتقديمه لها في صورة "مرأة رخيصة" قائلة في تغريدة عبر "تويتر": "من يرى في كل جمال صورة حسية مشوهة عليه أن ينظف عينيه ويطهر قلبه".
من جانبها، قالت الناقدة ماجدة خيرالله إن "تجميل الواقع فكرة واردة في الكليبات والإعلانات التي تستهدف جذب السياحة"، لكنها انتقدت في الوقت ذاته الاستعانة بممثلين محترفين لتنفيذ فكرة الإعلان.
وتابعت أن "الاستعانة بنجوم التمثيل في الكليب أضفى عليه طابعا تمثيليا أفقده التلقائية والمصداقية المطلوبة لجذب السائح، وكأننا نقول له إن كل ما في الكليب مجرد تمثيل، فكيف سيقتنع بالسياحة في مصر إذن؟".
ولفتت الناقدة الفنية إلى أن "مصر السياحية لا يمكن اختزالها في جسر قصر النيل ومنطقة خان الخليلي (وسط القاهرة) كما يظهر بالكليب"، وتساءلت مستنكرة: "أين إذن السواحل المصرية والواحات والمناطق الأثرية التي يفد إليها السيّاح من شتى بقاع العالم؟".
واستدركت في محاولة منها للإجابة عن سؤالها: "هذا دليل دامغ على أن القائمين على الإعلان فكروا فقط في تقديم مصر من وجهة نظر السائح الخليجي، رغم أن الإعلان يستهدف تشجيع السياحة العربية بشكل عام، وأن عدد السيّاح الذين يزورون مصر من أوروبا الشرقية والصين واليابان أضعاف تلك الأعداد الوافدة من الخليج".
اختلفت معها في الرأي الناقدة الفنية حنان شومان التي قالت إن "تركيز الكليب على مخاطبة السائح الخليجي أمر منطقي لأنه بات من المعروف أن السياحة الخليجية تتمتع بقوة شرائية لا تضاهيها الجنسيات الأخرى، ما يجعلها رقما مهما في معادلة الدخل السياحي".
وأضافت أن استخدام نجوم التمثيل في الكليب أثرى قيمته الفنية وصنع فارقا نفسيا وبصريا لدى المشاهد.. كما أن توقيت طرح الكليب موفق للغاية، لأنه متزامن مع التقارب المصري الخليجي على المستوى السياسي و الاقتصادي، فمن الطبيعي جدا أن ينعكس هذا التقارب على المساحة الفنية أيضا، بحد قولها.
و"مصر قريبة" من كلمات نصر الدين ناجي، وألحان وتوزيع أحمد فرحات وإخراج تامر مهدي، وشارك فيه مجموعة كبيرة من نجوم الغناء لأول مرة معاً هم: محمد منير،وأنغام، ونوال الكويتية، وبندر سعد، وفايز السعيد، وبلقيس.
وشارك في تمثيل الكليب مجموعة من الممثلين المصريين هم: آسر ياسين ولطفي لبيب وغادة عادل ومحمد لطفي ويوسف الشريف وحسن الرداد وإيمي سمير غانم وسوسن بدر وعمرو يوسف وماجد المصري وكندة علوش ومحمد هنيدي وشريف منير وعزت أبو عوف وصلاح عبدالله وأحمد رزق وصبري عبدالمنعم وأروى جودة وسمير غانم ودلال عبدالعزيز وسامح حسين.
وتم تصوير العمل في عدة أماكن سياحية بالقاهرة هي المقطم (شرقا) وقلعة صلاح الدين (جنوبا) وبرج القاهرة وجسر قصر النيل وخان الخليلي (وسط البلاد).