كتب الصحفي الفرنسي المتخصص في شؤون العالم العربي ريني نبا تقريراً حول ردود الأفعال التي تلت زيارة وفد برلماني فرنسي لسوريا، دون موافقة الجمعية الوطنية الفرنسية ومقابلة ثلاثة من أعضاء الوفد للرّئيس السوري بشار
الأسد، واعتبرها ضربة للديبلوماسية الفرنسية التي كانت تسيّر العلاقة بين باريس ودمشق بحزم، وترفض أي علاقة مع بشار الأسد الذي اعتبرته فاقداً لأي شرعيّة.
واستعرض التقرير معلومات حول النواب الأربعة الذين تحولوا لسوريا، وهم: جاك ميارد وجيرارد بابت النائب الاشتراكي ورئيس مجموعة الصداقة السورية الفرنسية في الجمعية الوطنية الفرنسية، وجون بيار فيال النائب عن الحزب اليميني الاتحاد من أجل حركة شعبية، وفرنسوا زوكيتو النائب في مجلس الشيوخ ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية السورية في مجلس الشيوخ.
وقال التقرير إنّ هذه الزيارة البرلمانية التي تعد الأولى من نوعها منذ إغلاق السفارة الفرنسية في دمشق سنة 2012 تمثل نهاية للجبهة الداخلية الموحدة، التي جمعت كامل الطبقة السياسية الفرنسية ضدّ الرئيس السوري، واعتبر أن التهديدات الصادرة عن الأمين العام للحزب الاشتراكي جون كريستوف كمبدليس بمعاقبة أعضاء الوفد، تكشف عن شعور بالمرارة لدى دبلوماسية الحكومة الاشتراكية الحاليّة.
وذكّر التقرير بأن هذا اللقاء ليس الأول من نوعه، فقد أجرى النائب عن مقاطعة تولوز ميشال فوزال لقاء سابقاً مع رئيس البرلمان السوري جهاد لحّام في منتصف فبراير الجاري، في إطار منتدى برلمانات الدول المتوسطيّة، والفرق الوحيد هو أن لقاء ميشال فوزال جرى في مدينة موناكو بعيداً عن عدسات الصحفيين والشحن الإعلامي، ولكن هذا لا ينقص شيئاً من قيمة ذلك اللقاء الذي يصعب تصديق أنه تمّ بالصدفة، ودون علم المسؤولين الاشتراكيين في مقاطعة الألب.
وقال التقرير إن هذا الحدث يعتبر خروجاً من
فرنسا عن مسارها الذي روجت فيه أنها تتبنى
الثورة السورية، التي تعاني منذ أربع سنوات من انتكاسات وعنف متواصل.
ونشر التقرير صورة سابقة لاجتماع بين مسؤولين سوريين وفرنسيين في مؤتمر عقدته منظمة اليونيسكو في مايو 2014 لحماية التراث السوري المهدد في خضم الحرب الدائرة هناك وقال أن فرنسا سمحت في السّابق خلال هذه الاجتماعات المتعلقة بالخطر الذي تتعرض له الآثار بحضور اثنين من المسؤولين السوريين هما مدير الآثار والمتاحف مأمون عبد الكريم ومستشار وزارة الفلاحة طلال معلّى.
ونقل التقرير عن مصادر سوريّة في باريس أن هذا المؤتمر انعقد في كنف السرية بين يوم الاثنين 26 مايو ويوم الخميس 29 من الشهر نفسه، تحت غطاء اجتماع شهري روتيني للمنظمة الدولية ودون أي حضور إعلامي، كما لم يتم إرسال أي دعوات مكتوبة واكتفى المنظمون بدعوات شفاهية أُرسلت للأشخاص المعنيين عبر مسؤولين سوريين مازالوا يواصلون نشاطهم في باريس، وهو ما وصفه كاتب التقرير بأنه تناقض واضح مع السياسة المعلنة من الدبلوماسية الفرنسية فيما يتعلق بسوريا.
وتساءل التقرير إن كانت فرنسا تعتبر موضوع الآثار أكثر أهمية من تدمير سوق حلب والهجوم على قرية معلولا المسيحية؟ أم إن ذلك مجرد حجة تحاول من خلالها فرنسا تبرير هذا الانحراف الخطير أمام حلفائها الذين قد يعتبرون ذلك عودة منها إلى الوراء؟
وقال التقرير أن هذا الحدث لا يستهان به فهو يمثل بداية ذوبان جزئي للجليد بين البلدين، رغم أن فرنسا دائماً ما تقول أنها تتوقع سقوط نظام الأسد خلال أسابيع.
كما تحدث التقرير عن انحرافات سياسة وزير الخارجية لوران فابيس ووصفها بالمتذبذبة بعد تسريبات بأن وزارة الخارجية شجعت بشكل غير معلن علماء الآثار الفرنسيين على الحضور والإسهام في اجتماع المحافظة على الآثار السورية، وفسر كاتب التقرير ريني نبا السرية بأن مردّها هو المفارقة المخجلة بين الترحيب بذلك الاجتماع، ومنع الجالية السورية في فرنسا في تلك الفترة نفسها من القيام بالتصويت عن بعد في الانتخابات الرئاسية التي نظمها بشار الأسد، وهو ما يعني حسب التقرير أن وزير الخارجية إما مريض بانفصام الشخصية أو جاهل.
(
المصدر)