يقرر أحد كبار المطلوبين لإسرائيل من حركة
حماس، توفيق حامد، الذي اعتقد
الإسرائيليون أنه قُتل، حضور زفاف شقيقه، فيذهب للتهنئة متنكراً، وهناك يُكتشف أمره، فتبدأ ملاحقته من قبل وحدة "
المستعربين"، قبل أن يلوذ بالفرار جريحاً.
كانت تلك، مشاهد خيالية من مسلسل "
فوضى" الإسرائيلي، الذي يحاكي الحرب المستمرة بين وحدة "المستعربين" الإسرائيليين والمطاردين من حركة حماس، ولكن مع مشاهدة حلقاته لا يبدو الفصل بين الواقع والخيال معقداً.
ويقول آفي لسخاروف، مؤلف المسلسل: "فوضى، هو مسلسل من 12 حلقة، يحكي عن قصص الحرب الدموية التي لا تنتهي بين وحدة المستعربين والمطلوبين لقوات الأمن الإسرائيلية من حركة حماس، في الأراضي
الفلسطينية".
وبحسب لسخاروف، فإن ما تتضمنه الحلقات، عبارة عن قصص وشخصيات من نسج الخيال، وإن كانت تستند إلى الواقع من حيث تحفز وحدات "المستعربين" بشكل دائم لملاحقة واعتقال هؤلاء المطلوبين.
و"المستعربون" هم وحدة خاصة في أجهزة الأمن الإسرائيلية، ملامح عناصرها شرقية، ويتقنون اللغة العربية، ويتغلغلون متنكرين، في أوساط المتظاهرين الفلسطينيين، من أجل إلقاء القبض على قادتهم، كما أنهم يتوغلون في مدن فلسطينية لتنفيذ عمليات اعتقال أو اغتيال.
ومن خلال عمله 15 عاماً، في تغطية الشأن الفلسطيني للإذاعة الإسرائيلية العامة، وصحيفة "هآرتس"، ولاحقا موقع "والا" الإخباري، وما تخللها من لقاءات مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية وحماس، وآخرين في الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى مواطنين فلسطينيين، فقد اختزن لسخاروف في خياله الكثير من القصص التي تمنى أن تترجم في مسلسل.
ويقول: "كانت هناك العشرات من التقارير المصورة التي تتحدث عن المستعربين والمطاردين، ولكنها المرة الأولى التي يتم فيها ترجمة هذه العلاقة الدموية في مسلسل".
وبدأ المسلسل، الذي بثت شبكة الكوابل الإسرائيلية "يس" حلقته الأولى، قبل أيام، باستغلال محقق إسرائيلي لحاجة ابنة معتقل فلسطيني إلى عملية زرع كبد، فيعترف (المعتقل) بما شكل مفاجأة لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، بأن أحد كبار المطلوبين لإسرائيل من حماس (توفيق حامد) ما زال على قيد الحياة بعد أن اعتقد أن وحدة المستعربين قد اغتالته.
يقرر "المستعربون" اعتقال توفيق حامد "أبي أحمد" بعد اكتشاف أنه ما زال على قيد الحياة.
وتتشابه التهم الموجهة إلى "أبي أحمد" إلى حد كبير بالتهم الموجهة إلى إبراهيم حامد، قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية، وإن كانت القصة هي ليست ذات قصة إبراهيم حامد، وهو معتقل في السجون الإسرائيلية الآن، الحقيقية.
فمن خلال قصة المسلسل تتم الإشارة إلى "أبي أحمد" على أنه مسؤول عن قتل 116 إسرائيلياً، وأنه مطارد منذ فترة طويلة.
وإبراهيم حامد الذي بقي مطارداً منذ 10 سنوات من قبل وحدات "المستعربين"، تم الحكم عليه بالسجن 83 مؤبداً بعد اعتقاله في أيار/ مايو 2006.
ويقول لسخاروف: "نحن لا نتحدث في المسلسل عن قصة إبراهيم حامد تحديداً، وإنما عن مطلوب من حماس من نسج خيالنا، صحيح أن هناك أشياء من الواقع في قصة توفيق حامد، إلا أننا لم نتحدث عن القصة الحقيقية لإبراهيم حامد، حتى وإن كانت هناك حلقات في سلواد (قرية قضاء رام الله في وسط الضفة الغربية) وهي مسقط رأس إبراهيم حامد".
وتم تصوير المسلسل في بلدة كفر قاسم العربية، شمال فلسطين المحتلة، وأدى الأدوار ممثلون عرب ويهود، بحسب لسخاروف.
وتظهر الحلقة الأولى من المسلسل، توفيق حامد، وهو متخف لتهنئة شقيقه بشير بمناسبة حفل زفافه، ويقدم له مبلغ من المال هدية زفافه، ويتبادل معه بعض المشاعر الأخوية الإنسانية، حيث يطلب منه بشير المشاركة في حفل زفافه باعتبار أن الجميع يعتقد أنه قد "اُستشهد".
ولكن حفل الزفاف هو "المصيدة" التي اعتقد المستعربون، أنه سيكون بإمكانهم من خلالها اعتقال توفيق حامد، فبدأوا بإعداد الخطة.
يوقف الجنود الإسرائيليون على مدخل قرية سلواد، سيارة تابعة لشركة حلويات كانت تحمل الحلويات لحفل زفاف بشير، ويتم استبدال اثنين من المستعربين بالعمال الذين كانوا بالسيارة.
يدخل الاثنان إلى حفل الزفاف، ويبدأان بتوزيع الحلوى، وهو ما يوفر لهما الفرصة للتدقيق ما بين الحاضرين عن توفيق حامد، ويساندهم مستعرب آخر تنكر بأنه أحد المواطنين الفلسطينيين ويستخدم هاتفه الذكي النقال لتصوير المشاركين في حفل الزفاف، حيث تبث الكاميرا مباشرة إلى مقر "الشاباك" الذي يفحص في وجوه الحاضرين بحثاً عن مطلوبين.
ولكن صاحب شركة الحلويات يتصل بأصحاب حفل الزفاف ليتأسف عن عدم إرسال الحلويات، لأن الجنود الإسرائيليين على الحاجز أوقفوا العمال وصادروا السيارة.
تبدأ الشكوك تحوم حول العاملين اللذين وصلا ومعهما الحلوى، فتتم مواجهتهما، إلا أنهما يصران على أنهما من شركة الحلويات قبل أن يصيحا "فوضى" حيث أشهرا مسدسيهما وهاجما المحتفلين.
يحتجز أحد عناصر "المستعربين" العروس كرهينة، وهو ما أثار حفيظة العريس (بشير) الذي بادره أحد أولئك المستعربين برصاصة قتلته بعد محاولته الدفاع عن عروسه وإنقاذها.
ويظهر المسلسل زوجة توفيق حامد، وهي قلقة على زوجها الذي كان بدوره تنكر على هيئة رجل كبير بالسن لحضور حفل زفاف شقيقه.
ولدى خروج المستعربين من الحفل مسرعين، يلمح أحدهم توفيق حامد فيلاحقه ويصيبه في رجله، قبل أن يتمكن الأخير من الفرار، دون إلقاء القبض عليه.
والبارز في المسلسل أن الشخصيات العربية والمستعربين فيه، يتحدثون باللغة العربية مع ترجمة مكتوبة بالعبرية.
ويحكي لسخاروف قائلاً: "هذه المرة الأولى التي يشاهد فيه الشارع الإسرائيلي الوجه الآخر لقيادي عسكري في حركة حماس، فهو يشتاق لشقيقه ويحتضنه ويعمل المستحيل لحضور حفل زفافه رغم المخاطر، وهو يحب زوجته، وهي تقلق عليه وتخشى من أن يتم اعتقاله".
ويضيف: "عادة ما يتم إبراز هؤلاء في الإعلام الإسرائيلي على أنهم مجرمون قتلة، وبالتالي فإن إظهار وجههم الآخر يمثل شيئاً جديداً كبيراً في العقلية الإسرائيلية".
ويقول إن "المسلسل لا يقتصر على الحديث عن المستعربين والمطاردين فقط، وإنما أيضا يتطرق إلى العلاقة ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والعلاقة ما بين السلطة وحماس".
وبحسب لسخاروف فقد بلغت تكلفة المسلسل، مليونا دولار أمريكي، وقال: "حقوق البث هي كاملة لشركة يس، ولكن أتمنى أن يتم عرضه في محطات تلفزة عربية".
وتصنف إسرائيل، حركة حماس، على أنها منظمة "إرهابية".