شن زعيم تيار المستقبل
سعد الحريري هجوما حادا على
حزب الله اللبناني وسياساته الداخلية والخارجية، على الرغم من تأكيده في ذات الوقت على قرار مواصلة الحوار معه، الذي قال إن النتائج الصادرة عنه حتى الآن مرضية.
وفي كلمة ألقاها في الذكرى العاشرة لاغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق
رفيق الحريري، تناول الحريري عدة ملفات تشغل الأوساط السياسية اللبنانية، تنوعت بين التجاذبات السياسية المتصاعدة وما يجري في الإقليم من أحداث متسارعة.
وأقيم الاحتفال في قاعة البيال وسط بيروت بمشاركة حشد من أنصار التيار، وبحضور ممثلين عن مختلف القوى السياسية وممثلين عن السفارات العربية والأجنبية، فيما سمعت في أجواء بيروت أصوات زخات من الرصاص احتفالا بظهوره، حيث يقيم خارج البلاد بشكل شبه دائم منذ العام ألفين وأحد عشر.
ملفات إقليمية
وتطرق الحريري في خطابه إلى ملفات إقليمية متفاعلة لم يكن يتطرق إليها في خطابات سابقة، باستثناء الملف السوري الذي كان حاضرا في غالبية خطاباته، بسبب الحضور القوي لحزب الله في
سوريا.
وقال الحريري إنه وبعد اغتيال الحريري "انهارت الدول وسقطت أنظمة، وتحولت عدد من المدن العربية إلى مستنقع للفتن والإرهاب، وتمكن بشار الأسد من تكسير سوريا على رؤوس السوريين وأجهز جيشه وحلفاؤه من تجار الحروب الأهلية على أكثر من نصف مليون ضحية".
كما تطرق إلى ما حصل في كل من العراق واليمن ومصر وتونس، وقال: "بعدك (الحريري) جعل حكام في العراق من التعصب أساسا للملك وسلموا الجيش على طبق من فساد إلى فلول القاعدة وداعش، وبعدك نزعت اليمن ثوب السعادة وسلمت نفسها إلى سياسة الهيمنة وفرض التغيير السياسي بقوة السلاح".
غير أنه في ذات الوقت أشاد بما سماها "إرادة الاعتدال التي ترعاها المملكة العربية السعودية، وبروح التضامن الذي شهدناه في الأردن، وتغليب الحقوق الوطنية على المكاسب الحزبية، كما فعل أشقاؤنا في تونس، وكما يفعل الأشقاء في مصر الذين قرّروا منازلةَ التطرف في عقر داره ليحموا مع القوات المسلحة مفهوم الدولة من الضياع".
العلاقة مع حزب الله
وفيما يخص العلاقة مع حزب الله، أوضح الحريري خلفيات اتخاذ القرار بحوار الحزب، موضحا أن الحوار "ليس ترفا سياسيا، بل هو حاجة وضرورة في هذه المرحلة، حاجة إسلامية لاستيعاب الاحتقان الطائفي، وضرورة وطنية لتصحيح الشغور في الرئاسة الأولى".
واستعرض الحريري أبزر نقاط الخلاف بين تياره وبين الحزب، التي طرحت في جلسات الحوار، وهي ملفات المحكمة الجنائية المختصة باغتيال الحريري، وما قال إنه رفض الحزب تسليم المتهمين بهذه القضية، إضافة إلى ملف شغور مقعد الرئاسة، وملف مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا، وملف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وأضاف الحريري أن تياره دخل الحوار مع حزب الله "حماية لبنان، لأن لبنان أهم منّا ومنهم"، محذرا من أن البلاد أمام خطرين كبيرين "خطر على البلد، وهو الاحتقان السنّي الشيعي، وخطر على الدولة، وهو غياب رئيس للجمهورية"، مشيرا إلى أن الحزب على غير عجلة في هذا الملف تحديدا.
وأرجع ما سماه الاحتقان الطائفي إلى أربعة أسباب، وهي: رفض حزب الله تسليم المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومشاركة حزب الله في الحرب السورية، وتوزيع السلاح تحت تسمية سرايا المقاومة، وشعور باقي اللبنانيين بأن هناك مناطق وأشخاصا وفئات لا ينطبق عليهم لا خطة أمنية ولا دولة ولا قانون".
ووجه الحريري نداء للجميع، وخصوصاً لحزب الله، بـ"العمل دون تأخير لوضع استراتيجية وطنية كفيلة بتوحيد اللبنانيين في مواجهة التطرف وتداعيات الحروب المحيطة"، مضيفا أن "الرهان على إنقاذ النظام السوري وهم يستند إلى انتصارات وهمية".
مشاركة حزب الله في سوريا
وخصص الحريري جزءا كبيرا من خطابه لمهاجمة مشاركة الحزب في القتال إلى جانب النظام السوري في سوريا، وقال: "سبق وقلنا لحزب الله إن دخوله الحرب السورية هو في حد ذاته جنون، استجلب الجنون الإرهابي إلى بلدنا، واليوم نقول له إن ربط الجولان بالجنوب هو جنون أيضاً. وسبب إضافي لنكرر ونقول: انسحبوا من سوريا ويكفي استدراجا للحرائق من سوريا إلى بلدنا".
كما ركز الحريري في خطابه على مضامين وردت في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتحديدا فيما يتعلق بتوسع جبهات مواجهة الكيان الإسرائيلي التي أكد عليها نصر الله.
وقال إن الكلام يتكرر عن "عدّ لبنان جزءا من محور يمتد من إيران إلى فلسطين مرورا بسوريا ولبنان"، مشددا على أن "لبنان لن يكون جزءا من أي محور، ولن يكون ورقة أو سلعة بيد أحد".
وتابع: "لن نعترف لحزب الله بأي حقوق تتقدم على حق الدولة في قرارات السلم والحرب، وتجعل من لبنان ساحة أمنية وعسكرية يسخرون من خلالها إمكانات الدولة وأرواح اللبنانيين لإنقاذ النظام السوري وخدمة المشروع الإيراني".
مواجهة الإرهاب
ولفت الحريري في خطابه إلى ما سماه "الخطر الإرهابي" الذي سيهدد لبنان، وقال: "لا يمكن لأي مواطن أن يتجاهل المخاطر التي تهدد لبنان جرّاء تعاظم حركات الإرهاب في المنطقة"، داعيا إلى استراتجية وطنية لمواجهتها بالقول: إذا كانت القيادات اللبنانية فشلت حتى الآن في الاتفاق على استراتيجية دفاعية لحماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية فلا يصح أبداً أن يندرج هذا الفشل على إيجاد استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب".
وخلص إلى أن "الحرب ضد الإرهاب مسؤولية وطنية تقع على عاتق اللبنانيين جميعا، وخلاف ذلك، سيصيب الحريق لبنان، مهما بذلنا من جهود لإطفاء الحرائق الصغيرة"، محذرا من الاقتداء بالنموذج العراقي الذي قام "بتفريخ ميليشيات وتسليح عشائر وطوائف وأحزاب وأفراد، فتكليف طائفة أو حزب بمهمات عسكرية هو تكليف بتسليم لبنان إلى الفوضى المسلّحة والفرز الطائفي".