الجيش يعادي التنظيمات

لكي نفسر طبيعة الجريمة التي تعرض لها مشجعو نادي الزمالك على أيدي سلطة الانقلاب العسكري الدموى علينا أن نستعرض تركيبة التكلات الحرجة في المجتمع المصري والتي يمكنها أن تلعب دورا مؤثرا وممانعا لسلطة الانقلاب باستثناء تكتل القوات المسلحة . 

أول تلك التكتلات المشكلة لبنية المجتمع المصري مؤسسة القوات المسلحة التي تمتلك المال والسلاح والعدد و هي أقوى المؤسسات أو التنظيمات وهي الاكثر تاثيرا في مكونات المجتمع وهي بطبيعتها مؤسسة لا تقبل بوجود تكتلا غيرها. 

يأتي بعدها في التأثير والانتشار تكتل أو تنظيم جماعة الاخوان المسلمين، ذلك الفصيل الذى كان احد اهم واقوى الارقام التي حسمت ثورة يناير وتسببت في انهيار جهاز الشرطة ونجاح شكلي لثورة يناير.

أما ثاني تلك التنظيمات هو رابطة مشجعي النادي الأهلى التي شاركت هي الأخرى بقوة في ثورة يناير وكان لها دور انتقامي جراء مذبحة تعرضوا لها قبل عدة أسابيع من اندلاع الثورة على أيدى قوات الشرطة، ثم يأتي بعد ذلك تكتل رابطة مشجعي نادي الزمالك الذي شارك أيضا في ثورة يناير وعلى وجه الخصوص يوم جمعة الغضب. 

اتضحت الصورة إذن فسلطة الانقلاب العسكري الدموي كانت على موعد للثأر من تلك القوى الثلاث التي حسمت ثورة يناير لصالح الشعب، ومن ثم كان لابد إذن الا تقوم لتلك القوى قائمة بعد معاقبتها على مشاركتها في ثورة يناير وحتى لا تكون ظهيرا أو رأس حربة للحراك الثوري مجددا لتدخل في عداء واضح وصريح هذه المرة مع العسكر الذين تصدروا المشهد العدائي بديلا للداخلية . 

اتضحت الصورة أكثر .. بالفعل ما فهمته هو كبد الحقيقة نعم ارتكب العسكر مجزرة بورسعيد لتأديب مشجعى النادي الاهلى وكسرهم حتى لا تقوم لهم قائمة. 

وارتكب العسكر أيضا مجازر رابعة والنهضة والحرس الجمهوري والمنصة ورمسيس وتصفية جسدية للإخوان المسلمين لما يربوا على عامين من أجل تأديبهم وكسرهم حتى لايخرجوا على سلطة العسكر مرة أخرى. 

وأخيرا وليس آخرا تم تأديب مشجعى نادي الزملاء على مشاركتهم في ثورة يناير وحتى لا تقوم لهم قائمة . 

على الجانب الآخر هناك بعض التكتلات لكنها مستأنسة ودائما ما كانت إلى جوار الحاكم المتغلب استفاد بها العسكر واستطاع أن يصنع بهم تكتلا سياسا جديدا يخوض بهم غمار الصراع السياسي المحتمل في البرلمان المقبل ليكون مناهضا لتكتل دولة مبارك الذى لايثق فيه السيسي حتى تلك اللحظة على رأس تلك التكتلات تكتل الكنيسة الذى دخل في شراكة سافرة مع العسكر للانقضاض على ثورة يناير من أجل الحصول على بعض الامتيازات .

وثاني تلك التكتلات الاتحادات العمالية وثالثها الحركة الصوفية التي كانت دائما بعيدة كل البعد عن الصراع السياسي.

سعى السيسي من خلال تلك المجموعات إلى تشكيل تكتل سياسي جديد تحت مظلة تحالف انتخابي قاده رئيس وزراء مصر الأسبق كمال الجنزوري وفشل وأعيد تشكيل ذلك التحالف تحت إشراف أحد أبرز وأهم المستشارين العسكريين للقوات المسلحة هو اللواء سيف اليزل ليسطر بذلك أيضا مرحلة جديدة من الصراع بين دولته الجديدة وبين دولة مبارك، لكن الصراع هذه المرة سيكون اقتصاديا. 

فالإقطاعيون الجدد " الجنرالات " بدأوا بالفعل الاستحواذ على أغلب المشاريع الاقتصادية مما تسبب في إقصاء أغلب رجال الأعمال المحسوبين على الحقبة المباركية والذين ازدادت نفوذهم وتغولهم مع صعود جمال مبارك. 

لذا فإن الصراع المرتقب سيكون بين دولة مبارك القديمة التي تمتلك أغلب الفضائيات الخاصة والتي تشعر بحالة من الإقصاء وبين دولة العسكر التي لا تثق الا في رجالها . 

لذا فإن أولى محطات تلك المواجهة ستكون في البرلمان المقبل .