ماذا سيحدث لو أن كل جندى أو حارس أو أمين شرطة قام بقتل المتهم أو المحكوم عليه لأنه استفزه وشتمه بالأم والأب وشتم الحكومة وكل المسئولين؟!
لو طبقنا هذه القاعدة فلن نكون بحاجة للسجون بالمرة، لأن السادة الحراس سيقتلون كل المتهمين والمحبوسين أو المسجونين.
صباح الأحد أمس الأول وقعت جريمة غريبة وخطيرة داخل
مستشفى امبابة، حيث قام امين شرطة بقتل احد المتهمين فى قضية ارهاب بسبع طلقات نارية.
طبقا لما جاء فى بعض صحف صباح امس، فإن امين الشرطة برر جريمته بأن المتهم القتيل شتمه بالأب والأم وتوعده بالذبح ووصف الشهداء والمسئولين بألفاظ سيئة، الأمر الذى استفزه وجعله يقوم بقتل المتهم الذى كان مصابا خلال تبادله لإطلاق النار مع الشرطة أثناء محاولته احراق قسم شرطة الوراق فى 25 يناير الماضى. اذ إن امين الشرطة كان مكلفا بالحفاظ على حياة المتهم حتى يتماثل للشفاء وتتم محاكمته على جريمته.
النيابة تحفظت على الشرطى المتهم، واتمنى أن يخضع لمحاكمة عاجلة واذا صح انه ارتكب الجريمة فأرجو أن ينال الجزاء العادل حتى يكون عبرة لغيره.
خطورة الجريمة السابقة انها تمثل انقلابا خطيرا على كل القيم الانسانية والقانونية.
لو أن هناك جاسوسا إسرائيليا تم ضبطه وهو يمارس أعمال التجسس خلال الحرب بيننا ووقع فى ايدى أجهزة الأمن لوجب المحافظة على حياته، واذا اصيب لوجب علاجه، ثم التحقيق معه طبقا للقانون وكفالة جميع حقوقه القانونية.
اذا كنا ملزمين أن نفعل ذلك مع جاسوس إسرائيلى فما الذى ينبغى أن نفعله مع متهم
مصري ويخضع للعلاج في المستشفى؟!
لا اعرف حقيقة ما فعله بالضبط هذ القتيل المتهم بالإرهاب فى الوراق؟، ولكن سأفترض أنه مجرم وتمت ادانته وقررت المحكمة اعدامه، حتى لو حدث ذلك فإن الحراس ملزمون بالحفاظ على حياته حتى يحين موعد إعدامه.
الأخطر من الجريمة هو معالجة بعض وسائل الاعلام لها، حيث كاد بعضها يبرر الجريمة البشعة وانها نتيجة استفزاز المتهم لأمين الشرطة، ويبدو من ثنايا التبرير انه ربما يجوز قتل المحبوس الاخوانى اذا قام بسب الحارس أو استفزازه!.
الجندى أو امين الشرطة أو الضابط ينبغى أن يكون مؤهلا لتحمل كل استفزازات المتهمين ورزالتهم وحتى سفالتهم، هذه طبيعة وظيفته التى يتقاضى عليها أجرا من جيب دافع الضرائب ليحافظ على حياة السجين وليس ليحاكمه ثم يحكم بإعدامه ويقوم بتنفيذ الحكم.
أسوأ شيء أن يكون بعض افراد الشرطة الذين يقومون بتنفيذ القانون قد تأثروا بمناخ المكارثية والتفتيش فى النوايا الذى يتفشى في المجتمع بصورة كارثية.
الاخوان اجرموا فى حق الوطن وصاروا يمارسون الارهاب بصورة سافرة. لكن ليس معنى ذلك أن نقتل من يتم القبض عليه، لو فعلنا ذلك لتحولنا إلى نموذج جديد من داعش.
اتمنى أن ينال هذا المتهم العقاب الصارم الذى يستحقه حتى لا يتكرر الأمر مرة ثانية. ادرك أن خطأ هذا الأمين لا يمكن تعميمه بأى صورة على كل جهاز الشرطة، لكنه للأسف يسيء إلى الشرطة ويجعل البعض يعتقد انه سيفلت من الحساب.
كما قال الرئيس السيسى من على مسرح الجلاء صباح الاحد وهو يعلق على مقتل شيماء الصباغ، فإن انحراف احد افراد الشرطة لا يعنى أن نقوم بهدم كل المؤسسة.
علينا أن نضمن طوال الوقت أن طريقتنا اخلاقية ونحن ننفذ القانون.
لو تركنا هذا المتهم يفلت بجريمته من دون عقاب رادع سيقوم كل شرطى بقتل المتهم، الأمر الذى يعطى اهالى المتهمين حق الانتقام من أفراد الشرطة.. وتلك هى شريعة العقاب.
(نقلا عن صحيفة الشروق)