أسدل تنظيم
الدولة الإسلامية الستار على قضية الطيار الأردني معاذ
الكساسبة بنهاية مأساوية بعد شهر ونصف من الأسر، فتح خلالها الباب للتكهنات والتوقعات حول مصير الطيار بعد جولة
مفاوضات كانت تدرك فيها الحكومة الأردنية أن طيارها قتل قبل شهر من تاريخ بث شريط الإعدام.
الناطق باسم القوات المسلحة الأردنية العقيد ممدوح العامري كشف في بيان تلاه عقب بث فيديو قتل الطيار حرقا أن الكساسبة قد قتل في الثالث من الشهر الماضي ليزيل الغموض حول إصرار المفاوض الأردني اشتراط إثبات أن الطيار ما زال على قيد الحياة حتى يمضي في صفقة التفاوض.
شرط يرده خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية لوجود معلومات استخباراتية لدى الحكومة الأردنية بأن الطيار قتل على يد التنظيم في وقت سابق بعد أن استهدفت قوات
التحالف عددا من قادة التنظيم في الرقة.
الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة يرى في حديث لـ "عربي 21" أن تنظيم داعش تلاعب بالرأي العام الأردني من خلال رسائل تضليلية أرسلها للمفاوض الأردني تنم عن دهاء ومكر.
وقال شحادة: "إن التنظيم أخفى خبر مقتل الطيار الكساسبة كي يتلاعب بالمفاوض الأردني ويخدعه ويحقق مكاسب كالضغط الشعبي للشارع الأردني على الحكومة للتراجع عن المشاركة في التحالف الدولي، أو تحصيل الإفراج عن ساجدة وغيرها من المعتقلين من التيار الجهادي".
وحسب شحادة "نجح التنظيم إلى حد ما في تضليل المفاوض الأردني لكن احترافية الأجهزة الأردنية أوقفت التنظيم من التلاعب في هذه المسألة، بعد أن تشبثوا بشرط إثبات أن الطيار ما يزال على قيد الحياة لإتمام صفقة التفاوض".
و حول قنوات الاتصالات والوسطاء في المفاوضات مع التنظيم قال شحادة: "كانت قنوات وثيقة، لكن المشكلة كانت بالتنظيم نفسه، ومحاولة إيصال رسائل تضليلية عن مكر ودهاء وتلاعب في الرأي العام الأردني".
وزادت شكوك المفاوض الأردني حول مصير الطيار بعد أن بث التنظيم جميع رسائله المتعلقة بالطيار الأردني على لسان الرهينة الياباني الصحفي جوتو الذي أعدمه التنظيم دون إشارة أو ذكر للكساسبة سوى صورة صغيره وهو ملتحٍ يحملها الرهينة الياباني.
رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني بسام المناصير رأى أن "خلية الأزمة الأردنية التي تولت ملف المفاوضات، ضمت قادة محترفين، لذا رفض الأردن الوقوع في فخ تنظيم الدولة، وكانت الجهة الأردنية المعنية بالتفاوض لديها شكوك كبيرة أن الطيار الأردني قد قتل وأثبتت الأيام صحة ذلك".
الحكومة الأردنية كانت صرحت مرارا على لسان الناطق باسمها وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال محمد المومني قبل بث فيديو مقتل الطيار أن "بلاده لم تتلق حتى الآن أي مؤشرات على أن الطيار الأردني ما يزال حيا، وقال إن "الأردن ما زال بانتظار تأكيدات على سلامة الطيار الكساسبة".
النائب السابق ممدوح العبادي رأى أن "من البديهي في أي حالة أسر في الحروب أن يكون الطلب الأول الاطمئنان على الرهينة، لذا أعلنت الحكومة الأردنية منذ البداية من خلال وسطاء أنها تريد أن تطمئن على الرهينة وكان لدى الحكومة شك في نوايا التنظيم الذي تبين بأنه يكذب".
وحاول تنظيم الدولة الإسلامية خلال فترة أسر الطيار وشح المعلومات حول مصيره تأنيب الرأي العام الأردني من خلال تحميل النظام من خلال حساباته على شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولية عدم الاكتراث لحياة الطيار الأردني وإظهار عدم رغبة الحكومة بمبادلته بالسجينة ساجدة الريشاوي تارة، وتحميلها مسؤولية دماء الكساسبة تارة أخرى من خلال الزج به في التحالف.
و حمل الطيار في اللحظات الأخيرة لوفاته رسالة للشعب الأردني يبدو أن التنظيم لقنه إياها بعد وجود آثار ضرب على وجهه، تحث الأردنيين على التحرك ضد النظام الأردني الذي وصفه التنظيم بالطاغوت وأرض انطلاق الصليبيين.