أسفرت
الفيضانات التي شهدها الجنوب
المغربي خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عن سقوط أجزاء من مبان ومنشآت أثرية
تاريخية، مثل سور مدينة تزنيت (جنوب غرب المغرب) الذي بني في عهد العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الأول عام 1882م، بهدف الحد من توغلات المستعمر الأوروبي، وكبح جماح تحركاته بالمنطقة.
وقال أحمد بومزكو، وهو باحث في التاريخ والتراث المغربي، إن "غالبية المباني التاريخية تنتمي إلى العمارة المبنية بالطين، فهي على اتصال دائم بالأرض، ما يجعلها أكثر عرضة لامتصاص ونقل المياه في بنيتها، مع إخراجها عن طريق التبخر".
وأضاف بومزكو أن "الزيادة في رطوبة التربة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التملح، ما يشكل ضررا على واجهات المباني".
وأشار إلى أن السيول الأخيرة أدت إلى تلف في مواد البناء الأصلية، التي لا تتحمل كميات كبيرة من المياه وجريانها القوي، دون نسيان دور الكثافة الديموغرافية والتصرفات البشرية، ووقع القيم الاجتماعية المتضاربة، وتهيئة المجال بشكل مشوه.
وأوضح الباحث المغربي أن "تغير المناخات أضحى يهدد ويعرض التراث المادي للخطر، خاصة ما يتعلق منه بالمواقع الأثرية، الأمر الذي يستدعي تسريع وتيرة ترتيب وتصنيف المواقع التاريخية المتبقية، بشكل يحصنها من عوامل التعرية، مع وضع مؤشرات واضحة وموضوعية لتقويم التأثير العام للمناخ على التراث".
ودعا إلى ضرورة توفير جملة من التدابير الملائمة لعمليات الترميم تتوافق وعمليات الحفظ، وتنمية قدرات الفاعلين المحليين من منتخبين وجمعويين في مجال التوعية وتثمين التراث، تحت إشراف جهات مختصة، مع تطوير آليات تقاسم الخبرات والمعلومات بين الجهات المتدخلة في مجال التراث.
وسقطت مؤخرا أجزاء من السور الأثري بمحاذاة باب الخميس بمدينة "تزنيت"، كما أن أجزاء أخرى سقطت قرب باب "تاركا" أو "سنكار"، وهو الباب المؤدي لبساتين الساكنة القديمة بالمدينة القديمة لـ"تزنيت"، وكاد أن يودي بحياة العديد من القاطنين بجواره.
وتسببت الأمطار الغزيرة والاستثنائية بالمنطقة، في انهيار أجزاء أمامية من القصر الخلفي الذي يتوسط ساحة المشور التاريخية بـ"تزنيت"، علما بأنه يعد من أهم المعالم التاريخية الأساسية داخل المدينة العتيقة، حيث بني في نهاية القرن التاسع عشر بعد الانتهاء من أشغال بناء السور ليندمج تدريجيا في النظام القبلي المحلي.
ومعلوم أن سور منطقة "تزنيت"، يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار، فيما يصل طوله إلى سبعة كيلومترات، واستغرق بناؤه نحو سنتين، حيث إنه بني على شاكلة أسوار المدن العتيقة المغربية، ويضم 56 برجا، وخمسة أبواب تاريخية، وهي: "باب آكلو، وباب الخميس، وباب تاركا، وباب المعدر، وباب أولاد جرار، وباب العوينة"، وهي أبواب تطغى عليها الهندسة المعمارية القديمة، وتتشابه في الكثير منها مع أبواب مدينة الصويرة الشاطئية.
وكان لاختيار موقع مدينة "تزنيت"، عدة أسباب، تتلخص في قربها من السواحل الأطلسية التي لا تبعد عنها إلا بحوالي 15 كيلومترا، كما أنها تتواجد في مفترق الطرق بين المراكز التجارية المعروفة بكل من كلميم والصويرة (جنوب غرب المغرب).