تشتكي الأردنية هدى محمد من القيود التي يفرضها عليها أخوها، في حال غياب والدها عن المنزل في سفر أو عمل لمدة طويلة.
فتقول هدى لـ"عربي21": "عند غياب أبي يبدأ أخي في فرض القيود ومنعي من الخروج مع صديقاتي أو الذهاب للسوق أو التكلم على الهاتف مع صديقاتي، ويقول لي إنه يخاف عليّ".
ويقول أخوها عمر إنه المسؤول الأول عن أخته في حال حدث لها مكروه. وتابع لـ"عربي21" بأنه يحاول أن يضع الشروط والقيود عليها "تجنبا لأي سوء قد يحصل".
تتباين نظرة
الأخ والأخت للأمر، فهو بين أخ حريص وأخت مُتذمرة.
تقول الأخصائية التربوية الأردنية براءة فخري، إن مفهوم
السلطة بين الأخوة لها سمتها الخاص، ومبناها يجب أن يكون على الاحترام والإكرام. بما يعني أن السلطة صورة من صور العطاء والمسؤولية وتنحصر في جلب ما ينفع ويصلح الحال ودفع الضرر، وليست من
التسلط والتجبر.
وتابعت فخري بهذا المعنى بأن الشريعة تقر سلطة الأخ الأكبر - الأكبر دينا وعلما - إذ إنه ورد في الحديث الشريف "الأكبر من الإخوة بمنزلة الأب"، ولكننا لا نبحث في ذلك إلا بغياب الأب حقيقة أو غياب دوره لضعف أو تقصير أو غير ذلك، أو من باب إعانة الأب في دوره ومؤازرته.
تدخل الآباء
من جهتها، قالت الأردنية نور فريج لـ"عربي21": "أبي علّمنا منذ الصغر أن أي أمر يتعلق في الفتيات علينا الرجوع فيه له أو لوالدتي، والأخ يُبدي رأيه ولكنه لا يجبرنا عليه".
أما والدها أحمد فريج، فقال عوّدت أولادي أن لكل واحد منهم حقوقا وواجبات ويجب ألا يتعدّى أحد على حقوق غيره، وألا ينقص منها، وألا يتحكم أحد في أحد. وتابع فريج لـ"عربي21": "إن سمحت لأحد أبنائي أن يفرض القيود على أخته فسيتطور الأمر لأكبر من ذلك، وقد يصل إلى ظلمها، ظنّا منه أنه يحميها".
يجب على الآباء التدخل في ضبط سلطة الأخ على أخته ووضع حدود لذلك.
وأكدت فخري أن "للآباء حقا بل إن عليهم واجب متابعة علاقة الإخوة مع بعضهم البعض، فهم يحولون دون ظلم بعضهم البعض ودون تسلط بعضهم على بعض.. والأصل أن لا سلطة حقيقية للأخ بوجود الأب، فعليه أن يكتفي بدور المؤازرة للأب على مهامه ومسؤولياته مع النصيحة وإبداء الرأي غير الملزم".
أسباب التسلّط
وتتعدد أسباب السلطة بتعدد أنماط الإخوة وواقعهم وتدينهم وثقافتهم.
وتعدد الأخصائية التربوية فخري أسباب تسلّط الأخ على أخته، فهناك الواقع الفاسد الذي يلمسه في المجتمع بين أقرانه وما تتعرض له الفتيات من إساءات ومعاكسات. وهناك الغيرة التي يجدها في نفسه المنطلقة من شعوره بالمسؤولية تجاهها. وأيضا انتقاد الأبناء أحيانا لنمط الآباء في التربية واتهامهم بالتساهل مع بناتهم. وهناك مفاهيم وقناعات بعضها مغلوط عن مفهوم الرجولة وسلطاتها المطلقة. عدا عن القناعات المغلوطة التي تعطي مساحة حرية مطلقة للرجل وتمنعها عن البنت.
وتضيف فخري: "السلطة إن لم تكن قائمة على الرحمة والمودة والحب والاحترام فهي شكل من أشكال التسلط والظلم الذي يؤدي إلى تفتيت روابط الأخوة وإنشاء حالة من السخط والتمرد لدى
الأخت، والأمر قد يودي ببعض الفتيات إلى التجرؤ على أعمال تؤذيها أو تؤذي عائلتها بدافع استفزاز الأخ وقهره ردا على إساءاته وتسلطه".
دور الإخوة
وتشير فخري إلى أنه في الغالب لا يتفاقم الخلل في دور الإخوة دون أسباب.
وتشير إلى أن "الأخت متزنة السلوك والتوجه تقطع على غيرها فرصة التدخل والانتقاد والتسلط، فالفتيات أكثر قدرة على احتواء الآخر وتوجيه التوترات المتراكمة في العلاقات، وأن عليها تقييم أسباب الخلافات، وأن تصبر على ما تكره من أخيها وتتقرب إليه لتساهم في سد الفجوة الحاصلة معه".
وتضيف فخري لـ"عربي21" أن "على الأخ أيضا أن يتقيَ الله في أخواته، فهن جزء من أهله الذين قال فيهم النبي عليه السلام: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، وأن يرفق في النصيحة والتوجيه.
فالرجولة ليست حمية ولا عصبية جهلاء، بل إنها التي "تحمل كل معنى يحبه الله ورسوله من العطاء والبذل والرحمة والغيرة على حرمات الله والعدل والتزام الحق بعيدا عن الظلم".