قال الرئيس السوري بشار الأسد في حوار مع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إن الحروب كلها تنتهي بحلول سياسية؛ لأن "الحروب هي وسائل للسياسة، ولهذا فأنت تنتهي بحل سياسي"، وهو ما نراه اليوم "هذا العنوان الرئيسي للأخبار".
وأكد الأسد اعتقاده أن الحرب الدائرة في سوريا لن تنتهي بنصر عسكري يحققه هو أو المعارضة السورية. ورفض الحديث عن وجود ثلاث دويلات، واحدة تحت سيطرته، وأخرى تحت سيطرة الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، وثالثة تحت سيطرة الأكراد في الشمال، قائلا إن هذا الكلام غير صحيح، "فلا يمكنك الحديث عن دويلات دون الحديث عن السكان الذين يعيشون فيها. ولا يزال الشعب السوري مع وحدة سوريا، ولا يزالون يدعمون الحكومة، والفصائل التي تشير إليها تسيطر على بعض المناطق، ولكنها تتحرك من مكان إلى آخر، وهي جماعات ليست مستقرة، ولا توجد خطوط فصل واضحة بين القوى المختلفة، وأحيانا تختلط فيما بينها وتتحرك.
ويستدرك الأسد بأن "الموضوع الرئيسي يظل هو السكان، فما دام الشعب السوري يؤمن بالوحدة، فأي حكومة وأي قائد يمكنه توحيد البلاد، ولو انقسم الناس إلى قسمين، ثلاثة أو أربعة فلا أحد يمكنه توحيد البلد".
وعندما سألته المجلة إن كان السنة والأكراد السوريون لا يزالون يؤمنون بوحدة البلاد، أجاب: "إذا ذهبت إلى دمشق فسترى، دعنا نقول الألوان المختلفة كلها في مجتمعنا يعيشون جنبا إلى جنب، وعليه فالانقسام في سوريا ليس قائما على أرضية طائفية أو إثنية، فلدينا عرب أكثر من الأكراد، وعليه، فالأمر ليست له علاقة بالإثنية، ولكن بالفصائل التي تسيطر على مناطق معينة بالقوة".
وعن تغير الموقف الأمريكي من المطالبة برحيله، بعد أن اشترطته لعملية نقل السلطة، أجاب: "منذ البداية كنا منفتحين، وكنا منخرطين في الحوار مع الأحزاب كلها في سوريا، والحزب لا يعني حزبا سياسيا، وقد يكون حزبا أو تيارا أو شخصية سياسية، وقد يكون أي كيان سياسي. وقمنا بتغيير الدستور، وكنا منفتحين على كل شيء. ولكن عندما تريد عمل شيء فيجب ألا يكون مرتبطا بالمعارضة أو الحكومة، بل يجب أن يكون من أجل السوريين".
وأضاف "في بعض الأحيان قد تكون لديك الغالبية لا تنتمي إلى أي طرف. وعندما تريد إحداث تغيير، فإن كان يتعلق بمشكلة وطنية يمكن لكل سوري أن يدلي برأيه فيها. وعندما يكون هناك حوار، فهو ليس بين الحكومة والمعارضة، ولكنه بين أحزاب وكيانات سياسية مختلفة، بهذه الطريقة نتعامل مع الحوار، هذا أولا. وثانيا في أي قرار نريد التوصل إليه علينا العودة إلى الشعب من خلال الاستفتاء؛ لأنك تتحدث عن الدستور، ويتعلق بتغيير النظام السياسي، يجب أن تعود إلى الشعب السوري. وعليه فالانخراط في الحوار يختلف عن اتخاذ قرارات، وهو ما لم تفعله الحكومة أو المعارضة".
وأكد الأسد على أن أي عملية نقل للسلطة أو موضوع تنحيه يجب أن يتم من خلال استفتاء عام.
أين هي المعارضة؟
لا يرفض الرئيس السوري الحوار، حيث قال إن حكومته ستشارك في موسكو "ولكن هناك سؤال آخر: مع من نتحاور؟ لدينا حكومة، ولدينا مؤسسات، ولدينا جيش، ولدينا تأثير، سلبي أو إيجابي في إي اتجاه، أما الأشخاص الذين نريد محاورتهم فمن يمثلون؟ هذا هو السؤال، فعندما تتحدث عن المعارضة يجب أن تعني شيئا، فيجب أن يكون للمعارضة تمثيل على المستوى المحلي، وفي البرلمان ومؤسسات الدولة، وعلى المعارضة أن تكون لديها قاعدة تمثيل شعبي نيابة عنهم. وفي الأزمة الحالية عليك أن تسأل عن حجم تأثير المعارضة على الأرض. وعليك أن تعود للوراء، وتقرأ ما قالته المعارضة المسلحة، وبشكل علني، من أنها لا تمثلنا، فلا تأثير لهم. وإن أردت الحديث عن حوار مثمر فيجب أن يكون بين الحكومة والمسلحين".
ويتابع الأسد "هناك نقطة أخرى، المعارضة تعني وطنية، وتعني أن تعمل من أجل مصالح سوريا والشعب السوري. ولن تكون معارضة إن كنت دمية في يد قطر والسعودية، أو أي دولة غربية، بما فيها الولايات المتحدة، يدفع لها من الخارج. يجب أن تكون المعارضة سورية، ولدينا معارضة وطنية ولا أستبعدها، ولا أقول إن كل معارضة ليست شرعية، ولكن عليك أن تفرق بين الوطني والدمية، وليس كل حوار مثمرا".
وعندما سئل إن كان يعارض الحديث مع المعارضة المدعومة من الخارج، قال: "لا، سنقابل كل شخص، لا شروط لدينا". ولكنه أضاف قائلا: "سنقابل كل شخص، ولكننا سنسألهم من تمثلون؟".
ووافق الرئيس السوري على خطة التجميد التي يدعو إليها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، التي اقترح أن تبدأ من حلب. مؤكدا أن النظام السوري طبق خطة كهذه قبل اقتراح دي ميستورا، في إشارة إلى حمص ومناطق أخرى ونجحت، "وعليه، فالفكرة جيدة، ولكنها تعتمد على التفاصيل". وقال إن المبعوث الدولي جاء إلى سوريا ترافقه عناوين الأخبار "وننتظر منه تقديم خطة مفصلة".
وعن موقفه من نزع سلاح المعارضة، ووقف إطلاق النار شرطا للمفاوضات معها، قال: "لقد اخترنا سيناريوهات مختلفة للتصالح، ففي بعض المناطق تركناهم يغادرون بأسلحتهم لمنع وقوع ضحايا بين المدنيين.. وفي بعض الحالات سلموا أسلحتهم وغادروا".
مقدمة لمحادثات
واعتبر الأسد محادثات موسكو تحضيرا لمؤتمر وليست مفاوضات. وقال: "دعني أكون معك صريحا، بعض الجماعات هي دمى تقوم بتنفيذ أجندة خارجية، وأعرف أن هناك دولا مثل فرنسا ليست مهتمة بنجاح المؤتمر. وعليه فسيعطون أوامر لهم كي يفشل، وهناك شخصيات لا تمثل إلا نفسها، ولا يمثلون أحدا في سوريا، وبعضهم لم يعش في سوريا ولا يعرفون شيئا عن البلد".
واستدرك قائلا: "إن بعض الشخصيات أو الجماعات تعمل من أجل المصلحة الوطنية". وذكر أنه ليس متفائلا كثيرا من نجاح المؤتمر ولا متشائما، ولكن لديه أمل.
وعن الموقف الأمريكي الداعم لمبادرة موسكو، علق رئيس النظام السوري قائلا: "دائما يقولون أشياء، ولكن هذا يعتمد على ما سيفعلونه، وتعرف أن هناك عدم ثقة بين السوريين والولايات المتحدة، والأفضل الانتظار، ومعرفة ما سيجري في المؤتمر".
وتحدث الأسد عن صعوبة التوصل إلى صفقة مع الفصائل المعارضة المختلفة؛ لأن هناك "نوعين من المتمردين، وغالبيتهم من القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، إضافة لجماعات أخرى تنتمي للقاعدة. وما بقي هي تلك التي وصفها أوباما بـ(الفتنازيا) أو ما وصفها بالمعارضة المعتدلة، وهم ليسوا معارضة، بل هم متمردون، بعضهم انضم إلى القاعدة، وبعضهم عاد وانضم إلى الجيش (السوري)، وخلال الأسبوع الماضي ترك بعضهم هذه الجماعات وانضموا من جديد إلى الجيش".
وأضاف أن معظم هؤلاء ممن انشقوا عن الجيش بداية الانتفاضة، وقالوا: "لا نريد القتال"، ولهذا لم يبق مع هؤلاء المعتدلين إلا القليل. والسؤال "هل يمكن التفاوض مع القاعدة؟".
وأكد أن المصالحة، التي بدأها النظام وسيواصلها دي ميستورا، هي الحل العملي للأزمة، مشيرا إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 2170 حول جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية، الذي يمنع أي شخص من دعمهما- عسكريا وماليا ولوجيستيا، مضيفا "ومع ذلك هذا ما تواصل عمله تركيا والسعودية وقطر"، وفي حالة عدم تطبيق هذا القرار فلن يكون هناك حل.
ودعا الأسد في الوقت نفسه الغرب إلى التوقف عن الحديث حول مظلة "دعم المعارضة"، موضحا أنهم "يعرفون أن المعارضة الموجودة هي القاعدة وتنظيم الدولة والنصرة".
وعن خطوات بناء الثقة قبل المؤتمر، مثل تبادل سجناء، أو وقف الغارات بالبراميل المتفجرة، أجاب الأسد: "إنها ليست علاقة شخصية، ولكنها متعلقة بالآليات.. وفي السياسة يجب أن تتحدث دائما عن الآليات، ولست بحاجة للوثوق بشخص كي يفعل أمرا، وعندما تكون لديك آلية واضحة فإنك ستحقق نتائج، وهو ما يريده الناس، والسؤال هو ما هي الآلية المتوفرة، وهذا يقودنا إلى السؤال ذاته: من هم؟ وما هو تأثيرهم؟ ولماذا يجب أن نقوم ببناء الثقة معهم؟".
ولا يرى الأسد نفسه مضطرا لاتخاذ قرارات من طرف واحد لتشجيع الآخرين، فلديه، كما يقول، "المصالحة" التي مكنت مسلحين من العودة إلى حياتهم الطبيعية بعد أن سلموا أسلحتهم. ثم تساءل "ما هي العلاقة بين المعارضة والسجناء؟ لا علاقة، فهم ليسوا سجناءهم".
ويقول الأسد إن نظامه منح عفوا للكثير من المسلحين ضمن نظام المصالحة، وهو ليس متأكدا من العدد لكنهم بالآلاف. وإذا فعلت المعارضة الأمر ذاته فسيحصلون على الأمن "وهو ما قلته لهم علانية في خطاباتي".
إيران وحزب الله
وتعليقا على التأثير الإيراني في سوريا، المتمثل بالدور الذي يؤديه فيلق القدس والحرس الثوري في قتال المعارضة. وذكرته المجلة بالوضع في العراق ولبنان، حيث بات من الصعب التخلص من التأثير الإيراني هناك. أجاب: "تعد إيران بلدا مهما في المنطقة، وكانت مؤثرة قبل الأزمة، وتأثيرها ليس متعلقا بالأزمة، ولكن بدورها" مشيرا إلى العوامل التي تجعل بلدا مؤثرا، خاصة في منطقة
الشرق الأوسط، حيث تتشابه المجتمعات والأيديولوجيات، "وعندما يكون لديك تأثير على عامل فإن تأثيرك يتجاوز حدودك، هذا جزء من طبيعتنا، ولا علاقة له بالنزاع، طبعا عندما يكون نزاع وفوضى فقد تكون هناك دولة مؤثرة أكثر من أخرى".
وبعد هذا كله يؤكد الأسد أن "إيران لا طموحات لديها في سوريا، وفي سوريا لن نسمح أبدا بالتأثير على سيادتنا، ولا نقبل بهذا، وهو ما لا يريده الإيرانيون".
وتحدث الأسد أن ما يربطهما هو التعاون، مشيرا إلى أن مشكلة أمريكا والغرب أنهم يريدون تأثيرا وليس تعاونا. وعندما ذكرت المجلة الأسد بما نقلته مجلة "دير شبيغل" الألمانية عن خطط إيران لبناء قاعدة الصواريخ في سوريا، أجاب: "لا، تأدية دور من خلال التعاون يختلف عن تأديته عبر الهيمنة".
ووجهت المجلة للأسد سؤالا مفاده: ربما لا تكون الحكومة الإيرانية تريد هيمنة، ولكن ماذا عن الميليشيات أو اللاعبين غير الدول، مثل حزب الله، والذين قد لا يريدون ترك سوريا؟
أجاب الأسد أن وجود ميليشيات هو أثر عرضي للحرب، ولكن يجب أن تحاول دائما السيطرة عليه.
غارة القنيطرة
وعلق الأسد على الغارة الإسرائيلية على القنيطرة، التي هاجمت فيها إسرائيل مجموعة من قيادات حزب الله، حيث قال: "إنها مختلفة، لم يحدث أبدا أن نفذت عملية ضد إسرائيل من خلال مرتفعات الجولان، منذ وقف إطلاق النار عام 1971. وأن تزعم إسرائيل أن هناك خطة لعملية فإن هذا أمر لا يتناسب مع الواقع، فقط هذا مبرر؛ لأنهم كانوا يريدون اغتيال أشخاص من حزب الله".
وردا على سؤال حول حذر إسرائيل من التورط في الحرب السورية، أجاب الأسد: "هذا غير صحيح؛ لأنهم يهاجمون سوريا منذ عامين وبلا سبب". وأكد أن حديث إسرائيل عن ضربها لمواقع عسكرية لحزب الله في سوريا "غير صحيح".
وسألته المجلة: إذا كان هذا ليس المبرر، فما هي أجندة إسرائيل في سوريا؟
أجاب الأسد: "يريدون (الإسرائيليون) دعم المعارضة في سوريا، هذا واضح"، فكلما حقق الجيش السوري تقدما تقوم إسرائيل، بحسب زعم الأسد، بالهجوم لإضعاف الجيش، موضحا أنه "لهذا السبب يسخرون في سوريا: كيف يقولون إن القاعدة ليست لديها قوات جوية؟ لديها سلاح الجو الإسرائيلي".
وبالعودة لموضوع الميليشيات، وإن كانت الدولة قادرة على ضبطها، أجاب أن الدولة لن تستطيع الوفاء بالتزاماتها، إن لم تكن اللاعب الوحيد في البلد.
وعندما ذكرت المجلة الأسد بصعوبة السيطرة على الميليشيات الشيعية، التي تعززت قوتها أثناء الحرب، ألقى باللوم على الحاكم المدني في العراق بول بريمر، الذي "لم يكتب دستورا للدولة بل للفصائل. أما في سوريا، فلماذا وقف الجيش سريعا ولأربع سنوات يقاتل، رغم حظر استيراد الأسلحة وعشرات الدول التي تهاجم سوريا وتدعم المتمردين؛ لأن لديها دستورا حقيقيا، دستورا علمانيا، هذا هو السبب؛ لأن الدستور في العراق طائفي".
وتجد المجلة أن الأسد يبدو غير قلق من دور الميليشيات بعد نهاية الحرب؛ لأن الحكومة بنظره ستكون قادرة على مواجهة أي مشاكل.
أسعار النفط
واستبعد الأسد تأثير هبوط أسعار النفط على سوريا، رغم أنه أثر على الأوضاع الاقتصادية في إيران وروسيا، الدولتين الداعمتين له، وقال إنها لم تؤثر على الوضع العسكري في سوريا، والسبب كما يقول "لأنهما لا تقدمان لنا المال، ولهذا فلم تترك أثرا على سوريا، وحتى لو كانتا تريدان مساعدتنا فستكون المساعدة على شكل قروض".
ويشير التقرير إلى أن الأسد مصرٌّ على أن انخفاض سعر النفط لا أثر له على صناعة الأسلحة الروسية، ولا على مساعدات البلدين لنظامه.
أخطاء
وسألت المجلة رئيس النظام السوري عن أخطاء نظامه، وإن كان هناك ما يندم عليه، خاصة أن الأسد نفسه تحدث في مقابلات سابقة عن أخطاء ارتكبت، ولكنه لم يجب بشكل قاطع، حيث ربط الأخطاء السياسية بالقرارات السياسية، وقال إنه اتخذ ثلاثة قرارات في هذا الاتجاه، وهي: فتح الحوار، وغيّر الدستور، وقرر الدفاع عن البلد، ويعلق: "ولا أعتقد أن هناك أي خطأ في هذه القرارات الثلاثة التي اتخذناها،" ولكن على مستوى الممارسة تحدث أخطاء، وفرق بين أخطاء الممارسة وأخطاء السياسة.
وعندما طلبت منه المجلة وصف بعض الممارسات الخاطئة، أجاب: "علي الرجوع إلى المسؤولين في الميدان، ولا شيء في ذهني الآن".
ويرى الأسد أن قراراته السياسية كانت صائبة. وعلى صعيد ممارسات المسؤولين في المستويات الدنيا، قال الأسد إنه تمت معاقبة بعض من "خرقوا القانون" نتيجة معاملتهم للمتظاهرين "أثناء الاحتجاجات... في البداية".
الغارات على الدولة الإسلامية
وعن الشراكة المفترضة بين الولايات المتحدة وسوريا في الحرب على الدولة الإسلامية، وإن كانت هناك إمكانية لتعاون أكبر بين البلدين، أجاب الأسد: "الإمكانية موجودة دائما؛ لأننا ندعو دائما إلى التعاون الدولي ضد الإرهاب لأكثر من 30 عاما، ولكن الإمكانية بحاجة إلى إرادة، والسؤال: "كم لدى الولايات المتحدة من إرادة لقتال الإرهاب على الأرض؟ وحتى الآن لا يوجد شيء حقيقي، وما شاهدناه هو عرض ولا شيء حقيقيا، ومنذ بداية الهجمات حققت الدولة مكاسب على الأرض في سوريا والعراق".
وعن كوباني/ عين العرب أكد الأسد أن التحالف الدولي ليس جادا في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن "البلدة صغيرة ولا يتجاوز عدد سكانها 50 ألف نسمة "ويغيرون عليها منذ ثلاثة أشهر ولم ينتهوا بعد"، ومقارنة مع هذا فقد كان الجيش السوري قادرا على تحرير مناطق مماثلة في أسابيع.
ويدعو الأسد لانخراط أمريكي أكثر ضد الدولة الإسلامية، وليس في الجانب العسكري، ولكن السياسي، "وهو متعلق بالمدى الذي ستذهب إليه أمريكا للتأثير على الأتراك، لأنه إذا كان الإرهابيون يستطيعون الصمود هذا الوقت كله، فهذا يعني أن الأتراك يواصلون إرسال السلاح والمال لهم. فهل تريد الولايات المتحدة وضع ضغوط على تركيا كي توقف دعم القاعدة؟ لم يفعلوا ولا يريدون هذا أولا. فالأمر لا يتعلق بالانخراط السياسي، أما الأمر الثاني فعندما تريد الحديث عن العمل العسكري يقول الأمريكيون: لن تستطيع تحقيق الأهداف دون قوة على الأرض، ولكن أي قوات؟".
ويرغب الأسد بضغوط كبيرة على تركيا، ويقول: "يجب أن تمارس ضغوط على تركيا والسعودية وقطر؛ كي توقف دعمها للمتمردين. أما الأمر الثاني، فهو التعاون القانوني مع سوريا، والطلب من حكومتنا لشن غارات، ولم يفعلوا، هذا غير قانوني" .
ورغم هذا كله، فالأسد مستعد للتعاون مع أمريكا؛ لأن بلاده تواجه خطر الإرهاب. وعندما سئل عن الخطوات التي عليه القيام بها حتى يظهر استعداده للتعاون، أجاب: "أعتقد أنهم هم الذين يجب عليهم القيام بمبادرات؛ لأننا نقاتل على الأرض".
وعن الخطط الأمريكية لتدريب خمسة آلاف من مقاتلي المعارضة لقتال الدولة الإسلامية، قال: "أي قوات لا تعمل بالتنسيق مع الجيش السوري تعد غير قانونية وتجب مواجهتها، هذا أمر واضح، حتى لو أدى الأمر إلى مواجهة مع أمريكا".
وقلل الأسد من إمكانية بناء هذه القوات، متسائلا: "كيف يمكن لهذه الفتنازيا أن تصبح حقيقة؟"، وأجابت المجلة: من خلال التدريب، ورد قائلا: "ولكن لا يمكنك تحويل المتطرفين إلى معتدلين".
وحذر الأسد من مخاطر تدريب المعتدلين وإمكانية انشقاقهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الأخرى، مذكرا بما حدث العام الماضي "وهو ما أراه وهما، ليس تدريب خمسة آلاف مقاتل، ولكن الفكرة ذاتها".
مشاكل التعاون
تقول المجلة إن جزءا من مشاكل التعاون مع النظام السوري نابعة من ممارساته وانتهاكات حقوق الإنسان، لكن الأسد يؤكد أن ما يقال هو اتهامات، خاصة الصور التي نشرت عن التعذيب، حيث قال إن الصور التي نشرت كانت مشروعا دعمته قطر، ويبين أنهم "يقولون إنها من مصدر مجهول، ولهذا لا شيء واضحا أو تم إثباته، فالصور غير واضحة، وهي صور لرؤوس وجماجم، من قال إن الحكومة هي التي فعلت هذا وليس المتمردين؟ ومن قال إن الصور لضحية سورية وليس من بلد آخر؟".
وقال إن "الولايات المتحدة والدول الغربية ليست في وضع يهيئها للحديث عن حقوق الإنسان؛ لأنهم مسؤولون عن معظم القتل في المنطقة، خاصة الولايات المتحدة، التي ذهبت إلى العراق، وكذلك بريطانيا التي غزت ليبيا، والوضع في اليمن، وما حدث في مصر من دعم للإخوان المسلمين، والإرهاب في تونس، هذه المشاكل كلها حدثت بسبب الولايات المتحدة، وكانت هي الدولة الوحيدة التي تتلاعب بالقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن".
اتفاق نووي
وينفي الأسد أن يؤثر أي اتفاق أمريكي- إيراني حول الملف النووي الإيراني؛ "لأن الأزمة هنا لم تكن يوما جزءا من المفاوضات، ورفضت إيران ربطها، وهذا صحيح لأنه لا توجد رابطة بينهما".
ويرى الأسد أن سيطرة حكومته على الأراضي مرتبطة بطبيعة الحرب، فهي ليست بين دولتين، وإنما مع جماعات مسلحة تشن حرب عصابات، ولهذا لا يمكن الحديث عن مساحات مقسمة بين الطرفين، وأكد أن الجيش السوري قادر على الذهاب إلى منطقة يريدها داخل سوريا، لكن لا يمكنه الحضور على كل شبر من سوريا. ولكن الوضع العسكري جيد بالنسبة للحكومة.
وأكد ان الدولة ربحت الشعب السوري في هذه الحرب، ودعمه للحكومة والجيش، "وقبل أن نتحدث عن السيطرة على أراض، علينا الحديث عن كسب عقول الشعب السوري وقلوبهم، وهذا ما ربحناه، وما تبقى لوجيستي وتقني، مسألة وقت".
هزيمة المعارضة
وعن إمكانية هزيمة النظام للمقاتلين، أجاب الأسد لو لم يكونوا يحصلون على دعم خارجي من معدات ومتطوعين لكان الأمر سهلا، وحتى في هذا الوضع فالجيش السوري في وضع جيد.
ويلح الأسد على ما يراه دعما مستمرا من تركيا- عسكريا ولوجستيا وما إلى ذلك. ولفت تكرار الأسد لتركيا انتباه المجلة، وكان واضحا في الإجابة عندما قال إن هوسه بتركيا نابع من كونها مركز الدعم اللوجيستي والتمويل القادم من قطر والسعودية.
وألقى الأسد باللائمة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي قال إنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، التي تعد أساس القاعدة. وقال إن أردوغان متعصب، ولهذا يدعم الدولة الإسلامية "وهو مسؤول شخصيا عما حدث" في سوريا.
وعن إمكانية تعاونه مع النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، قال: "لن أتحدث عنه شخصيا، ولكن طالما قاتل المصريون والجيش المصري النوع ذاته من الإرهاب، كما هو في العراق، يمكن أن نتعاون مع هذه الدول لقتال العدو ذاته".