وصف الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، تركيبة الحكومة
التونسية، بأنها "مفاجأة باغتت الكثيرين من الطبقة السياسية، بما في ذلك قياديون من حركة نداء تونس"، حيث إنها "جاءت مخالفة تماما لجلّ التوقّعات والتسريبات".
وقال الجورشي لـ"عربي21" إن الحكومة التي أعلن عنها رئيسها المكلّف حبيب الصّيد، أمس الجمعة "ليست خاضعة كلّياً لحزب نداء تونس"، مشيراً إلى أن إسناد وزارة الخارجية لأمين عام الحزب الطيب البكوش "محاولة لتعويضه واسترضائه".
وأضاف أن الصّيد لم يقرأ جيّداً ردّ فعل الجبهة الشعبية "التي تسير نحو عدم منح حكومته الثقة"، بالإضافة إلى "
النهضة" التي "اعتمد زعيمها راشد
الغنوشي انقلاباً كبيراً في الموقف لدعم الباجي قايد
السبسي في الانتخابات الرئاسية، في مقابل علاقات مستقبلية بين حزبي الرجلين، ترضي النهضويين بوجودهم في الحكومة، لكن هذا لم يحصل"، وفق قوله.
ضعيفة سياسيا
ورأى "أن حكومة الصّيد ستكون ضعيفة سياسياً؛ لأنها تعتمد في جزء كبير منها على الكفاءات، لكنّها قد تصبح لها قاعدة سياسية قويّة إذا ما راجعت بعض الأحزاب التي لم تحصل على حقائب -وبخاصة حزب آفاق تونس الرافض لتواجد التكنوقراط - مواقفها من بعض الأسماء المعروفة بالخبرة والكفاءة".
وأشار الجورشي إلى أنّ "النهضة" مقتنعة بأنّ اليسار بكلّ أطيافه وراء إقصائها من حكومة الصّيد، مؤكداً أنّ من يرفض أيّ تقارب بين "النهضة" و"نداء تونس" مخطئ في حساباته، "لأنّ الاتجاه العام والقناعة الراسخة لدى أغلب البلدان الديمقراطية؛ ترى ضرورة إدماج الاسلاميين في اللعبة السياسية"، على حد قوله.
وجاء موقف حركة النهضة من التشكيلة الحكومية؛ على لسان القيادي عبد اللطيف المكي الذي صرّح لإذاعة لـ''جوهرة أف أم" الخاصة، بأنه "كان واضحاً من خلال التصريح الأخير لرئيس الحركة راشد الغنوشي حول إمكانية عدم الاتفاق؛ أن هناك مؤشراً على صعوبة تكوين حكومة وحدة وطنية تشارك فيها أغلب مكونات المشهد السياسي في تونس".
ومن المنتظر أن يعقد مجلس شورى حركة النهضة اجتماعاً الأحد المقبل، للنظر في تركيبة حكومة
الصيد وإعلان موقف نهائي منها.
حكومة مكافآت
ووصف عدنان منصر، مدير الحملة الانتخابية للرئيس السابق منصف المرزوقي، في تصريح صحفي، حكومة الصّيد بأنها "حكومة مكافآت، وليست حكومة كفاءات"؛ لافتاً إلى أن "عمرها الافتراضي سيكون أقصر من غيرها".
وقال إن "بعضهم ضحّى بنفسه وتاريخه من أجل أن يكون ضمن تشكيلة هذه الحكومة، لكنه لم يظفر بذلك"، في إشارة إلى كل من "النهضة" و"الجبهة الشعبية"، بحسب مراقبين.
وأضاف منصر: "من سيسيّر هذه الحكومة أطراف من خارجها، ومن سيقرّر اتجاه هذه الحكومة لن يكون مسؤولاً عن نتائج عملها، والمسؤولون فيها لن يقرّروا الاتجاه الذي سيسيرون فيه"، وفق تعبيره.
أسماء تلاحقها قضايا
من جهته؛ قال النائب عن حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح إعلامي، إن تركيبة الحكومة الجديدة التي أعلنها رئيس الحكومة الحبيب الصيد "تضمّ أسماء نكرات، وأخرى تلاحقها قضايا في المحاكم".
ونشرت المرشحة الرئاسية السابقة القاضية كلثوم كنّو على صفحتها الرسمية في "فيسبوك" تعليقاً قالت فيه: "شخصياً أقولها وبدون خوف ولا تردد، وزير الداخلية ناجم الغرسلي أسوأ اختيار قام به رئيس الحكومة".
وعللت ذلك بالقول: "الغرسلي قاض غير مستقل، لعب أدواراً قذرة في السابق، وتسبب في ظلم زملائه القضاة الشرفاء، والضغط عليهم، وخصم أجورهم دون موجب، وتعسّف عليهم إرضاء لأسياده آنذاك، وهو من الانتهازيين الكبار، ولا أثق فيه أبداً، ولا أطمئن لأدائه، ويُفترض أن يكون مشمولاً بالعدالة الانتقالية".
وتوقّع الأمين العام لحزب المسار الديمقراطي سمير الطيب، عدم نيل حكومة الصّيد ثقة نواب الشعب، بسبب وجود "تململ كبير" في "نداء تونس".
وفي السياق نفسه؛ قال القيادي في الجبهة الشعبية، النائب الجيلاني الهمامي، إن الأقرب للظن أن الجبهة الشعبية لن تصوّت لفائدة الحكومة الجديدة.
وأكّد رئيس حزب آفاق تونس، ياسين إبراهيم، الذي انسحب أمس الجمعة من مشاورات تشكيل الحكومة في تصريح إذاعي، أن "تركيبة الحكومة الجديدة لم تكن مفاجئة"، معبّراً عن أسفه لـ"خيار رئيس الحكومة المكلف تعيين كفاءات غير متحزبة، أو أن بعضها مقرب من عدد من الأحزاب السياسية".