مصر في مهمة صعبة ببحثها عن رضا المغرب والجزائر

تكشف عدد من المعطيات تَقَلب الموقف المصري تجاه كل من المغرب والجزائر في صلة بالنزاع القائم منذ عقود بين البلدين حول مغربية الصحراء، حيث تحاول مصر السيسي جاهدة إرضاء الطرفين، وهي المهمة التي يرى أكثر من متتبع للشأن المغاربي أنها مهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة.
 
على خلفية التوتر الذي نشب بين المغرب ومصر الذي عكسته وسائل إعلام البلدين خاصة منه الإعلام المغربي الرسمي، والذي سمى مطلع هذه السنة ما حدث في مصر منذ شهر تموز/ يونيو 2013 بالانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي، وما نتج عنه من فوضى وعدم استقرار في البلد، بادر وزير خارجية مصر سامح شكري بزيارة المغرب وحظي باستقبال ملكي بعد لقائه بوزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار.
 
وعقب اللقاءين أصدر الجانبان المغربي والمصري بلاغاً مشتركاً للتعاون بين البلدين، كما نفى سامح شكري في لقائه بالمسؤولين المغاربة وجود أي تغيير في موقف بلاده الرسمي بخصوص القضايا المصيرية للملكة المغربية، وشددا على أن مصر تعتبر مسألة الوحدة الترابية للمغرب شيئاً مُقدساً.
 
بعد أسبوع من الزيارة، أعلنت الخارجية الجزائرية في بلاغ رسمي أن وزير خارجية مصر تلقى اتصالاً من نظيره الجزائري رمطان لعمامرة قبل يومين، وأن الطرفين شددا على ضرورة استكمال مسار تسوية ملف الصحراء طبقاً لقرارات الأمم المتحدة، وهو ما يعكس تبايناً في الموقف المصري بين ما تم التعبير عنه للمغرب ثم بعد ذلك للجزائر.

في إطار التحركات المصرية التي تكاد تصل حد التناقض أو الازدواجية، يأتي ما عبر عنه لجريدة "الدستور" المصرية، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، عزمي خليفة، حيث قال "إن ما قصدته القاهرة بـ"الوحدة الترابية للمغرب" ملف سبتة ومليلية الواقعتين تحت السيادة الإسبانية، وهو ما يعني نفي هذا التعبير عن قضية الصحراء المغربية. 
 
هذا التقلب في الموقف المصري كان موضوع سؤال وجهه "عربي21" للناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ووزير الاتصال، مصطفى الخلفي، فكان جوابه "بالنسبة لنا المرجع هو ما يصدر عن الجمهورية العربية المصرية". 
 
وسجل المسؤول المغربي، بإيجابية ما جاء في البيان المغربي المصري، وموقف مصر من الوحدة الترابية للمملكة، وشدد الخلفي على أن خطوة القاهرة تلك "تشكل خطوة لتبديد بعض المشكلات التي أثيرت وفق إرادة مشتركة بين الطرفين". 
 
وفي تصريح للموقع اعتبر خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول في مدينة وجدة المغربية، أن الموقف المصري يحاول كسب عدد من المزايا في صلته بالمغرب والجزائر، معتبراً أن هذا أمر صعب، حيث يكاد يكون مستحيلاً خلق منطقة رمادية بين المغرب وجارته الشرقية في هذا الموضوع، على حد تعبير الشيات. 

الخبير في العلاقات المغربية الجزائرية قال إن الموقف المصري تجاه الوحدة الترابية للمملكة المغربية عبر التاريخ، لم يخرج عن التعبير عن الدعوة لحل النزاع في إطار جهود الأمم المتحدة، وشدد المحلل السياسي على أن أقصى ما يمكن أن تفعله السلطة في مصر هو الحياد. 

متتبعون كثر يعتبرون أن مصر وضعت نفسها في مرمى نيران الجارين الخصمين -المغرب والجزائر-، وأن أياً من البلدين لن يقبل الميل قيد أنملة من الطرف المصري في تجاه الطرف الآخر، وهو "مأزق" في نظر البعض وضع السيسي فيه نفسه ويبدو لهم أنه من الصعب عليه أن يخرج منه بسهولة، خاصة في ظل "واقع اللااسقرار" الذي تعرف مصر به اليوم، يعلق آخر.