نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للكاتبة رولا خلف حول سجن
رومية، قالت فيه إن الحياة في
لبنان تشبه إلى حد ما فيلما من أفلام هوليوود. فتحصل أشياء كثيرة في لبنان ولا يستغربها اللبنانيون، ولكن حتى مع هذه الحالة فإن قصة سجن رومية كانت كبيرة.
وتضيف الكاتبة: "هناك حالات كثيرة، حيث تم سجن الجهاديين، وكانوا أكثر تطرفا لدى خروجهم من السجن، ولكن في سجن رومية أصبح
الجهاديون هم أسياد السجن، وحولوا جناحا منه إلى سكن خمس نجوم ومركز قيادة عمليات".
وتشير خلف إلى أنه "لم يكن سرا أن أكبر سجن لبناني والأكثر ازدحاما كان بحاجة إلى تحسين، ولكن الفشل الذريع كان بسبب فشل السياسيين اللبنانيين المتشاحنين في الاتفاق على كيفية التعامل مع الأمر".
وتجد الكاتبة أن السبب هو ما حدث قبل أسبوعين من اكتشاف قوات الأمن أن عملية انتحارية مزدوجة في مقهى مكتظ في طرابلس تم توجيهها من داخل السجن. وبحسب وزير الداخلية فإن غرفة عمليات في السجن كانت مسؤولة عن الكثير من العمليات الإرهابية، ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة.
ويبين التقرير أنه بعد يومين من التفجيرات قامت قوات الأمن بمداهمة القسم "ب" في رومية، وفككت خلايا القاعدة الجهادية هناك، وكشف المسؤولون بعد ذلك أن عملية مداهمة السجن كانت معدة منذ أشهر، ولكنها لم تطبق حتى الآن.
وتوضح خلف أن هذا كله حدث في وقت تساءل فيه الإعلام اللبناني عن الحكومة، وأين كانت مما يحصل طيلة هذا الوقت، وحرصا من الداخلية على الظهور بقيامها بعملها، سمحت لتلفزيون "إل بي سي" أن يجول في قسم "ب"، حيث وجدوا مقهى وحلاقا وقنابل مولوتوف كلها لخدمة 280 جهاديا، كان من المفترض أنهم معاقبون بسبب أعمال إرهابية.
وتذكر الصحيفة أنه كان هناك قسم خاص لإعطاء الدروس في تصنيع المتفجرات، وقسم آخر يحتوي على حواسيب محمولة وتلفزيونات وأجهزة استقبال للتلفزيونات و"راوتر" يوفر الإنترنت في السجن كله، وكان للقسم "ب" أميره الخاص به، وهو أبو الوليد، الذي كان يعيش في غرفة مزخرفة ومكيفة، ويتبعها مطبخ خاص، حيث قال مراسل القناة إنه لا يكاد يصدق ما رآه.
وتتساءل الكاتبة: لماذا سُمح بوجود هذا القسم؟
وتجد خلف أن السبب يعود في جزء منه إلى أزمة سجناء أخرى، وهو أن تنظيمي الدولة والنصرة قاما باختطاف 26 جنديا لبنانيا في آب/ أغسطس الماضي. وقامت تلك الجماعتان الجهاديتان بقتل خمسة من المختطفين، وكان أحد مطالبهما هو إطلاق سراح زملائهما في القسم "ب" في سجن رومية، وكان أي تحرك مبكر قد يؤثر على الجنود المختطفين.
ويفيد التقرير بأن الحكومة تعرضت تحت ضغط الجهاديين وضغوط أهالي الجنود المختطفين، الذين أقاموا اعتصاما مستمرا أمام البرلمان في وسط بيروت.
وتتحدث الكاتبة عن رد عائلات الجنود المخطوفين، فقد استخدمت تكتيكا جيدا، وهو إغلاق الطرق في البلاد، والتسبب بأزمات سير رهيبة، ما جعل الأزمة تبدو وكأن لبنان كلها أصبحت رهينة. كما أن انقسامات الحكومة حول هل التفاوض مع المجموعات الجهادية مفروض أم لا، ومن هو المسؤول عن الاتصال بها فاقم من المشكلة.
وتشير الكاتبة إلى أنه أثناء الأزمة قام بعض المفاوضين بالوساطة بين الحكومة والجهاديين، مضيفة أن "أحد هؤلاء، الذي أشك في أنه متعاطف مع الجهاديين، قام بعقد مؤتمر صحافي في بيروت هذا الشهر، وقال إن تنظيمي الدولة والنصرة يريدان منطقة عازلة على الحدود السورية اللبنانية، وبناء مستشفى ومستودع أدوية يستخدمان لعلاج الجرحى".
وتقول أخت أحد الجنود المختطفين: "لقد منح اختطاف الجنود الفرصة للوسطاء أن يحصلوا على الأموال والشهرة"، بحسب الصحيفة.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الحكومة تؤكد للعائلات أنها لا تزال تعمل على إطلاق سراح الجنود، وأن اجتياح سجن رومية لن يغير ذلك، ولكن جبهة
النصرة وعدت بـ "مفاجآت"، ردا على ما أسمته الانتقام لما أسمته "تدهور الأوضاع الأمنية في لبنان".