نشر موقع الميدل إيست آي تقريرا للصحافية أماندا فيشر، حول
خلافة سلطان عمان، قالت فيه إنه قد يتم اللجوء أخيرا لحل الظرف المغلق، ولكن كيف إن كان هناك أكثر من اسم؟ وهذا الظرف لا يتعلق بتوزيع جوائز على طريقة هوليوود، إنه سيحتوي على المعلومة التي تقرر مستقبل بلد.
وترى الكاتبة أنه قد تكون نهاية 44 سنة من حكم الدكتاتور السلطان
قابوس بن سعيد آل سعيد قريبة بسبب المشاكل الصحية، حيث خرج السلطان البالغ من العمر 74 عاما من عمان إلى ألمانيا للعلاج, مما يقال إنه سرطان القولون منذ تموز/ يوليو الماضي.
ويجد الموقع أن المشكلة التي تواجه البلاد هي أن السلطان، الذي ليس له إخوة ولا أبناء، والذي أنتزع الحكم من والده عام 1970 في انقلاب أبيض، لم يسم أو يلمح علنا عن شخص يرغب في خلافته، بل ترك تلك الرغبة في ظرف مغلق، يلجأ إليه مجلس العائلة الحاكمة إن فشل في اختيار شخص ليحكم البلاد، بعد وفاته بثلاثة أيام.
ويبين التقرير أن كثيرا من المحللين توقعوا أن يقوم السلطان بإعلان مرشحه المفضل على الملأ، للحد من التخمينات، ولكن المحلل العماني أحمد المخيني يقول إن هناك سببا مهما لعدم فعله ذلك.
وقال المخيني لموقع "ميدل إيست آي": "كان جلالته قلقا جدا بخصوص المنافسين، ولذلك لم يسم وليا للعهد؛ لأن مثل تلك المعلومات قد تستخدم لخدمة أجندات داخلية أو خارجية"، مضيفا أن السلطان لا يريد للتاريخ أن يعيد نفسه.
ويذكر التقرير أن السلطان كان ناجحا جدا في القضاء على محاولات المطالبين بالعرش، التي كانت تعد محاولة لزرع بذور فراغ في
السلطة في حال وفاته، بحسب المخيني.
وينقل التقرير عن جيورجيو كافيرو، المشارك في تأسيس (جلف ستيت انالاتيكس) ومدير الأبحاث فيه، قوله: "يقال إن قابوس كتب أكثر من رسالة، ما يعني أنه قد يسمي أكثر من خليفة للعرش، وإن لم تنجح عائلة آل سعيد في اختيار خليفة واضطروا لفتح أكثر من رسالة بأكثر من اسم فستنشب أزمة خلافة".
ويلفت الموقع إلى أن السلطان نفسه قد أخبر مجلة "فورين أفيرز" عام 1997، أنه: "كتبت اسمي مرشحين بترتيب تنازلي، ووضعتهما في ظرفين مغلقين، أرسلا إلى منطقتين مختلفتين".
وتجد الكاتبة أن هذا يعقد المهمة لأي شخص، حتى لو تم اختياره بوضوح؛ لأنه يفرض نفسه زعيما للبلاد، وذلك بسبب الهالة التي أحاطت بالسلطان قابوس.
وتضيف فيشر أنه لا يستطيع أحد التحرك في عمان دون أشياء تذكره بالسلطان، فهناك جامعة السلطان قابوس ومسجد السلطان قابوس الكبير، ومستشفى جامعة السلطان قابوس، ومرفأ السلطان قابوس، وشارع السلطان قابوس، والقائمة لا تنتهي.
ويبين التقرير أن المسألة لا تتعلق هنا بالتفاخر فقط، فقد استطاع السلطان، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والقائد العام للقوات المسلحة ومدير البنك المركزي خلال فترة حكمه، من تحويل البلاد من منطقة صحراوية متخلفة، ليس فيها سوى عدد صغير من الشوارع المعبدة، إلى بلد مستقر اقتصاديا.
يقول المخيني: "يشكل الأشخاص المولودون بعد عام 1980، ما نسبته 70% من السكان، وهؤلاء الناس علاقتهم بالملكية تختلف عن الجيل الأكبر منهم".
ويوضح الموقع أن الرغبة في التغيير موجودة، ففي عام 2011 خلال موجة الاحتجاجات التي اجتاحت الشرق الأوسط كان لعمان نصيبها المتواضع من تلك الاحتجاجات، التي استمرت لعدة أشهر، وكانت تقوم بشكل رئيسي على الشباب، وخلفت عددا من القتلى والجرحي. وهذا جعل السلطان يقدم تنازلات، فمنح البرلمان سلطات تشريعية، وقدم مساعدات مالية لقطاعات مختلفة، كما وعد بإيجاد 50 ألف وظيفة حكومية.
ويقول المخيني، المؤيد لوجود قوي للمجتمع المدني في عمان، والذي يرى أن بلاده على أبواب تغيير: "هذه الفترة التي قضاها جلالته خارج البلاد منحت المؤسسات فرصة للتفكير كيف يمكنها العمل دون إشراف جلالته، وهذا شيء جيد لهم".
وبينما يعترف أن تلك المؤسسات كانت بطيئة التصرف، إلا أنه يعزو ذلك لكونها كانت تتعلم كيف تدير نفسها.
وترى فيشر أنه مع أن السلطان لم يستطع العودة للبلاد في يومها الوطني ويوم عيد ميلاده في تشرين الثاني/ نوفمبر، واكتفى بخطاب ظهر فيه ضعيفا، وتحدث عن غيابه لـ "أسباب تعرفونها"، إلا أن المخيني يقول إنه يعتقد أن قابوس ليس على أبواب الموت بعد "حيث التقى بكيري في 10 كانون الثاني/ يناير، ما يعيد الأمل في رجوعه للبلاد، والناس متفائلون جدا حول صحته، فهم يحبونه ويفتقدونه، ويدعون في صلواتهم لعودته".
ويرى المخيني أنه إن عاد السلطان لعمان، فأول خطوة سيقوم بها هي تعيين رئيس وزراء مستقل، والمضي قدما في البلاد نحو ملكية دستورية، وزيادة سلطات البرلمان، كما أنه يتوقع مشاركة شعبية أكبر في شؤون الدولة، من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عصر تزداد فيه "مشاركة السلطات". ويقول: "لا يهم من يخلف السلطان، ولكن ما يهم هو التطور الذي سيحصل بعد وفاته"، مضيفا أن هذا ما يراه معظم العمانيين.
ويجد أن "الشخص العادي في الشارع ليس مهتما بمن سيخلف السلطان؛ لأنهم يعتقدون بوجود مؤسسات، والناس القلقون هم القريبون جدا، وهم قلقون على نفوذهم الناتج من قربهم للسلطان".
ويفيد التقرير بأن المنظر من الخارج مختلف تماما، فكافيرو، الذي يعيش في واشنطن، يقول إن العمانيين قلقون حول ما سيحصل بعد قابوس، وهم محقون بقلقهم لأسباب أربعة:
قد يتم التشكيك في مشروعية أي قيادة جديدة، حيث لم تكن هناك أي تجربة خارج سلطة قابوس، وثانيا يعد السلطان الحالي ذا باع في توحيد البلاد، وتجاوز خلافات قبلية تاريخية قد تعود للواجهة تحت أي قيادة جديدة، وثالثا احتمال نشوب صراع على السلطة داخل العائلة المالكة أو غيرهم من مراكز القوى، وأخيرا احتمال وجود أكثر من اسم في الظروف المغلقة.
ويقول كافيرو إن المتنافسين الرئيسيين بحسب إملاءات "السلالة" هم ثلاثة من أبناء عم السلطان غير المعروفين، مع أن مصادر دبلوماسية تشير إلى سيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والتراث الحالي سيحصل على القبول.
وتختم الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى أنه يشكك في أن اجتماع كيري بالسلطان هو دليل على تحسن في صحة السلطان، الذي يزعج
مرضه الأمريكيين، حيث أدى دورا مهما في الوساطة مع إيران، مهدت للاتفاق النووي المبدئي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013.