يخوض الجيش
المصري معركة ضد
الجماعات المسلحة في
سيناء، يتوقع مراقبون أنها ستطول، ما ينذر بتعميق الخسائر في صفوف الجيش من جهة، وزيادة احتقان أهالي سيناء الذين طال عائلاتهم القتل والتشريد، جراء لجوء نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الخيارين الأمني والعسكري.
وتثير
الحملة العسكرية في سيناء، العديد من التساؤلات حول حقيقة أهدافها، ومدى إمكانية "الانتصار" فيها، وانعكاساتها السياسية والعسكرية على نظام السيسي، في ظل حالة "عدم الاستقرار" التي تسود الشارع المصري، وتزايد وتيرة "الحراك الثوري" المطالب بعودة "الشرعية" والرئيس محمد مرسي.
مشروع صهيوني
يقول القيادي في التحالف الوطني لدعم الشرعية، الدكتور جمال حشمت إن الجنرال عبدالفتاح السيسي يسعى من خلال المعارك التي يخوضها
الجيش المصري، إلى "تنفيذ مشروع صهيوني لصالح
إسرائيل بشكل غير مباشر".
وأضاف لـ"عربي21" أن نظام السيسي يسعى إلى "تأمين الحدود لصالح إسرائيل تحت مسمى الحرب على الإرهاب في سيناء"، بالإضافة إلى "كسب تأييد دولي لسياساته الأمنية ضد المعارضة بالتلويح بورقة الإرهاب التي قد تزعزع أمن مصر واستقرارها".
واتهم حشمت السيسي بأنه "يتخبط" في سياسته العسكرية، وقال إنه "يعمل على تحويل ردم الأنفاق الستة إلى الضفة الشرقية لقناة السويس؛ لتحويلها إلى خط بارليف جديد"، مشيرا إلى أنه "في الوقت ذاته يستعدي قطاعات كبيرة من شعب ليبيا من خلال التدخل في شأنها الداخلي".
مخاطر متوقعة
من جانبه؛ قال الصحفي المتخصص في الشأن السيناوي، أحمد أبو دراع، إن العمليات العسكرية التي يقودها الجيش المصري ضد الجماعات المسلحة في سيناء "قد تستمر لبضع سنوات"، محذرا من "عدم وضع سقف زمني لها".
وأضاف أبو دراع لـ"عربي 21" أن الجيش يعرّض نفسه للمخاطر من خلال التعامل التقليدي مع الجماعات المسلحة "وخاصة في ظل نقص المعلومات الذي جعل الجيش وكأنه يطارد أشباحا في الصحراء".
وتابع: "الجيش يكرّس شعور الكراهية لدى السيناويين الناقمين على سياسة تهجيرهم قسرا، لحماية أمن إسرائيل من خلال إقامة منطقة عازلة".
خلط متعمد
وقال الباحث في معهد الدراسات حول العالم الإسلامي والعربي بجامعة مرسيليا، الدكتور طارق المرسي، إن هناك "خلطا متعمدا حول الوضع في سيناء".
وأوضح لـ"عربي21"، أن "الحرب تفترض وجود عدو خارجي، وهو ما لا ينطبق على سيناء، فالنظام يريد أن يظل رهين مصطلح الحرب على الإرهاب، الأمر الذي يتطلب منه القيام بممارسات عسكرية تولد الإرهاب، وتزيد العنف، وتعمق الشعور بالاضطهاد لدى أهالي شمال سيناء".
وأكد المرسي أنه "لا يوجد ما يوحي بأن الجيش قد نجح في سيناء طوال العام ونصف العام الفائت، بما في ذلك سياسة الأرض المحروقة، وتفريغ القرى من أهلها بشكل كامل"، محذرا من سياسة "التهجير القسري" التي ستؤدي إلى "الدخول في دائرة العنف والعنف المضاد".
أما عضو الهيئة العليا لحزب التيار المصري، محمد القصاص، فأكد أن "معظم ما يتم تناقله عن الوضع في سيناء لا يعدو كونه مجرد تكهنات وليست حقائق، بسبب غياب الشفافية، واعتماد الخطاب الرسمي للشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة".
وانتقد القصاص "التعامل الأمني العنيف" ضد أهالي سيناء منذ عقود، مبينا أن تسليم الملف السيناوي إلى "أمن الدولة" طوال فترة حكم "مبارك" خلق "جيلاً من الإرهابيين، وبؤرا إرهابية، نتيجة القبضة الأمنية المشددة".
هل يفشل الجيش؟
من جهته؛ أعرب مدير مركز هشام مبارك القانوني مصطفى أبو الحسن، عن خشيته من "فشل" الحملة العسكرية بسيناء، معللاً ذلك بأن "طبيعة الجيش تعتمد على مواجهة عدو مباشر، لا عصابات مختبئة".
وقال أبو الحسن لـ"عربي21": "لا يمكن إطلاق مصطلح الإرهاب على عواهنه ضد المسلحين، وتعميمه على المعارضين أيضا"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن تجاهل الخصوصية السيناوية وانتهاكها"، على حد تعبيره.
وأضاف: "الإرهاب في سيناء وليد الجوع والفقر والتخلف والإهمال وسلب الحقوق وانعدام التنمية، واستعداء الأهالي، وتقسيم المحافظة بين رجلي الأعمال حسن راتب في الشمال، وحسين سالم في الجنوب، على مدار عقود".
في المقابل؛ قلّل المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة، اللواء علاء عز الدين، من شأن مغبة دخول الجيش في عمليات عسكرية مفتوحة مع المسلحين بسيناء.
وقال لـ"عربي21"، إن القوات المسلحة لا تجيش أعدادا قتالية كبيرة للقتال ضد "البؤر الإرهابية"، مؤكدا أنها تتعامل مع المسلحين من خلال قوات خاصة "تحقق نجاحات واضحة بمرور الوقت".
وأضاف: "ليس بصحيح أن الجيش غير مؤهل للدخول في حرب عصابات، فمعظم الجيوش يتم تدريبها على القتال داخل المدن".