خطباء الجمعة بأوروبا يدينون حادثة "شارلي إيبدو" (فيديو)
عواصم ـ وكالات09-Jan-1508:09 PM
0
شارك
مسلمو فرنسا يشاركون بكثافة بفعاليات مناهضة للإرهاب والتطرف ـ أ ف ب
أدان خطباء الجمعة في العديد من المساجد في أوروبا؛ الهجوم المسلح الذي استهدف أمس الأول مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية، معربين عن مواساتهم لذوي الضحايا، ووقوفهم إلى جانب الشعب الفرنسي، في هذا المصاب الجلل.
وشدد الخطباء في المساجد المنتشرة في ألمانيا على ضرورة عدم ربط مثل هذه الهجمات بالإسلام، مشيرين إلى أن الإرهاب لا محل له في تعاليم أي دين من الأديان.
وفي هولندا - التي يعيش فيها حوالي مليون مسلم - اعتبر الخطباء أن الهجوم الذي طال مقر المجلة، هو هجوم موجه للقيم الإنسانية جمعاء، مؤكدين على أن أياً من المسلمين، لا يمكنهم تصويب هذا الفعل، بغض النظر عن الفاعلين أو الجهات المستهدفة.
وفي النمسا التي تضم حوالي 600 ألف مسلم، رأى الخطباء أن الإرهاب جريمة ضد الإنسانية، مهما كان مصدره، ولا يجوز ربطه مع الأديان التي تهدف إلى نشر السلام، لافتين إلى أن الهدف من مثل تلك الهجمات توسيع الفجوة بين المجتمعات المختلفة، وزيادة الأحكام المسبقة المعادية للإسلام.
في سياق متصل، نشر كل من "ألويس كلوك" - عضو المركز الكاثوليكي الألماني - و"أيمن مزيك" عضو المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، و"ستيفان كرامر" الأمين العام السابق للمجلس المركزي ليهود ألمانيا، ورئيسة المجتمع اليهودي في ميونيخ وبافاريا العليا "شارلوت نوبلوك"، وأسقف برلين السابق، و"ولفغانغ هوبر"؛ بياناً مشتركاً في صحيفة بيلد الألمانية، أعربوا فيه عن مواساتهم لأهالي ضحايا هجوم باريس، مؤكدين على أن القرآن والإنجيل والتوراة، كتب تدعو للمحبة وليس للكراهية.
وكان 12 شخصاً بينهم أربعة من رسامي الكاريكاتير ورجلي شرطة، قد قتلوا أمس الأول في الهجوم الذي استهدف المجلة الأسبوعية الساخرة.
وقد أثارت المجلة جدلاً واسعاً عقب نشر رسوم كاريكاتورية "مسيئة" للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم المرسلين في أيلول/سبتمبر 2012، الأمر الذي أثار موجة احتجاجات في دول عربية وإسلامية.
وكررت المجلة الساخرة إساءتها للرسول محمد، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي؛ عندما عنونت على غلافها الرئيسي "ماذا لو عاد محمد؟"، حيث أفردت صورة لمن وصفته بأنه نبي الإسلام، مصورة إياه كاريكاتورياً، راكعاً على ركبتيه، فزعاً من تهديد مسلح، يُفترض انتماؤه للدولة الإسلامية.
مسلمو فرنسا ينأون بأنفسهم عن التطرف
وفي السياق ذاته، دعا مسؤولو منظمات مسلمي فرنسا الجمعة، أئمة المساجد إلى الترحم على أرواح ضحايا الاعتداء على أسبوعية "شارلي إيبدو" والتنديد بأفكار الإسلاميين المتطرفين وسلوكهم، المتهمين بشن الهجوم الدموي على الصحيفة الساخرة باسم الدفاع عن نبي الإسلام.
ودعا ممثلو ما بين 3,5 و5 ملايين مسلم في فرنسا الأئمة، في أكثر من 2300 مسجد في البلاد إلى "التنديد بأشد العبارات بالعنف والإرهاب" في خطب الجمعة.
وقال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية دليل بوبكر إن "مسلمي فرنسا يشعرون بصدمة شديدة وحزن" بعد الهجوم الذي نفذه الفرنسيان الشقيقان كواشي، وهما من أصول جزائرية وتحاصرهما الشرطة الجمعة في مدينة صغيرة تقع شمال شرق باريس.
ودعا المجلس وهو الهيئة التي تمثل مسلمي فرنسا، وكذلك اتحاد منظمات مسلمي فرنسا (المقرب من الإخوان المسلمين) "المواطنين المسلمين إلى المشاركة بكثافة في التجمع الوطني"، المقرر الأحد في باريس.
مخاوف من تزايد العنف
وتسود مخاوف من أن يؤدي الهجوم على شارلي إيبدو إلى تصاعد أعمال العنف التي تطال المسلمين.
وحرص رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس على التأكيد، الجمعة، أن فرنسا "في حرب ضد الإرهاب" و"ليس ضد دين ما".
من جانبه دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى "رفض المزايدات والازدراء والرسوم المسيئة".
ومنذ الأربعاء تعرضت عدة مساجد في فرنسا للرصاص والرشق بأغراض أخرى، دون إصابات.
وأطلقت أربع رصاصات مساء الخميس على واجهة مسجد مدينة إلبي (جنوب)، كما عثر على كتابات عنصرية ومسيئة في مسجد بايون (جنوب غرب).
وفي بواتييه (وسط غرب) أوقفت الشرطة شخصاً يشتبه في أنه كتب مساء الأربعاء على بوابة المسجد "الموت للعرب" على ما أفاد مصدر قضائي، لكن المشبوه قال إنه تصرف تحت تأثير السكر و"الصدمة" الناجمة عن الهجوم على شارلي إيبدو.
وأفاد الدرك أنه عثر صباح الجمعة على رأس خنزير وأمعاء معلقين على باب قاعة صلاة للمسلمين في كورت في كورسيكا.
ودان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف مساء الخميس كل أعمال "عنف" أو "تدنيس" تستهدف أماكن عبادة، وقال محذراً "فليعلم منفذو مثل هذه الأعمال أنه ستتم ملاحقتهم وتوقيفهم ومعاقبتهم".
وأعرب رئيس المرصد الوطني لمكافحة معاداة الإسلام عبد الله زكري عن "القلق من تزايد هذه الأعمال بحق المسلمين في الأيام المقبلة، ندعو وزارة الداخلية إلى ضمان الأمن".
وأضاف أن "المسلمين عالقون في مصيدة، بين هؤلاء الذين يقتلون باسم الإسلام أو متطرفين يريدون تنفيس احتقانهم على المسلمين، ويصبون عليهم خطابهم الذي يتضمن ازدراء للمسلمين".
وحذر مسؤولون مسلمون من أن الخلط بين المسلمين و"المتطرفين الإسلاميين" يخدم مصلحة المعتدين.
وبحسب تقديرات رسمية، فإن عدد الفرنسيين المقاتلين مع تنظيمات مسلحة في سوريا يبلغ حالياً 390 شخصاً.
وقال مغني فريق زبدة الفرنسي الموسيقي موس (مصطفى أموكران) "أن يكون المرء مسلماً اليوم في هذا البلد، هو أن يكون عالقاً بين المطرقة والسندان: بين هؤلاء الناس الذين يقتلون باسم ديانتهم والعنصرية المناهضة للمسلمين المتزايدة".
من جهته قال فاتح كموش المعروف في أوساط المدونين الإسلاميين، إن "عدداً من وسائل الإعلام تقول لنا إن المسلمين يجب أن يرفعوا صوتهم أكثر".
ويضيف مؤسس موقع الكنز الموجه لمسلمي فرنسا "لكننا نقوم بالتعبئة طوال الوقت، ويقول أذكر بأن المسلمين أصيبوا أيضاً؛ لأن الشرطي الذي قتل عن مسافة قريبة (أمام مقر الصحيفة) كان يدعى أحمد مرابط. لم ننج من هذا الأمر".
ويرى المؤرخ بنجامين ستورا أن الخلط بين المسلمين والمتطرفين يشكل إهانة لكل الذين عايشوا الحرب في الجزائر في التسعينيات، التي شهدت ظهور "تيار إسلامي سياسي عنيف جداً".
وأضاف لوكالة فرانس برس "حين نقول (المسلمون)، ننسى أن هناك أشخاصاً عاشوا محنة اغتيال مفكرين"، مذكراً بأنه آنذاك كان الصحفيون ورسامو الكاريكاتبر الجزائريون الهدف الرئيسي للمتطرفين.