ساهمت ضراوة المعارك التي خاضها الجيش
الإسرائيلي في حربه الأخيرة على قطاع غزة، في تنامي ظاهرة
فرار الإسرائيليين من
الخدمة العسكرية.
وكشفت صحيفة "معاريف" العبرية قبل أسبوعين، عن اعتقال 292 جنديا هربوا من الخدمة العسكرية، مشيرة إلى أن أكثرهم اتخذوا قرارا بالفرار أثناء الحرب على غزة، خوفا من المشاركة في المعارك الدائرة آنذاك.
وأفادت الصحيفة بأن كثيرا من الجنود رفضوا تسليم أنفسهم عند القبض عليهم، فيما هدد بعضهم بالانتحار.
ظاهرة قديمة حديثة
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور عدنان أبو عامر، إن فرار الجنود الإسرائيليين من الخدمة العسكرية "ظاهرة يعاني منها جيش الاحتلال منذ سنوات طويلة".
وأضاف أبو عامر لـ"عربي12"، أن شراسة المقاومة الفلسطينية التي واجهها
جنود الاحتلال، دفعتهم إلى الهروب من الجيش، مشيرا إلى أنهم باتوا يخشون الأسر أو القتل أو الإعاقة، أكثر من أي وقت سابق.
وتابع: "لم تعد الخدمة العسكرية أن يقضي العسكري ثلاث سنوات في المعسكرات ليعود بعدها إلى منزله، وإنما أصبحت مهمة صعبة تحفها كثير من المخاطر، ما تسبب بتهرب الإسرائيليين منها".
وأكد أبو عامر أن هذا "الهروب المتزايد" يؤدي إلى "ضعف الانتماء للدولة اليهودية"، لافتا إلى قيام الحاخامات اليهود بـ"عملية توعية وتثقيف وتعبئة للشبان اليهود، لحثهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية، وتحمل الخسائر".
من جانبه؛ قال المختص في الشأن الإسرائيلي ناجي البطة، إن غالبية الجيل الإسرائيلي الحالي "لا تنتمي للمشروع اليهودي، وبالتالي هي غير مستعدة للتضحية بوقتها وجهدها ورفاهيتها من خلال الخدمة العسكرية".
وأضاف لـ"عربي21"، أن "الشبان الإسرائيليين يلتحقون بالجيش بعد الثانوية العامة، الذكور لمدة سنتين، والفتيات لسنة ونصف، ويتم استدعاؤهم للاحتياط 40 يوما في كل عام، الأمر الذي يدخلهم في حالة من الضجر"، حيث إنهم "يبحثون في هذه السن عن صداقات مع الجنس الآخر، وهذا يتنافى مع الخشونة التي يمارسونها في الجيش"، بحسب قوله.
هروب المزيد
وتوقع البطة "مزيدا من التهرب بأعذار متعددة، كالظروف الصحية أو الانتماء لفئة الحريديم التي لا تخدم في جيش الاحتلال"، وقال: "إنهم مستعدون لفعل أي شيء حتى يتخلصوا من الخدمة العسكرية".
وأشار إلى أن قاضيا لمحكمة عسكرية إسرائيلية، سأل اثنين من قادة لواء جولاني الذي يوصف بأنه اللواء الأقوى في الجيش الإسرائيلي: "لماذا هربتم من الخدمة؟"، فقالا: "نحن لا نريد أن نموت".
وحول تأثيرات حالات التهرب من الخدمة العسكرية على الجيش الإسرائيلي، قال البطة إن هذا "سيضعف من الروح القتالية بشكل كبير جدا، الأمر الذي سيؤدي إلى تفكك وانهيار المنظومة العسكرية للاحتلال".
وأكد أن الروح القتالية "تتآكل" لدى الجيش الإسرائيلي، مدللاً على ذلك بما وصفه بأنه "أخطر القرارات الصهيونية" وهو ما يعرف بقانون "هانيبعل" الذي يقضي بوجوب قصف الطائرات الإسرائيلية للجندي الإسرائيلي حال أسره.
ووصف جنود الاحتلال بأنهم "لا يصلحون للقتال، ويعتمدون في المواجهات على قوة نارية هائلة من سلاح الجو"، مستشهدا بمقابلة نشرتها صحيفة "هآرتس" العبرية مع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد إطلاق سراحه في صفقة "وفاء الأحرار"، حيث قال له الصحفي: "لو رفعت يدك 5 سم، إلى الرشاش الذي أمامك لما كانت كل هذه القصة"، فرد عليه شاليط: "لم أجرؤ على التفكير برفع يدي 1 ملم في أي اتجاه".