يرتبط الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في
تونس بإعداد "
عصيدة الزقوقو" التي تعتبر أكلة تونسية بامتياز وتتباهى بإعدادها ربات البيوت التونسيات..
وحبات الزقوقو أو
الصنوبر الحلبي لها قصة طريفة تناولتها بعض كتب التاريخ..
يقول الباحث في التراث التونسي عبد الستار عمامو، إن "العبارة عامية، وهي تسمية شعبية.. إذ لم يكن معظم التونسيين يعتمدون على الزقوقو كمادة غذائية، إلا خلال عام 1864 إبان ما يعرف لدى التونسيين بثورة علي بن غذاهم".
ويضيف عمامو أن تلك الثورة "رافقتها حالة حادة من الجفاف، ما اضطر سكان الشمال التونسي إلى استهلاك الزقوقو، الذي يتشابه في تركيبته مع حب الدرع. وانتهى استهلاك الزقوقو في نهاية المجاعة ولم ترجع عادة استهلاكه إلا خلال السبعينيات من القرن الماضي، ليصبح مثل الموضة التي انتشرت بين العائلات. وصار استهلاكه دلالة على الرفاه الاجتماعي لارتفاع كلفته"، بحسب موقع "تورس".
طعام الفقراء
وكان سكان تونس العاصمة والمدن الكبرى يربطون بين "عصيدة الزقوقو" وبين الفقر، في إشارة للمجاعة، إلا أنه بات سكان المدن يتهافتون على إعدادها مؤخرا.
وفي المقابل، غدا سكان الأرياف الذين أكلوا "عصيدة الزقوقو" هربا من الجوع، يقبلون على ما يسميه التونسيون "العصيدة البيضاء".
إعداد "عصيدة الزقوقو"
وتعد بعض ربات البيوت العصيدة بمختلف مراحلها في البيت..
تقول التونسية زينب عمر: "عادة ما نصنع عصيدة الزقوقو في المنزل بذكرى
المولد النبوي، وهي مكلفة قليلا".
وتضيف زينب لـ"عربي21": "عند شراء حبوب الزقوقو يجب غسلها وتجفيفها، وبعدها تُنقّى في الغربال قبل التصفية وإضافة الماء عليها. وبعد تصفية الحبوب يضاف إليها الفرينة (الطحين) حتى تذوب، ومن المستحسن إعادة التصفية مرة أخرى بالغربال".
ويتطلب إعداد العصيدة الكثير من الفواكه الجافة والفستق (الصنوبر في تونس) والبوفريوة (البندق) والجوز والنشا والكريمة، لصنع طبقات مزينة موزعة بين الزقوقو والكريمة والفواكه الجافة.
انتقال "عصيدة الزقوقو"
وانتقلت هذه العادة الغذائية إلى
الجزائر وإسطنبول في تركيا، من خلال إعداد "البوزة"، وهي نفس تركيبة مادة الزقوقو.
وتقول الجزائرية رجاء حمزة لـ"عربي21"، إن "عصيدة الزقوقو انتقلت من تونس بواسطة الجزائريين الذين كانوا يعيشون هناك أو التوانسة المستقرين في الجزائر. وتنتشر في الولايات التي لها حدود مع تونس. ويتم صنعها في المولد النبوي. وطريقتها لا تختلف كثيرا عن طريقة عملها في تونس".
ارتفاع أسعارها
ونتيجة لإقبال التونسيين موسميا على "عصيدة الزقوقو"، فقد ارتفعت أسعار الكيلوغرام منها إلى أرقام قياسية. وبعدما كان سعر الكيلوغرام الواحد نحو 12 دينارا تونسيا (9 دولارات أمريكية) قبل أيام من تاريخ مولد النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد أصبح في حدود الـ18 دينارا للكيلوغرام الواحد، وهو لا يتجاوز في الأيام العادية حد الستة دنانير.
وتستقبل السوق التونسية قرابة الـ300 طن من الزقوقو، وتضطر السلطات التونسية لاستيراد جزء من حاجاتها السنوية من الجزائر المجاورة.
وحول ارتفاع أسعار الزقوقو وتضاعفها أكثر من ثلاث مرات، تقول نبيلة الشواشي، وهي ربة بيت، إن "جشع بعض التجار وراء هذا الارتفاع في الأسعار، فجامعو حبات الزقوقو في أعالي الجبال يفوتون فيها بثمن لا يتجاوز الخمسة دنانير تونسية، لكن السعر الذي تسوق به الآن هو في حدود الـ18 دينارا. إنه سعر مرتفع للغاية".
وتضيف: "مقاومة هذا الغلاء تكون عبر الاستغناء عن هذه النوعية من العصيدة والرجوع إلى عصيدة الأولين، أي العصيدة البيضاء".
يذكر أن كلفة إعدادها تقدّر بـ70 دينارا تونسيا (قرابة الـ52 دولارا).