الاحتفالات بعيد
المولد النبوي في
المغرب، لم تخفت جذوتها منذ قرون، رغم تقدم الحياة المعاصرة، ونقاش خفي تتناقله الألسن حول مدى الشرعية الدينية للاحتفاء بهذه المناسبة.
قُبيل موعد
ذكرى المولد النبوي بأيام، تغُصّ المحلات التجارية والأسواق في مدن المغرب وأريافه بالمُقبلين على شراء أصناف الحلوى المتنوعة والملابس الجديدة للصغار، لارتدائها في يوم العيد.
في صبيحته يستيقظ الأهالي فجرا، للبدء في تهيئة الإفطار بعد أداء صلاة الفجر، حيث تمتلئ الموائد بأطباق مغربية خاصة، وحلويات أصيلة، وتتبادل العائلات الزيارات والتهاني طوال اليوم بحلول هذا اليوم الذي لا تقل مكانته في المخيلة الشعبية المغربية عن سائر الأعياد الدينية.
تحتفي بعض المساجد في المغرب بليلة ذكرى المولد النبوي، موقدة البخور حيث تتلى فيها الأذكار والمدائح النبوية، في حين يحرص الرجال والنساء على حد السواء، على ارتداء الألبسة التي يحضرونها قبل أسابيع من حلول هذه المناسبة، فترتدي النساء "القفطان" المغربي المطرز بالزخارف التقليدية، بينما ينتعل الرجال "البلغة" (حذاء مغربي تقليدي مصنوع من الجلد)، ويلبسون الجلاليب المغربية الأصيلة.
في السوق الشعبي وسط العاصمة المغربية الرباط، يقول محمد المهتدي، بائع الأحذية الجلدية والملابس المغربية التقليدية، إن "الإقبال على اقتناء القفاطين والجلاليب التقليدية خلال عيد المولد النبوي أقل بالمقارنة مع الأعياد الدينية الأخرى، إلا إن الناس يحرصون على الاعتناء بملبسهم وشراء أزياء جديدة".
الاحتفاء بعيد المولد النبوي في المغرب لا يقتصر على المظاهر الشعبية فقط، بل ينسحب على احتفالات رسمية تنقلها القنوات المحلية في البلاد، حيث يُرتقب أن يترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس العائد من زيارة للأراضي التركية، ليلة السبت، حفلا دينيا رسميا احتفالا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، بمسجد حسان التاريخي، في العاصمة المغربية الرباط.
ويحضر حفل الاحتفاء بذكرى المولد النبوي شخصيات بارزة في الدولة المغربية، حيث توقد مشاعل البخُور، وتتلى آيات القرآن الكريم، وتنشد المدائح المتغنية بخصال الرسول الكريم وسيرته.
يأتي هذا، فيما تدعو تيارات سلفية إلى الابتعاد عن الاحتفال بعيد المولد النبوي، لأنه - وفق ما يرون - يندرج في إطار البدع التي تعمُ طقوس الاحتفاء الديني في المُجتمعات الإسلامية، وإلى تجنب الانسياق وراء بعض مظاهر الاحتفال الصاخبة الشائعة لدى الطرق الصوفية.
وفي المقابل، تحيي عدد من الطرق الصوفية الشهيرة في المغرب ليلة ذكرى المولد النبوي بتلاوة الأذكار والمدائح والأناشيد الدينية في بعض المدن المغربية التاريخية، فالزاوية التيجانية بمدينة فاس (شمال شرق البلاد)، تستقطب الآلاف من مُريديها من مختلف أنحاء المغرب لإحياء ليلة المولد النبوي.
كما أن الزاوية البودشيشية، تحيي إحدى أشهر الطرق الصوفية في المنطقة، عيد المولد النبوي في أجواء طقوسية لافتة.
أما في مدينة سلا (قرب الرباط) فينطلق موكب "الشموع" من ضريح زاوية مولاي عبد الله حسون، حيث يحمل المُحتفلون شموعا مُلونة وضخمة ويطوفون بها أسوار المدينة القديمة في عادة احتفالية تعود لمئات السنين.