لم يكن عام
2014 مليئاً بالفرح أو السعادة على حد قول منصور، الشاب من مدينة
اللاذقية الذي لا يعرف مصيره خلال الأيام القادمة، لا سيما وأنه مطلوب للنظام السوري وهو ما زال متوارياً عن الأنظار في اللاذقية حتى الآن.
كان وجه منصور مصفراً خلال حديث "عربي21" معه عبر "السكايب" وقال: "وعدونا بالكثير ولم يقدموا لنا شيئاً، ولن نسامحهم على ما وصلت إليه الحال"، مشيراً إلى المعارضة التي قال إنها لم تكن على قلب رجل واحد "في حين أن
الأسد ومؤيديه على قلب أسد واحد".
يتابع: "مات منا الكثير ومات منهم الكثير (النظام) والقادم أعظم". وتحولت نبرة صوته إلى الانفعال الشديد حين تذكر أصدقاءه الذي قتلوا، وختم حديثه متوجهاً لهؤلاء الأصدقاء: "يلا بكرا بتسمعوا عني شي، إما ميت أو معتقل، بس بدي سبكن إذا طلعت على قناة الدنيا (المؤيدة للنظام السوري)".
منصور ليس الشاب الوحيد الذي يعبر بغضب تجاه ما يجري، بل ربما يكون للكثير من أبناء الأحياء المعارضة في مدينة اللاذقية رأي مماثل. فآية، وهي شابة تبحث عن زوجها الذي يقبع في غياهب سجون النظام، تقول: "أريد الوصول إلى أي شخص يقدر على إخراجه، ولو بعت نفسي وأعضاء جسدي بس كرمال أبو ولادي.. وينو كرمال الله".
لا تعلم آية بأي ذنب تم زج زوجها بالسجن، لكنها فقدت "سندها"، ولم تجد من "يطبطب لها على كتفها"، على حد قولها، سوى طفليها الصغيرين اللذين ينامان معها في الغرفة نفسها، وترى فيهما "شيئاً من الأمل في المستقبل القريب".
لا تدري آية ماذا تعمل لتعيل طفليها، وكيف ستواجه صعوبات الحياة القاسية الحالية، لكنها تخشى في العام الجديد أن تسمع خبراً سيئاً عن زوجها وماذا ستقول لطفليها. وتضيف: "لا أستطيع أن أنظر إلى الأمور بتفاؤل وأمل، فكل شيء حولي قاتم وأسود، وما حدا فات على السجن وطلع عايش، لك اللي بيطلع بيموت بعد كم يوم بس، ويادوب يعد الأموات اللي شافن بالسجن" كما تقول.
عامر شاب آخر، قال لـ"عربي21" عبر "الفيسبوك": "لا تسألني ولا شي، بكرا إذا طلعت من اللاذقية بخير وسلامة بحكيلك كل البلاوي اللي عم تصير، بس لا تتوقع أهل البلد بيوم من الأيام يحبوكم أنتو جماعة المعارضة لأنكن خذلتونا" حسب تعبيره.
عامر شاب لا يتجاوز العشرين من العمر، وربما في العام الجديد سيحوله النظام السوري إلى جندي في جيشه، لكن عامر لا يريد ذلك، وهو سيحاول الخروج باتجاه المناطق الخارجة عن سيطرة النظام أو إلى تركيا.
هذه بعض من آراء الناس في اللاذقية حول العام الماضي، وما ألم بهم من مآس، حيث لا يبدون أية فرحة أو أمل بالعام الجديد، وربما سيكون أليماً أكثر من سابقه.
وفي جانب آخر من أحياء اللاذقية المؤيدة، لا يتوقع أن يحمل العام الجديد أي مفاجآت لقاطني هذه المناطق، فما زالت سيارات الإسعاف تتوافد محملة بالعديد من الجثث لقتلى النظام السوري يومياً. ويستقبل أهالي القتلى جثث أبنائهم بإطلاق النار في الهواء، حيث إن صوت الرصاص بات أمراً مألوفاً ويكاد يكون يومياً، رغم عدم وجود معارك في المنطقة، وفق ما يؤكد شاب معارض يقطن قريباً من حي الزراعة المؤيد للنظام.
وفي حالات أخرى، يصعب التعرف على الجثث لكثرة التشوهات، وبالتالي يكون مصيرها في مقبرة مخصصة لمثل هذه الحالات، حيث تدفن في مكان مجهول.
ومع اقتراب
الثورة السورية من دخول عامها الرابع، لم تحمل بداية السنة الجديدة أي أمل بانتهاء المأساة المستمرة، فلا مكان آمناً في
سوريا من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، فلكل مكان نصيب من الدماء والدمار.