في تقرير كتبه مراسل صحيفة "الغارديان" في القاهرة باتريك كينغزلي، تحت عنوان "أسوأ من الديكتاتوريين: قادة
مصر يسحقون أعمدة الحرية فيها"، صور فيه حكم الرئيس الانتقالي
عدلي منصور، ومن بعده عبد الفتاح
السيسي من خلال القرارات أو المراسيم الرئاسية، حيث منعا الاحتجاج وقيدا من حرية التعبير.
وينقل التقرير عن خبراء قانونيين يمثلون أربع مؤسسات أكاديمية وحقوقية، قولهم إن مصر تقوم بتعزيز القوانين
الديكتاتورية بمعدل لا يجاريه أي نظام مر عليها منذ ستين عاما.
ويبين الكاتب أنه منذ الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013 استخدم من جاء بعده، وهما منصور والسيسي، غياب البرلمان المنتخب لإصدار قوانين صارمة قيدت حرية التعبير والتظاهر والتجمعات.
وتجد الصحيفة أن السرعة التي صدرت فيها القرارات قد تفوقت على جنون إصدار القرارات الذي اتسم به عهد الديكتاتوريين أنور السادات وحسني مبارك، وهو وضع يشبه الفترة التي أعقبت الإطاحة بالحكم الملكي في عام 1952، حسب عمرو الشلكني، المحاضر في علم القانون في الجامعة الأمريكية في القاهرة، وعمرو عبد الرحمن، مدير
الحريات المدنية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومحمد الحلو، مدير البحث في المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، وأحمد عزت، المحامي في مجال حقوق الإنسان.
وقال الشلكني "هذا الوضع ليس طبيعيا"، و"من الناحية التاريخية فهو لا يساير التجربة التشريعية الطبيعية التي مارسناها في هذا البلد"، ويرى أن السابقة الوحيدة هي التي بدأها مجلس قيادة الثورة عام 1952، مستدركا أن "معدل القرارات أسرع حتى مما شهده العام الأخير من حكم السادات عام 1981، كما أن مدى القرارات أوسع"، بحسب الصحيفة.
ويذكر التقرير أن القرارات التي أصدرها منصور، الذي نصبه السيسي بعد الإطاحة بمرسي، ومن ثم السيسي نفسه، تضم قرارات تحظر التظاهر، وتوسيع سلطة المحاكم العسكرية، ومد مدة الحبس قبل تقديم المتهم للمحاكمة، وتقييد حرية الإعلام ومنعه من تغطية عمليات القوات المسلحة دون إذن مسبق.
ويرى الكاتب أن ما يثير القلق أن القرارات صدرت دون رقابة برلمانية، وبرقابة اسمية من الحكومة ولجنة يمارس السيسي تأثيره عليها.
ويقول عبد الرحمن إن "السادات ومبارك لم يستخدما سلطتهما لإصدار قرارات مثيرة للجدل في غياب البرلمان بالدرجة ذاتها التي يقوم بها السيسي الآن"، خاصة أن "هذه قرارات مرتبطة بمجالات مختلفة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية، التي تم تمريرها دون أي نوع من الحوار الوطني".
ويفيد التقرير أن السيسي كان قد أعلن عن خريطة طريق عندما أطاح بالرئيس مرسي، وفيها إجراء انتخابات برلمانية في نهاية العام الماضي أي 2013. وبعد مراجعة خريطة الطريق تم تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى تموز/ يوليو 2014، ولكن ورغم السرعة التي تم فيها تمرير القوانين فحتى تعقد الانتخابات البرلمانية هناك حاجة لقانون ثان لم يتم إكماله، ما يعني أن مصر لن تنتخب نوابا للبرلمان حتى عام 2015.
وتذهب الصحيفة إلى أن السيسي ومنصور ملأا الفراغ وأصدرا سلسلة من القرارات المثيرة للجدل، متجاوزين في هذا صلاحياتهما الدستورية. وبحسب الحلو "يعطي الدستور الرئيس الحق لإصدار قرارات في أوضاع استثنائية وللضرورة، ولكن القوانين التي أصدراها لم تكن مطلقا ضرورية، وعجلة الدولة لن تتوقف لو لم تصدر".
وهذه هي القوانين التي أصدراها حسب الترتيب الزمني:
قانون المناقصات، أيلول/ سبتمبر 2013:
وهو قرار أصدره عدلي منصور، يسمح للوزراء بمنح عقود للشركات دون عرضها على المناقصة العامة، وحصل الجيش في الأشهر التي تبعت صدور القرار على عقود إعمار بلغت قيمتها مليار دولار.
قرار تمديد مدة الحبس الاحتياطي في فترة ما قبل المحاكمة، أيلول/ سبتمبر 2013:
شُطب قرار المدة المقررة قانونيا للحبس قبل تقديم المتهم المحكوم عليه بجرائم تصل للسجن المؤبد، ما سمح لتمديد حبس عدد من المعارضين السياسيين ممن لم يدانوا في الحبس الاحتياطي ولأمد غير محدد.
قانون حظر التظاهر، تشرين الثاني/ نوفمبر 2013:
تحول قانون حظر التظاهر إلى واحد من أهم أدوات القمع التي استخدمتها الدولة لاعتقال الأشخاص.
قانون الاستثمار، نيسان/ إبريل 2014:
يمنع هذا القانون طرفا ثالثا من تقديم استئناف ضد قرارات الحكومة منح عقود استثمار. ويقول المحامي عزت "هذا قانون خطير، ولو كنت مواطنا وشاهدت عقدا يحتوي على فساد فإنه لا يمكنك الاستئناف، وهذا هو في حد ذاته تعريف للفساد".
قانون الانتخابات، حزيران/ يونيو 2014:
يخشى الخبراء القانونيون من أن يؤدي النظام الانتخابي الجديد لمنح مزايا للنخبة السابقة، ويمنع الأحزاب الليبرالية التي نشأت بعد الثورة. ويعلق عبد الرحمن بالقول "لقد تم تصميم القانون الانتخابي للتأكد من أن يكون البرلمان مخصصا فقط للأثرياء".
قانون الجامعات، حزيران/ يونيو 2014:
أعطى السيسي نفسه الصلاحية كي يقوم بتعيين رؤساء الجامعات، وهو ما يمنحه السلطة للسيطرة عليها بالطريقة ذاتها التي قام بها مبارك بالتحكم بالجامعات، التي تحولت مركزا للتظاهر منذ الإطاحة بمرسي.
قانون التحكم بالدعم الخارجي، أيلول/ سبتمبر 2014:
فبحسب هذا القانون أصبح الطلب أو الحصول على دعم أجنبي لغرض "المس بالمصالح القومية" جرما يعاقب عليه بالسجن مدى الحياة. ورغم أن الحكومة تقول إن القانون يستهدف الإرهابيين، إلا أن منظمات حقوق الإنسان التي تحصل على دعمها من الخارج انتقدت القرار وصياغته الغامضة، التي تسمح للدولة باستخدامه ضد جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان.
قانون توسيع سلطة المحاكم العسكرية، تشرين الأول/ أكتوبر 2014:
منح الجيش سلطة قانونية على مساحة واسعة من الحياة العامة، وبينها الطرقات والكباري والجامعات. ويهدف القانون إسميا لمواجهة الإرهاب، ولكنه يسمح للحكومة باستخدامه ومحاكمة أعضاء المعارضة السياسية أمام المحاكم العسكرية.
قانون إنذار الجمعيات الحقوقية، تشرين الثاني/ نوفمبر 2014:
أصدرت الحكومة إنذارا لجمعيات حقوق الإنسان، وطلبت منها التوقيع على تشريع يعود لفترة مبارك أو وقف نشاطاتها (التسجيل في وزارة الشؤون الاجتماعية). ولم تظهر الآثار السلبية لهذا الإنذار بعد، ومع ذلك قامت معظم منظمات حقوق الإنسان بالتقليل من نشاطاتها أو جمدتها بالكامل.
قانون الإرهاب، مسودة كانون الأول/ ديسمبر 2014:
في حالة وضع السيسي ختمه عليه فسيوسع القانون تعريف الإرهاب ليشمل أي شيء يقع تحت مسمى "الإضرار بالمصالح القومية"، وهو تعريف هلامي يطبق على المعارضة. ويعلق عبد الرحمن على هذا القانون قائلا: "إنه أفظع قانون حسب رأيي، إنه غامض ويمكن أن يطبق على كل شيء وغير مسبوق".