لم يستبعد المفكر الجزائري، سعد عبد الله جاب الله، أن تدخل
تونس، بمرحلة تضييق سياسي وحقوقي بعد فوز، الباجي قايد
السبسي بانتخابات الرئاسة، التي جرت يوم21 كانون الأول/ ديسمبر، كما يرى أن "حل
حركة النهضة أمر وارد من قبل السلطات الجديدة المنتمية للتيار العلماني في تونس".
وقال المفكر سعد عبد الله جاب الله، وهو أيضا رئيس "جبهة العدالة و التنمية"، ذات التوجه الإسلامي، في تصريح لـ"عربي21"، الثلاثاء "لا نستبعد أن نشهد إجراءات تضييق على الشعب التونسي"، ورجح "وجود مخطط رسم ضد حركة النهضة" التي يرأسها راشد الغنوشي.
وعاب على النهضة "إمعانها في تقديم تنازلات سياسية".
وقال جاب الله "هناك تيار يتغول وهو التيار العلماني الذي يريد الاستحواذ على الحكم في الدول العربية التي شهدت ثورات الربيع العربي، عبر الثورات المضادة"، وتابع: "هذا الذي حصل في مصر، حيث انقلب عبد الفتاح السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي، ويحصل في اليمن، التي فتحت السلطة فيها للحوثيين الباب وأمدتهم بالسلاح، وكل هذا من أجل قطع الطريق أمام الشيخ الزنداني مؤسس حركة الإخوان المسلمين في اليمن. يحدث ذلك رغم أن الزنداني ترك السياسة".
وتابع الجزائريون مجريات الانتخابات بالجارة الشرقية، تونس، وسط تساؤلات بشأن تمكن المترشحين "كبار السن"، من مفاتيح قصور الرئاسة، في دول شمال إفريقيا، حيث فاز السبسي برئاسيات تونس، بينما سبقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى الفوز بانتخابات الرئاسة يوم 17 نسيان/ أبريل الماضي، لفترة رابعة وهو على كرسي متحرك.
وغالبا ما كانت الشخصيات السياسية العائدة من "الأنظمة السابقة" تكن عداء للتيار الإسلامي، وقد خدمها في ذلك، رأي عام عربي "يندب" على ما يحصل في سوريا والعراق وليبيا.
ويرى جاب الله أن "هناك تيارا تغريبيا يستلم السلطات في الدول العربية، من الأنظمة التي أزاحتها الثورات، حيث أنها تعود في ثوب جديد، الأمر الذي حصل مع الباجي قايد السبسي، الذي يعتبر رمزا من رموز الرئيس الهارب زيد العابدين بن علي وقبله لحبيب بورقيبة".
وعاد جاب الله إلى الجزائر مطلع تسعينيات القرن الماضي، وأفاد: "حصل هذا عندنا بالجزائر، بعد ثورة 5 تشرين الأول/ أكتوبر 1988، نظمت انتخابات نيابية فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ثم عمد الجيش إلى وقف المسار الانتخابي، وحكمت البلاد بعدها بالحديد والنار".
وأضاف جاب الله "النخب العلمانية المرتبطة بالغرب، تحالفت مع سيدها واستنجدت به ورضيت أن تكون أداته في الانقلاب على إرادة الشعوب".
ويسلم التيار الإسلامي، بنتائج الانتخابات التونسية، ولو على مضض، باعتبارها أفرزت رئيسا لا يجاريها المواقف الإيديولوجية.
وقال فاروق تيفور، عضو المكتب الوطني بـ"حركة مجتمع السلم"، الإسلامية المعارضة، إنه "يتعين على الحكومة التونسية والرئيس الجديد وكذلك البرلمان، تحمل المسؤولية التاريخية، كما يقع على المعارضة سواء كانت ممثلة في حركة النهضة أم شخص منصف المرزوقي الراحل عن قصر قرطاج، أن تحقق ميزان القوة".
وأشار تيفور إلى مخاوف مما سماه "احتمال أن يكون هناك تحالف بين الرئيس السبسي وقوى إقليمية معادية للحرية والديمقراطية"، وأكد أنه "أمر متوقع الحدوث".
وتطرح تساؤلات بالجزائر، حيال نظرة السبسي لما تكون عليه العلاقات الجزائرية التونسية، التي دعمت أكثر في عهد منصف المرزوقي، خاصة فيما يتعلق التنسيق الأمني في محاربة الإرهاب.
وقال محمد خلفاوي، العقيد المتعاقد من الجيش الجزائري، في تصريح لصحيفة "عربي21"، الثلاثاء "أتوقع أن يزداد التنسيق الأمني بين الجزائر وتونس أكثر في عهد السبسي، لكن هذا لا ينقص من حجم التعاون الأمني في عهد المرزوقي".
وتوقع خلفاوي، أن يعمد الرئيس التونسي الجديد إلى "تضييق أكبر على تحركات الجماعات الإرهابية، وبالمقابل سوف تعمل التنظيمات الإرهابية على محاولة فك الخناق عليها خاصة على الحدود مع الجزائر، وذلك بإعلان مبايعتها لتنظيم داعش".