هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتفاوت التقديرات بشأن آثار وانعكاسات انهيار أسعار النفط على الاقتصاد العالمي والاقتصادات المحلية، إلا أن ما يجمع عليه المحللون والمراقبون الاقتصاديون أن انخفاض الأسعار فاقم بشكل كبير من الأزمة الاقتصادية في روسيا التي بدأت مع العقوبات الغربية على موسكو، وهو ما يفاقم في النهاية من الأزمة السياسية التي تعصف بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبإصرار السعودية على مواصلة سياستها التي أدت الى الهبوط الحاد في أسعار النفط، تتزايد الشكوك بشكل مستمر حول أن الرياض تقصد ضرب أسعار النفط لتفاقم من العقوبات التي تتعرض لها كل من روسيا وايران، بما يدخل كلًا من البلدين في أزمات اقتصادية خانقة.
وقالت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها السبت إن المؤكد هو أن هبوط أسعار النفط ليس خبراً جيداً للرئيس بوتين، لكنه في المقابل أمر ايجابي بالنسبة للاقتصاد العالمي، مشيرة الى أن "الهبوط الحاد الذي منيت به أسعار النفط خلال الشهور الثلاثة الماضية أنتج الكثير من القلق غير الطبيعي في العالم، إلا أن هذه المخاوف ليست في محلها، إذ إن الاعتقاد بأن الأسعار المنخفضة هي أمر سلبي للاقتصاد العالمي، وخاصة الدول المتقدمة، يمثل حالة من سوء الفهم للمشكلة".
وتقول "فايننشال تايمز" إن الانخفاض في أسعار النفط ليس بالضرورة أمرا سيئا، حيث إن الهبوط المستمر بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، وخاصة في منطقة اليورو، سيعني رفع أسعار الفائدة، وهو ما سيدفع إلى خفض الاستهلاك ويؤدي بالتالي الى التباطؤ في النمو الاقتصادي، لكنه سيؤدي أيضاً الى كبح جماح التضخم، ويؤدي لاحقًا إلى نمو اقتصادي حقيقي، وليس نموًا يقوم على إعادة التداول.
وبحسب الصحيفة فإنه على المدى المتوسط ربما تؤدي أسعار النفط المتدنية إلى ضرب رؤوس الأموال وبعض المجالات الصناعية، إلا أن هذه القطاعات سوف تستفيد فورًا وعلى المدى القصير من هبوط أسعار الوقود المستخدم في العمليات الانتاجية، بما يؤدي إلى ارتفاع ملموس في الدخول المالية للشركات والمصانع والمنشآت التي تستفيد من تراجع أسعار الوقود.
وتشير الصحيفة الاقتصادية المتخصصة إلى أن تراجع أسعار النفط، وبالتالي انخفاض أسعار الوقود، يلاقي ترحيبًا واسعًا في بريطانيا حالياً، حيث إن متوسط الدخول المالية الحقيقية للأسر تراجع العام الماضي بنسبة 6% مقارنة مع ما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية العالمية، وهو ما يتوقع أن يعاود الانتعاش بفضل هبوط أسعار الوقود، وتراجع نسب التضخم المتوقع أن يتم تسجيلها في بريطانيا.
وتدعو الصحيفة كلًا من البنك المركزي في اليابان، إضافة إلى المركزي الأوروبي، إلى الإبقاء على برامج التيسير الكمي التي تتمثل في إعادة شراء الأصول، من أجل الحفاظ على الانتعاش الاقتصادي، وهو الطريق ذاته الذي سلكه مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي من أجل إنعاش الاقتصاد، وهو المجلس الذي لجأ الى تأجيل رفع أسعار الفائدة من أجل الحفاظ على الانتعاش الاقتصادي في البلاد.
وبينما تتحدث الصحيفة البريطانية عن فوائد محتملة للاقتصاد العالمي من هبوط أسعار النفط، إلا أنها تؤكد بأن هذه المستويات من الأسعار تسبب أزمة حقيقية لروسيا ولرئيسها فلاديمير بوتين.
يشار إلى أن الروبل الروسي مني بخسائر حادة خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب التوقعات بدخول البلاد في أزمة مالية خانقة، حيث تراجع الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ العام 1998.