يدعي أن
المصريين في انتظار عودته، وكأنه المسيح المخلص، لكن العسكر الذين يجلسون على كرسي الحكم لا يرغبون في منافس قديم/ جديد لسلطتهم، لذلك فهو غير مرحب به، ومن الأفضل له وللعسكر أن يبقى هناك في
الإمارات العربية المتحدة، ربما إلى الأبد، إلا إذا كان هناك رأي أخر لأبو ظبي.
على الرغم من عدم وجود شفيق في مصر وعدم السماح له بالعودة لأسباب بقضايا فساد مرفوعة ضده، إلا أنه يقود تحالف الجبهة المصرية، المكوّن من رموز نظام محمد حسني مبارك من أعضاء الحزب الوطني المنحل، ويتابع بشكل مباشر السياسات العامة التي يقوم بها التحالف قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة.
قبل نحو شهرين توجهت قيادات في حزبه "الحركة الوطنية " إلى الإمارات للقائه، ولعرض قائمة التحالفات الانتخابية واختيار مرشحي "تحالف الجبهة" الذين يسعون إلى حصد الأغلبية البرلمانية من أجل تشكيل الحكومة المصرية الجديدة.
وهو يؤكد منذ أشهر أنه ينتظر إنهاء الإجراءات القانونية لكي يعود إلى القاهرة زاعما أن جميع القضايا التي اتُهم فيها منذ حزيران/ يونيو 2012، حتى الآن، انتهت بشكل نهائي.
لكن عودته تبقى معلقة، فبالإضافة إلى البعد الشخصي فهو، وفقا لإعلاميين مصريين "لاجئ في الإمارات"، والإمارات هي الحليف الأكثر قوة وموثوقية للنظام المصري الحالي، ومن المحال تصور أن الإمارات عاجزة عن تسوية خلاف شفيق مع الرئيس عبدالفتاح
السيسي والمؤسسة العسكرية، سواء بالضغط على شفيق أو النظام".
و هذا يعني أن الإمارات "راضية بتلك الوضعية، وأن تعليق وضعه مقصود، وأن الطيار السابق يمثل دورا مستقبليا محتملا وجديا في رؤية الإمارات للحكم في مصر".
لكن الفريق أحمد محمد شفيق زكي، المولود في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1941، لا يزال يحلم بكرسي الحكم الذي سبق له أن خسره أمام محمد مرسي، ولا بأس في البقاء منتظرا في قاعة "الترانزيت" أو السوق الحرة في المطار بانتظار الإذن له بالعودة.
خبرات
أحمد شفيق عسكرية في معظمها، فهو تخرج عام 1961 من الكلية الجوية، عمل بعدها كطيار في القوات الجوية المصرية، كما شارك في حرب الاستنزاف التي بدأت بعد عدوان حزيران / يونيو 1967 وحرب أكتوبر (تشرين الأول)عام 1973، وحصل على درجة الماجستير في العلوم العسكرية وعلى زمالة "كلية الحرب العليا" من "أكاديمية ناصر العسكرية العليا" وزمالة "كلية الحرب العليا للأسلحة المشتركة" بباريس، إضافة إلى دكتوراه الفلسفة في "الإستراتيجية القومية للفضاء الخارجي."
عمل في الفترة بين عامي 1984 و1986 في سفارة مصر بإيطاليا كملحق عسكري.
وفي عام 1991 عين رئيسًا لأركان القوات الجوية المصرية، وفي نيسان/ إبريل عام 1996 عين قائدًا للقوات الجوية، واستمر في هذا المنصب 6 سنوات وتعتبر أطول فترة لقائد القوات الجوية في مصر، وبعد تركه لمنصبه عين في عام 2002 وزيرا للطيران المدني.
وعلى وقع أصوات الربيع العربي كلفه حسني مبارك في كانون الثاني/ يناير عام 2011 بتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة أحمد نظيف، كمحاولة من النظام لتخفيف حدة وزخم المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الواسعة التي طالبت بإسقاط النظام.
بعد تنحي مبارك عن الحكم وتسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة للسلطة في 11 شباط/ فبراير عام 2011 سقطت حكومته التي استمرت في الحكم نحو شهر واحد، ففي آذار / مارس عام 2011 تقدم باستقالته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وذلك قبل يوم واحد من مظاهرات مليونية دعت لها عدة حركات شبابية علي رأسها " الإخوان المسلمين" و"حركة شباب 6 أبريل" و"ائتلاف شباب الثورة " من أجل الإطاحة بحكومته والتي اعتبروها من بقايا نظام مبارك.
في العام التالي وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المصرية، لكن لجنة الانتخابات الرئاسية المصرية قررت استبعاده من قائمة المرشحين تطبيقاً لقانون العزل السياسي الذي أقره المجلس العسكري في وقت سابق من نفس اليوم. لكن اللجنة اضطرت إلى أعادته إلى قائمة المرشحين بعد يومين بعد أن طعن أمام اللجنة على القانون مستنداً إلى أن القانون الجديد غير دستوري.
وجهت له اتهامات بالفساد بعد أن تقدم عدد من العاملين بوزارة الطيران المدني وشركة مصر للطيران في عام 2012 بأربع وعشرون بلاغًا إلى النائب العام يتهمونه بإهدار المال العام في مشروع تجديد مطار القاهرة الذي بلغت تكلفته 3,3 مليار جنيه بقروض من البنك الدولي، ومحاباة علاء وجمال مبارك الشريكان في شركة موفنبيك، كما اتهمه نائب بمجلس الشعب المصري ببيع 40 ألف دوما و38 متر تقع على البحيرات المرة لنجلي مبارك، بسعر أقل من سعرها الحقيقي.
نجح شفيق في حصد نحو 24% من أصوات الناخبين ليخوض جولة إعادة مع مرشح حزب "الحرية والعدالة" و" الإخوان المسلمين " محمد مرسي الذي حاز بدوره على 25% من الأصوات. وفى حزيران/ يونيو أعلن رئيس اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة فوز مرسي برئاسة الجمهورية بعد حصوله على 13 مليون و230 ألف 131 صوت (أي ما يعادل 51.73% من إجمالي الأصوات) فيما حصل شفيق على 12 مليون و347 ألف و380 صوت (إي ما يعادل 48.27%).
لكنه بعد الاتهامات التي وجهت له غادر مصر إلى الخارج مؤكدا أنه لم يهرب من مصر، وأنه خرج من البلاد عقب انتهاء الانتخابات من أجل أداء العمرة، يقول إنه :" فوجئ بسيل من الاتهامات الموجهة له على الرغم من الترحيب الذي قدمه للرئيس المنتخب محمد مرسي فور إعلان نجاحه."
شفيق يرفض أن يتم احتسابه من رموز النظام السابق الذين يطالبوا بالتصالح قائلا: "أنا لست من رموز النظام السابق المطلوب التصالح معهم"، مؤكدا أن "كل ما يقال ضده هو من قبيل الشائعات" التي وصفها بالمغرضة.
شفيق، كان في البداية، مطلب الثورة المضادة، التي نجحت في إيصال الجنرال عبد الفتاح السيسي إلى كرسي الرئاسة، وهو يعرف، أي السيسي، أن شفيق يشكل خطرا عليه بشكل أو بأخر، لأنه هو الآخر طامح وطامع بالسلطة، وهو البديل الجاهز لدوائر الانقلاب في خارج مصر، سواء في واشنطن، أو في بعض دول الخليج.
وفي مرحلة لاحقة سيسوق شفيق على أنه الحل لجميع مشاكل مصر، فهو لم يشارك في القتل، وفي فض الاعتصامات بالدم، ولم يشارك في اعتقال أكثر من 40 ألف مواطن مصري، وليس هو من أطاح بحكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، وليس هو من حول "الإخوان" إلى جماعة "إرهابية"، بالتالي سيدخل إلى المشهد السياسي بوصفه "الأمل في المصالحة"، وفي البدء بحوار وطني بمشاركة "الإخوان المسلمين".
لكن الحالمون الواقفون وراء شفيق نسوا معادلة مهمة وهي أن السيسي يمثل المؤسسة العسكرية والأمنية الحاكمة، وهي مؤسسة قوية ومتماسكة ومستعدة لفعل أي شيء للبقاء في السلطة، وهي لا تمانع، ربما في عودة شفيق، لكن فقط كجزء من الديكور للعبة الديمقراطية، وأن يؤمن بالمعادلة السياسية والإعلامية الحالية في مصر، وهي أن أي سياسي أو إعلامي سيكون بمقدوره التنفس فقط ضمن الحد المسموح به من النظام العسكري الحالي لا أكثر ولا أقل، ويبدو أن شفيق سيوافق على هذه المعادلة إذا رغب حلفائه بذلك.