قال مقاتلو المعارضة في جنوب
سوريا إنهم اتخذوا خطوة نحو الوحدة قد تجتذب مزيدا من المساندة من داعميهم الغربيين والعرب، وذلك بعقدهم اتفاقا للدفاع المشترك، لمساعدتهم في مواجهة قوات النظام ومسلحي
الدولة الإسلامية.
ويعُدّ مراقبون جنوب سوريا آخر معاقل المعارضة "المعتدلة"، خصوصا بعد توسع الدولة الإسلامية في الشرق والشمال، والمكاسب التي حققتها
جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة في الشمال الغربي.
ولا تزال الجبهة الجنوبية القريبة من دمشق تمثل خطرا على الأسد، في وقت يعزز فيه سيطرته على مناطق رئيسية بوسط سوريا، إذ يقول محللون متابعون إن جماعات المعارضة "المعتدلة" وجبهة النصرة على حد سواء حققتا مكاسب ثابتة، وإن كان بخطوات بطيئة في الجنوب في مواجهة قوات النظام.
وبينما تبحث الولايات المتحدة عن شركاء على الأرض في حملتها ضد الدولة الإسلامية، يحاول مقاتلو المعارضة في الجنوب التعامل مع الانتقادات التي توجّه منذ فترة طويلة للمعارضة "المعتدلة" من خلال تنظيم صفوفهم بصورة أفضل.
وقال بشار الزعبي، قائد جيش اليرموك - أحد أكبر جماعات المعارضة في الجنوب - إنهم يمشون ضمن خطوات، إذ تعدّ "معاهدة الدفاع المشترك جزءا من الخطة الكاملة لتوحيد الجبهة الجنوبية".
ووقع الاتفاقية المؤرخة في 6 كانون الأول/ ديسمبر، 17 من زعماء مقاتلي المعارضة، بعد أن اتفقت جماعات المعارضة في الجنوب على خطة للانتقال السياسي في سوريا.
ويقول محللون إن الخصومة بين مجموعة كبيرة من الجماعات غير الجهادية أصبحت واحدة من نقاط ضعفها الرئيسية، خصوصا بأن المعارضة، التي تتخذ من تركيا مقرا لها، لا تملك أي تأثير يذكر على الجماعات المسلحة.
وكشف مقاتلو المعارضة في الشمال الأسبوع الماضي النقاب عن "مجلس قيادة الثورة" الذي يجمع أطيافا من المعارضة "المعتدلة" مع تنظيمات إسلامية، منها جماعة أحرار الشام - التي ساوى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بينها وبين الدولة الإسلامية - ما يجعل شراكة أعداء الأسد الغربيين معها احتمالا بعيدا.
وتظهر المبادرات المختلفة المسارات المتباينة التي تسلكها الحرب، إذ يعتقد مقاتلو المعارضة في الجنوب أن حل الصراع في الجنوب أسهل من حله في الشمال الذي يهيمن عليه الإسلاميون.
وتتبنى معارضة الجنوب نهجا سيؤدي إلى انتهاء الحرب في الجنوب أولا، يحافظون به على أجهزة الدولة وضمان حقوق الأقليات الدينية، التي تشعر بالقلق من أن يكون تنظيم القاعدة هو بديل الأسد.
وتلقى مقاتلو الجنوب ما وصفوها بكميات صغيرة من المساعدات العسكرية والمالية من دول غربية وعربية، تم توصيلها لهم عن طريق الأردن الحريص على حماية حدوده مع سوريا من الجهاديين، في وقت تُعَدّ فيه السعودية والإمارات الداعمتين الرئيستين من الدول العربية لمقاتلي المعارضة في الجنوب، في غياب للدعم القطري عنهم.
وأشاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدعم الأردن للمعارضة السورية "المعتدلة" خلال اجتماع مع الملك عبد الله في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر في إشارة على ما يبدو إلى مقاتلي المعارضة في الجنوب.
الدولة الإسلامية
وعلى الرغم من تلقي معارضة الجنوب دعما يشمل صواريخ مضادة للدبابات، فإنه لم يتضح بعد المكان الذي يمكن أن تحتله في خطط الولايات المتحدة لبناء قوة معارضة لمواجهة الدولة الإسلامية، التي تمثل تهديدا أكبر في شمال سوريا في الوقت الحالي.
وقال القيادي في إحدى جماعات الجبهة الجنوبية في دمشق أبو حمزة القابوني إن "مقاتلي المعارضة يسعون للاندماج ليصنعوا ما يشبه الجيش"، مضيفا أن "أول فائدة من هذه الاتفاقية جعلها مسألة التوحيد أسهل"، معتبرا أن "النظام هو العدو الأول، وداعش هي الهدف الثاني"، على حد قوله.
وقال المحلل العسكري الأردني اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار إن مقاتلي المعارضة يحققون مكاسب تدريجية، مضيفا "إنهم يتحركون باتجاه قيادة مركزية"، مشيرا إلى الدعم الخارجي الذي يعُدّه "بعدا خارجيا أجنبيا يسمح لهم بالعمل بهذه الطريقة"، على حد قوله.
يذكر أن جبهة النصرة تقاتل في صف الجماعات المدعومة من الغرب في الجنوب، وإن كان مقاتلو
المعارضة المعتدلة يقولون إنهم لا ينسقون معها.
وتوقع محمد المحاميد، وهو زعيم جماعة أخرى من جماعات الجبهة الجنوبية، تحقيق مزيد من المكاسب، بقوله إنه بعد تنفيذ الميثاق فإن "التقدم سيتضاعف"، مشيرا إلى أن "الدول الصديقة لديها نظرة أوسع للأقوى على الأرض، قبل أن يدعموه".