كتب لؤي قدومي: قد يكون هذا الشتاء هو الأقسى والأكثر سوداوية لنحو مليوني لاجئ سوري، سحب المجتمع الدولي يده من مأساتهم وقرر تركهم ليواجهوا مصيرهم الذي سيحكمه ثلاثي الجوع والبرد والمرض.
فبعد إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأنه سيضطر لتعليق مشروع توزيع القسائم الغذائية لنحو أكثر من 1.7 مليون سوري في دول الجوار السوري، بات واضحا أن الجهات المانحة ملت ربما من طول أمد الأزمة السورية، وقررت إلقاء العبء بكامله على الدول المجاورة، التي باتت تعاني من تبعات اقتصادية واجتماعية خطيرة؛ نتيجة عجزها عن التعامل مع أفواج اللاجئين التي تصل إليها بالمئات يوميا وسط تجاهل دولي غير مبرر.
ونتيجة لهذا الوضع المزري بدأ كثير من اللاجئين يتساءلون عما إذا كان من الأفضل لهم العودة إلى مدنهم والموت تحت ركام منازلهم، أو بقذيفة يطلقها هذا الطرف أو ذاك، بدلا من الموت جوعا وبردا في مخيمات مكتظة، لم تعد تتوافر على الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم.
ففي الأردن مثلا يوجد اليوم نحو مليون و400 ألف لاجئ سوري بينهم 640 ألفا يحملون صفة لاجئ، وهو ما يشكل نحو 30 بالمائة من عدد سكان المملكة، ومع ذلك فإن الدعم الدولي لهم بات محدودا جدا ويتناقص تدريجيا، ما سيضع الأردن قريبا أمام خيارات صعبة جدا حول كيفية التعامل مع هذا العدد في صور أرقام، تقول إن عدد الطلاب السوريين في المدارس الحكومية بلغ 150 ألف طالب، وإن عدد اللاجئين الذين راجعوا المراكز الصحية الحكومية خلال 3 أشهر فقط تجاوز الـ60 ألفا، في حين لم يستلم الأردن من المانحين سوى 300 مليون دولار.
وفي لبنان لا يقل الوضع سوءا حيث يقترب عدد اللاجئين السوريين من نصف عدد السكان البالغ 4 ملايين لبناني، في ضوء تنصل دولي واضح من المسؤولية تجاه اللاجئين الذين تقول الدولة اللبنانية إن أعباءهم السنوية تصل إلى نحو مليار دولار تقريبا.
ورغم الجهود الجبارة التي تقوم بها دول مثل قطر لدعم اللاجئين السوريين والتخفيف من معاناتهم في دول عدة، فإن المطلوب من المجتمع الدولي أن يتعامل مع مأساتهم بشكل جدي بدلا من تركهم لمصير لا يختلف كثيرا عن ذلك الذي كانوا سيواجهونه في سوريا.
(
عن الوطن)