في غضون الأشهر القليلة الماضية؛ أعربت مصادر عسكرية أكثر من مرة، عن قلقها إزاء التجارب الصاروخية التي قالت إن حركة
حماس رفعت وتيرتها مؤخراً لتصل إلى إطلاق 13 صاروخاً باتجاه البحر.
وقال مصدر عسكري لموقع (0404) العبري، إنه يلاحظ تكثيف "حماس" لتجاربها الصاروخية، وتلك المتعلقة بقذائف الهاون، وإطلاق نيران القناصة، والتدرب على الأسلحة الرشاشة "استعداداً لمواجهة جديدة" ولـ"ترميم وضع التنظيم العسكري بعد الضربة القوية التي تلقاها خلال الحرب الأخيرة" على حد قوله.
وكان مسؤول عسكري
إسرائيلي قد قال في تصريحات لإذاعة الجيش بتاريخ 6 أكتوبر من العام الحالي، إن صواريخ "حماس" التجريبية تعد خرقاً لوقف إطلاق النار المتفق عليه بعد الحرب الأخيرة في قطاع
غزة، مشيراً إلى أن الاتفاق "يمنع الحركة من تطوير قدراتها العسكرية أو تهريب الأسلحة".
وفي كل مرة يعلن فيها الاحتلال عن إجراء "حماس" لتجارب صاروخية؛ تمتنع الحركة عن تأكيد قيامها بتلك التجارب، بيد أن القيادي في حركة حماس يحيى موسى، أكد أن "من حق المقاومة الفلسطينية أن تتسلح، وتجري تجارب لأسلحتها، وتطور من قدراتها العسكرية"، موضحاً أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقع في القاهرة؛ لم يتضمن ما يقيد مثل هذه الأمور.
وقال موسى لـ"عربي21" إن "الاحتلال يمثل أكبر إرهاب ضد شعبنا الفلسطيني، وقوى المقاومة ملتزمة بالدفاع عن شعبها"، متسائلاً: "لماذا يحق للاحتلال أن ينتج الأسلحة ويجري ما شاء من تجارب صاروخية وغيرها، في الوقت الذي تُطالب المقاومة بالكف عن ذلك؟".
رعب إسرائيلي
من جانبه؛ قال الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة، إن الإسرائيليين وعلى رأسهم قادة الجيش والموساد، متأكدون بشكل كبير أن "المقاومة في قطاع غزة لن ترفع الراية البيضاء، وأنها تزيد من قدراتها العسكرية، وتستفيد من تجاربها السابقة".
وأضاف جعارة لـ"عربي21" أن الاحتلال يأخذ تجارب "حماس" الصاروخية على محمل الجد، "فغزة تبتلع نتنياهو بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كما ابتلعت غيره"، مشيراً إلى مدى الرعب الذي يعيشه الإسرائيليون جراء ترميم المقاومة للأنفاق "التي تسعى مراكز البحث العلمي في الجامعات العبرية إلى ابتكار أجهزة تساعد على اكتشافها".
وتابع: "استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشير إلى أن الجولة القادمة للحرب بين المقاومة في غزة والاحتلال ستكون بعد سنتين على الأكثر، لأن الإسرائيليين لم يحققوا شيئاً في الحروب السابقة سوى التدمير المدني، دون التأثير على القدرة التنظيمية أو التصنيعية للمقاومة".
هاجس أمني
وتعدّ "إسرائيل" التجارب الصاروخية التي تجريها المقاومة "تهديداً حقيقياً ووجودياً للأمن الصهيوني؛ لأنها تمس حياة المواطن الإسرائيلي"، بحسب الخبير في الشأن الصهيوني ناجي البطة، الذي أكد أن تلك تطوير أداء المقاومة الفلسطينية بات يشكل "هاجساً أمنياً داخل المجتمع الإسرائيلي، وينعكس على أداء القادة السياسيين".
وأضاف البطة لـ"عربي21" أن الاحتلال يسعى للحد من تجارب "حماس" الصاروخية "من خلال إنشاء المنطقة العازلة التي تكفل بها نظام السيسي في مصر، بهدف منع إدخال مواد خام لتصنيع السلاح".
وبدأت السلطات المصرية مع بداية الشهر الماضي، بإنشاء منطقة عازلة وإخلاء المنازل الواقعة على مسافة 1000 متر بين مدينة رفح المصرية والحدود مع قطاع غزة (بطول 14 كيلومتراً) بحجة "وقف تسلل الإرهابيين" إلى البلاد، بعد الهجوم على نقطة عسكرية، في 24 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أسفر عن سقوط 31 قتيلاً و30 مصاباً، وفق حصيلة رسمية.
وقال البطة إن الإعلام الإسرائيلي كان يركز في الحرب الأخيرة على الأنباء التي تتحدث عن قصف طيران الاحتلال لمخازن الأسلحة والصواريخ في غزة، مشيراً إلى أن "صواريخ المقاومة تشكل هاجساً دائماً لدى صانع القرار داخل دولة الاحتلال، التي لم تستطع القبة الحديدية التي تغنّى بها نتنياهو حمايتها من تلك الصواريخ".
وأوضح أن الاحتلال يجيش الإعلام لإبراز ظاهرة صواريخ المقاومة وما تشكله من خطر على المجتمع الإسرائيلي، ليسوغ لنفسه القيام بإجراءات عسكرية تدفع هذا "الخطر"، مشيراً إلى سلسلة الخروقات التي ارتكبها الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار من خلال الاعتداء على بعض المناطق التي يعتقد أنها تحوي مواقع لتصنيع للصواريخ.
وشدد البطة على أن من "حق المقاومة أن تطور قدراتها العسكرية، طالما لا يوجد اتفاق سياسي ينص على خلاف ذلك"، متسائلاً: "هل يحق لدولة عظمى أن تقوم بتجارب لصواريخ نووية، فيما يحظر على المقاومة أن تطوّر سلاحها للدفاع عن نفسها؟"، في إشارة إلى قيام غواصة روسية بإجراء تجربة اطلاق صاروخ عابر للقارات قبل 10 أيام.
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن أنه دمر جزءاً كبيراً من القدرات الصاروخية في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة في شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس الماضيين، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني، وجرح 11 ألفاً آخرين، فضلاً عن تدمير نحو 90 ألف منزل، وتشريد أكثر من 20 ألف شخص، وفق بيانات أممية.